رغم انشغال دول العالم بفيروس قاتل يهدد حياة الشعوب ومستقبل الأمم، يوجد أشخاص في بقعة من الأرض لا يكترثون البته لذلك، فقد أعماهم التطرف والحزبية وألجمتهم الوحشية والعنف.
في قلب العاصمة الهندية لا حديث يعلو فوق حديث الخناجر ولا مفر من أنهار دماء المسلمين على يد الهندوس، تحت مرأى من قوات الأمن الهندية، وهو ما كشفت تفاصيله صحيفة الأوبزرفر البريطانية في مقال لـ«كنان مالك»، الذي وصف العنف الذي تشهده العاصمة الهندية بوحشية تستهدف المسلمين ليس اضطرابا أمنيا.
كانت شرارة هذه الاشتباكات قانون الجنسية المثير للجدل الذي يقول المسلمون إنه مجحف بحقهم، عندما اعتمد البرلمان الهندي في ديسمبر 2019 قانونا جديدا يقضي بمنح الجنسية لأبناء الأقليات التي تعاني الاضطهاد الديني في 3 دول مجاورة هي: بنجلاديش وباكستان وأفغانستان، ويشترط لذلك أن يكونوا قد دخلوا الهند قبل 31 ديسمبر 2014، وألا يكونوا من المسلمين.
ويحمل الكاتب مسؤولية الدماء التي تراق في شوارع الهند للحزب القومي الهندوسي وأيديولوجيته، التي يصفها بأنها خبيثة، قائلا: «إن ما شهدته دلهي في الأسابيع الماضية هو عنف يستهدف المسلمين على يد عصابات قومية هندوسية، أغلب عناصرها من أنصار الحزب الحاكم في البلاد، والذين كانوا يرددون شعارات «المجد للإله راما، والهند للهندوس».
كانت أعمال العنف قد بدأت بعد تصريح أدلى به مسؤول في الحزب الحاكم، يُدعى كابيل ميشرا، في تجمع شعبي، قال فيه إنه إذا لم تتدخل الشرطة لإخلاء الشوارع من المتظاهرين ضد قانون الجنسية، فإنه وأنصاره سيقومون بالمهمة، وبعد ساعات من تصريح ميشرا، بدأت هذه العصابات في مهاجمة المتظاهرين. وبعد أيام بدأوا في حرق بيوت ومتاجر المسلمين ومساجدهم. وقتل من المسلمين 50 شخصا، بحسب مصادر أمنية، وتعرض بعض الهندوس لهجمات وحرقت بيوتهم ومتاجرهم، وهو ما دعا البعض إلى الحديث عن انفلات أمني، ومنهم من نسب العنف للمسلمين.
ويضيف الكاتب أن الحزب الحاكم يؤمن بالهندوسية وبأنها الهوية الأصلية الوحيدة في الهند، وأن جميع المسلمين في الهند لابد أن يرحلوا إلى باكستان، بحسب تصريح أدلى به وزير في الحكومة الشهر الماضي: «الحزب الهندوسي عندما وصل إلى الحكم في 2014 كان يضع حدودا لتصريحات أعضائه المتطرفة والعدائية، ولكن بعد فوز رئيس الوزراء بفترة ثانية فتح ناريندرا مودي الأبواب على مصراعيها للتعبير الأيديولوجي ولسياسات الإقصاء».
ويوضح أنه في أغسطس 2019 ألغت الحكومة نظام الحكم الذاتي في إقليم جامو وكشمير ذي الأغلبية المسلمة، استجابة لمطلب الهندوس، وتعاملت بوحشية مع المحتجين، ثم سنت قانون الجنسية الجديد، الذي يفرض على الهنود إثبات أنهم يحملون الجنسية، علما بأن الملايين لا يملكون أي وثيقة متعلقة بالجنسية.
ويذكر كنان أن الاحتجاجات الكبيرة التي شهدتها البلاد ضد قانون الجنسية وشارك فيها مسلمون وهندوس جنبا إلى جنب تثبت أن عموم الهنود لا يوافقون على ما تقوم به الحكومة والحزب القومي الهندوسي.
ويرى أن ما يجري في الهند ليس نزاعا دينيا بين الهندوس والمسلمين، وإنما هو صراع سياسي بين تصورين مختلفين لما ينبغي أن تكون عليه الهند. تصور يريد بلادا منفتحة علمانية، وآخر يريدها بلادا هندوسية منغلقة.