مع استمرار تفشى فيروس كورونا وما ترتب عليه من إثارة القلق فى جميع أنحاء العالم، تواجه صناعة التأمين تأثيراً بعيد المدى، ولكن الشواهد تدل على أن لديها استعدادًا للتعامل مع ما قد يحدث.
وذكر مقال بقلم «إليزابيث بلوسفيلد» على موقع «انشورنس جورنال» الأمريكى أنه استنادًا إلى ما تعلمته الصناعة من مشكلات الوباء التاريخية مثل الانفلونزا الإسبانية فى عام 1918، إلى اندلاع فيروس إيبولا الذى بدأ فى عام 2014 «لا يوجد أى فرع من فروع أعمال التأمين لن يتأثر بجائحة عالمية كالحادثة حاليا».
وحول ما يمكن أن يعنيه تفشى فيروس كورونا لهذه الصناعة قال بول وايت- شريك ويلسون إلسير «يمكن أن يكون لوباء عالمى عواقب وخيمة على صناعة التأمين، وفى الواقع، بسبب عدم وجود كلمة أفضل، فإن الطاعون الذى ينشأ من وباء عالمى إذا لم تتم السيطرة عليه حقًا يمكن أن يكون كارثة» مشيرا إلى ما يحدث الآن مع فيروس كورونا يشبه الوضع عندما يظهر فيروس إنفلونزا جديد لا يتمتع الناس حياله إلا بحصانة ضئيلة أو معدومة. وأضاف:
وتهدد الأوبئة بشكل متزايد فى زمننا هذا العالم لأن لدينا مجتمعا عالميا صغيرا، والسفر الجوى يتم على نطاق واسع، والأنشطة التجارية وشحن الأغذية الدولى يتم أيضا على نطاق واسع، مما يخلق فرص انتقال للعدوى، ويوفر وسائل للانتشار السريع للتلوث لفيروس مثل كورونا.
وأبلغ مسؤولو الصحة الصينيون عن عشرات الآلاف من حالات الإصابة والوفاة فى الصين، ومعظمها مرتبط بالسفر من ووهان موقع انطلاق الفيروس، وكذا هو الحال فى عدد متزايد من المواقع الدولية، بما فى ذلك أمريكا وقد أبلغت أمريكا عن أول حالة مؤكدة للانتقال من شخص لآخر مع هذا الفيروس فى 30 يناير 2020، وفقًا إلى موقع CDC.
وقال الموقع: «يمكنك النظر إلى أى خط إنتاج تقريبًا فى صناعة التأمين والقول، هل ستكون هناك تغطية للانقطاع عن العمل بموجب بوليصة؟ هل ستكون هناك دعاوى مسؤولية تبحث فى انتقال الفيروس باستمرار؟ هل سيخضع المدراء والضباط للمساءلة عن أى شىء يفعلونه؟ هل ستكون صناعة الرعاية الصحية مسؤولة إذا قصرت؟ هل صناعة الأدوية عليها أيضا مسؤولية؟ وهكذا ينتهى بك المطاف إلى طرح الكثير من الأسئلة حول المسؤولية، سواء بالنسبة للأصل أو للمواقع التى تم فيها الانتشار، وأى فشل فى منع الانتشار».
وذكر روبرت لين، نائب الرئيس الأول فى اليانت أنشورنس، أن خسائر انقطاع الأعمال على وجه الخصوص تتزايد بسبب فيروس كورونا، وأن «شركات التأمين تتلقى إشعارات بالآلاف». وأضاف: «فقط فكر فى عدد الشركات الأمريكية التى تصنع قطع الغيار أو تعمل بالتنسيق مع الشركات الصينية لإنتاج منتجات من جميع الأنواع إذا لم يتمكنوا من شحن منتجاتهم أو تعذر استيرادها بسبب القيود الحكومية، فقد ترتفع الخسائر على جبهات مختلفة منها كذلك خسائر المعلومات».
بالإضافة إلى ذلك، قال لين إن شركات التأمين تتحرك بسرعة لإضافة استثناءات إلى بوالص التأمين لمواكبة الأحداث، وبخلاف ذلك فإن مطالبات الانقطاع التجارى تتدفق بموجب سياسات الملكية للطرف الأول، وأضاف أنه كان مع شركة تأمين عالمية الأسبوع الماضى فى لندن وأكد رئيس المطالبات أنها تلقت بالفعل أكثر من 1000 إشعار مطالبة تتعلق بخسائر ناجمة عن فيروس كورونا. قال وايت إن سياسة التأمين على الممتلكات التقليدية مع تغطية انقطاع الأعمال عادة ما تتطلب خسارة مادية مباشرة للممتلكات ليتم التعويض.
وإذا أغلقت شركة ما العمل لتلوث تلك المنشأة المادية بسبب فيروس كورونا، فقد يكون عندها أساس عملى لخسارة مادية مباشرة، ومع ذلك يشار إلى أوضاع أخرى على أنها مخاطر محددة، وقد لا تشمل تغطية تلوث يجعل الممتلكات غير صالحة للسكن.
ويؤكد المقال أن التأمين ضد المسؤولية العامة قد يتورط مع تفشى فيروس كورونا إذا كانت هناك مطالبات إصابة مادية/ جسدية من جهة خارجية ناتجة عن التعرض لظروف ضارة أو الفشل فى ممارسة العناية المعقولة فى الحماية من مخاطر التعرض، وحتى عندما يتم توفير مثل هذه التغطية، قد يكون هناك استثناء للأوبئة أو أنواع منها، وسيكون التعريف الدقيق لتلك المصطلحات مهمًا».
