فى رده على سؤال حول مدى جواز قضاء الصوم عن المتوفى الذي توفي وعليه صيام قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية: إذا أفطر الصائم بعذرٍ واستمر العذر إلى الموت فقد اتفق الفقهاء على أنّه لا يصام عنه ولا فدية عليه، لعدم تقصيره، ولا يلحقه إثم، لأنّه فرض لم يتمكّن من فعله إلى الموت فسقط حكمه، كالحجّ.
وأضاف «جمعة»: أمّا إذا زال العذر وتمكّن من القضاء ولكنه لم يقض حتّى مات فللفقهاء فيه قولان:
فالجمهور من الحنفية والمالكية والجديد من مذهب الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة يرون أنه لا يُصام عنه بعد مماته، بل يُطعَم عنه عن كل يوم مدٌّ، لأنّ الصوم لا تدخله النّيابة فى الحياة فكذلك بعد الوفاة، كالصّلاة.
وذهب أصحاب الحديث وجماعة من السلف كطاوس والحسن البصرى والزهرى وقتادة وأبوثور، والإمام الشّافعى فى القديم، - وهو معتمَد المذهب الشافعى والمختار عند الإمام النّووى، وقول أبى الخطّاب من الحنابلة: إلى أنّه يجوز لوليّه أن يصوم عنه، زاد الشّافعيّة: ويجزئه ذلك عن الإطعام، وتبرأ به ذمّة الميّت، ولا يلزم الولىَّ الصّومُ بل هو إلى اختياره وإن كان أَولَى من الإطعام، لِمَا رواه البخارى ومسلم من حديث عائشة رضى الله عنها عن النّبىّ صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)، ورويا أيضًا من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).
أما الإمام أحمد والليث وإسحاق وأبوعبيد فقالوا: لا يُصام عن الميت إلا النذر فقط، حملاً للعموم فى حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها على خصوص حديث ابن عباس رضى الله عنهما الذى بينت رواياتُه أنه صوم نذر.
والمراد بالولى الذى له أن يصوم عن الميت: القريب مطلَقًا، ويجوز للأجنبى عن الميت أن يصوم عنه بإذن وَلِيِّه.
قال الإمام النووى فى «شرح مسلم»: «وَهَذَا الْقَوْل -يعنى جواز قضاء الصوم الواجب عن الميت مطلَقًا- هُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار الَّذِى نَعْتَقِدُهُ».