فى الوقت الذى انتهت فيه الجلسة المطولة التى عقدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الثلاثاء حول الملف السورى دون اتفاق، وسط توقعات بعودة بعثة المراقبين العرب لسوريا، التى كانت قد تم تعليق مهامها فى 18 يناير الماضى، استمرت أعمال العنف واقتحام قوات الأمن للمدن السورية، التى أدت إلى ارتفاع حصيلة القتلى إلى 20 شخصاً فى إدلب ودرعا مع استمرار الانشقاقات بين صفوف الجيش السورى النظامى.
وبحث المجلس إمكانية تبنى قرار لإنهاء العنف المستمر فى سوريا وسط دعوات غربية وعربية بضرورة اتخاذ خطوات فورية لحل الأزمة، وهذا بتنحى الرئيس السورى بشار الأسد، وتسليم مهامه لنائبه، وهو ما اختلفت عليه الدول الأعضاء فى مجلس الأمن، حيث حثت الجامعة العربية على اتخاذ «إجراء سريع وحاسم» ولكن بتفادى التدخل الأجنبى، بينما رأت كل من روسيا والصين أن خطة الجامعة العربية ترقى إلى تغيير نظام الحكم فى دمشق بـ«القوة»، وعبرتا عن معارضتهما للمقترحات العربية. وقال وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، إن بلاده «لا تشترط بقاء الأسد بالسلطة»، لكنها تريد حصول حل سورى للأزمة، نافيا صحة ما يقال من أن روسيا تدعم الأسد دعما غير مشروط، مؤكدا: «لسنا أصدقاء وحلفاء الرئيس الأسد».
من جانبها، أكدت واشنطن والقوى الغربية أنه لن يتم القيام بعمل عسكرى فى سوريا. ودعت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون، مجلس الأمن لاتخاذ قرار أوروبى - عربى حول الأزمة، مؤكدة أنه فى حال وقوف المجلس مكتوف الأيدى حيال ما يجرى فى سوريا فسيفقد مصداقيته، كما دعا وزير الخارجية الفرنسى، آلان جوبيه، مجلس الأمن إلى الخروج عن «صمته المخزى» بشأن سوريا.
وتوقع قادة الاستخبارات الأمريكية أن سقوط الأسد أصبح مسألة وقت، مع احتمال أن يستغرق ذلك المزيد من الزمن، بسبب طبيعة المعارضة «المتشتتة»، معتبرين أن تغيير النظام سيمثل ضربة كبيرة لإيران التى ستفقد أبرز حليف لها فى المنطقة، والمعبر الأساسى الذى تستخدمه لدعم حزب الله فى لبنان، متهمين «فيلق القدس» بالعمل داخل سوريا لدعم نظامها، كما ذكر موقع «سى. إن. إن» الإخبارى.
من جهته، قال المجلس الوطنى السورى المعارض إن روسيا تهدد بشكل حقيقى باستخدام «الفيتو» ضد مشروع قرار بمجلس الأمن حول سوريا، بينما رفض المندوب السورى فى الأمم المتحدة، بشار الجعفرى، مشروع قرار دعوة الأسد للتنحى، مؤكدا أن دمشق ستواجه «أعداءها» بحزم، متهما الجامعة العربية بأنها «تلتقى مع المخططات غير العربية الهادفة لتدمير سوريا». ورأى أن فى مشروع القرار «التفافاً» على نجاح مهمة المراقبين العرب فى سوريا.
من جهة أخرى علقت صحيفة «جارديان» البريطانية على الموقف الروسى من نظام الأسد، ورأت أنها على وشك خسارة حليفتها الأخيرة فى منطقة الشرق الأوسط، وأنها من الممكن أن يتم عزلها من المنطقة العربية. وأوضحت الصحيفة أن روسيا بدعمها نظاماً أوشك على السقوط، خشية خسارة صفقات السلاح التى عقدتها، إنما ستخسر القاعدة الوحيدة لها خارج روسيا، بالإضافة إلى فقدها سلسلة من مراكز التنصت فى المنطقة. وقالت «جارديان» إن روسيا «ورثت» العلاقات مع الشرق الأوسط من الاتحاد السوفيتى سابقا، لكنها لم تستطع كسب أصدقاء جدد فى المنطقة، حيث إن القذافى قد قتل، والأسد فى طريقه للسقوط، وبالتالى ستواجه روسيا خسائر أكبر من الخسائر المادية.