ويتحدث المقال عن جانب آخر هو كيف يمكن أن يتأثر تأمين مسؤولية المديرين والموظفين فى حالة قيام المساهمين بتحريك دعاوى قضائية بدعوى إخفاق الشركة فى وضع خطط طوارئ كافية، أو دقة مراعاة البروتوكولات الموصى بها أو المطلوبة أو الكشف عن مخاطر الأداء المالى. وقد يتأثر تأمين مسؤولية ممارسة العمل أيضًا إذا زعم الموظفون أنهم تعرضوا لسوء المعاملة عند الاشتباه فى إصابتهم.
وقال لين: «ستكون الجهود المدروسة التى تبذلها شركات التأمين للاستجابة بطريقة متسقة واحدة من المحاور الرئيسية فى خطط عمل شركات التأمين المتأثرة».
وأضاف أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لحاملى وثائق التأمين مراجعة برنامج التأمين الحالى بالتنسيق مع وسيطهم ومستشار التغطية ذى الخبرة وإن الملكية وجميع سياسات المخاطر ودخل الأعمال والتأمين على الاستثمار والاستجابة للأزمات وتغطية الأشخاص الرئيسيين، كلها مجالات قد تكون فيها التغطية متاحة.
ويواصل المقال: لأن صناعة التأمين قد تطورت تاريخيا مع مرور الوقت، يمكن أن تبدأ شركات النقل فى مراجعة الاستثناءات التى فى الوثائق، أو قد يتم فرض رسوم إضافية على المستفيدين من تلك الاستثناءات بعد تفشى الفيروس، ووفقا لـ «جينيفر بلاك ستروت»، محامية فى مكتب مكتر آند إنجلش ستامفورد، فإن التعامل مع التلوث فى السياسات الخاصة بالتغطيات أخذ عدة أشكال على مدى العقود القليلة الماضية وجاء بعضها استجابةً للتقاضى بشأن الأضرار السامة والتفسير القضائى للغة السياسية التأمينية المطبقة.
وقالت: «هذا سبب يدعو إلى أن يكون حاملو الوثائق حذرين بشكل خاص عند شراء التأمين فى المستقبل». «إذا حاولت شركة التأمين، عند تجديد الوثائق، توسيع استبعاد موجود أو إضافة استثناء جديد، فينبغى لحامل الوثيقة النظر فيما يحتاجه من شراء التغطية اللازمة له بدقة، ولضمان حصول العملاء على التغطية التأمينية الصحيحة، يجب على الشركات أن تراعى بعناية احتياجاتهم ومخاطرهم الخاصة منوهة إلى أنه لا توجد شركتان متطابقتان، وقد يكون فى منتج التأمين الكافى لحامل وثيقة أوجه قصور كبيرة عند حامل وثيقة مشاهبة آخر».
ويجب على حاملى وثائق الشركة الذين يواجهون مثل هذه المخاطر والخسائر التعرف على بوالص التأمين الخاصة بهم للتأكد من أنهم يلبون احتياجاتهم. ونقل المقال عن متحدثين قولهم إنه فى كثير من الأحيان، يفترض حامل وثيقة التأمين أن التأمين الذى تم شراؤه سيغطى الخسارة، ثم يفاجأ عندما يعلم أن شركة التأمين تقوم بتغطية دفاعية أى منقوصة بناءً على شرط أو استثناء من البوليصة لم يبرزها أو تجاهلها عند بيع الوثيقة للعميل وأكد المقال أنه على الرغم من التأثير الواسع النطاق لتفشى فيروس كورونا، إجمالاً، يعتقد أن صناعة التأمين مستعدة جيدًا لمواجهة وباء عالمى.
وقال أحد الخبراء: «أعرف أن بعض شركات التأمين تذهب إلى أبعد من ذلك لتشكيل فرق للتعامل مع الوباء، وقد شاركت فى العمل مع شركات التأمين فعليًا لإسداء المشورة لهم بشأن القضايا أثناء تقييمهم للتغطية الخاصة بهم». «وقال إن صناعة التأمين قد فحصت اندلاع فيروس كورونا الحالى، وعرضت التغطيات المختلفة، وتستمر فى تطوير خطوط إنتاج جديدة».
وقد توصلت شركات كثيرة إلى نموذج للمخاطر يدمج فى نموذج المخاطر الحالى ما يحدث بشأن الوباء وتأثيره فى ضوء خبرة التغلب على العديد من الأحداث المأساوية فى العقد الماضى. ينتهى المقال بأنه
مع كل الأحداث الكارثية العالمية على مدى العقد الماضى– الحرائق فى الغابات، الأعاصير، وتفشى الأوبئة السابقة، وما شابه ذلك- تتمتع شركات التأمين بخبرة واسعة فى التعامل مع الأحداث غير المتوقعة التى تؤثر على السكان. وكان من الطريف أن يقول أحد المعلقين على المقال «ولا يزال هناك قدر من الصحة فى الشك بأن الفيروس تهديد خطير» وردت الكاتبة: إلى من يشك فى هذا التهديد... على الرغم من أنها ليست (بعد) حالة طوارئ صحية عالمية، إلا أنها بالتأكيد تهديد «معتدل» ولا يبدو أن هناك أى نهاية فى الأفق الآن.
بينما أكد صاحب تعليق آخر أنه أنفق ما يزيد على ألفى دولار على العلاج من مرض الوسواس القهرى/ الخرفان الشديد (والشركات لا تقبل التأمين عليه) وأنه لا يسمح لنفسه بالقلق الشديد بشأن هذا بعد (أى كورونا) والحقيقة عنده هى أن الأنفلونزا أكثر فتكا ويأمل أن يجدوا لقاحًا أو علاجًا لذلك قريبًا.