حذر الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، من تأثر صناعة الدواء فى مصر سلباً خلال الثلاثة أشهر المقبلة، إذا طال أمد أزمة تفشى فيروس «كورونا» فى الصين، بعد تعثر عمليات استيراد مواد خام ومواد تعبئة داخلة فى صناعة الدواء، وكذلك المستلزمات الطبية خلال الفترة الحالية، بسبب توقف الطرق والمطارات فى الصين. وطالب «عوف»، خلال حواره لـ«المصرى اليوم» الحكومة بضرورة الانتباه لمثل هذا الخطر المتوقع والذى من شأنه أن يتسبب فى مشلكة كبيرة فى قطاع الدواء، وحثها على سرعة البحث عن بدائل محتملة للاستيراد على وجه السرعة.. وإلى نص الحوار:
■ بداية حدثنا عن دور شعبة الأدوية فى الاتحاد العام للغرف التجارية؟
- شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية تختص بالشركات المتعاملة فى مجال الدواء سواء مصانع أدوية فى السوق المحلية البالغ عددها 160 مصنعا، أو مصانع أدوية تحت الإنشاء ويبلغ عددها 80 مصنعا، أو شركات مصنعة لدى الغير، أو شركات توزيع أو استيراد أو تصدير للأدوية ومستحضرات التجميل والمكملات الغذائية.
■ هل تشهد صناعة الدواء تطوراً فى مصر؟
- بالفعل، صناعة الدواء منذ قديم الأزل فى مصر، منذ عهد الفراعنة، ثم جاء طلعت حرب وأنشأ أول شركة للدواء وهى شركة مصر للمستحضرات الطبية، ثم فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر حدثت طفرة فى صناعة الدواء فى مصر، وأنشأ ناصر الشركات القابضة الوطنية لصناعة الدواء، وصنعت تلك الشركات سمعة طيبة للدواء المصرى فى الشرق الأوسط وإفريقيا، ثم بعد ذلك دخل القطاع الخاص فى الصناعة، فى المقابل تدهور قطاع الأعمال فى الدواء وخسرت تلك الشركات الكبرى، وسيطر القطاع الخاص، إلا أن شركات قطاع الأعمال بدأت مؤخراً فى التعافى ومحاولة العودة لسابق عهدها.
■ ما حجم استثماراتنا فى الدواء فى مصر؟
- نحن نتحدث عن 400 مليار جنيه حجم سوق الدواء، و70 مليار جنيه مبيعات 2010، لكن القطاع العام يمثل 6% فقط من حجم السوق، ولدينا معدلات نمو متوقعة فى السوق خلال 2020 بنسبة 12%.
■ وما حجم إنتاج صناعتنا فى الدواء مقابل الاستيراد؟
- نصنع حوالى 92% من احتياج البلد من الدواء بنسبة 90% مكونات مستورد من المواد الخام ومواد التعبئة، ونستورد حوالى 8% من الأدوية الجاهزة من الدول الأوروبية والأمريكية.
■ من أين نستورد المواد الخام ومواد التعبئة؟
نستورد المواد الخام ومواد التعبئة والمستلزمات الطبية، من الصين والهند بنسبة 55% من الصين و45% من الهند، وبسبب تفشى فيروس كورونا فى الصين، تباطأت عملية الاستيراد من الصين وألغيت بعض عمليات الاستيراد، وتلك العمليات مهددة بالتوقف خلال شهرين قادمين، إذا ما طالت أزمة «كورونا»، لذا أناشد المسؤولين الانتباه للخطر القادم الذى يهدد صناعة الدواء فى مصر وينذر بقدوم أزمة، ويجب أن تكون لدينا حلول وبدائل سريعة.
■ ما هى هذه البدائل المحتملة؟
- من أهم البدائل أن تكون لدينا رؤية كبيرة للتوجه للهند على وجه السرعة، فالهند تعتبر مصنعا للعالم فى مجال المواد الخامة الداخلة فى صناعة الدواء ومواد التعبئة والمستلزمات الطبية، ويجب أن نتوجه لها على وجه السرعة، حتى نستطيع الحصول على المواد الخام بسعر هذه الفترة، قبل أن يدفع توقف تصدير الصين للعالم الهند إلى رفع الأسعار بعد زيادة الطلب عليها، وهو ما قد يكلف الدولة ويكلف الشركات خسائر فادحة.
■ ولماذا لا نصنع المواد الخام فى مصر؟
- لا نستطيع أن نصنع المادة الخام فى مصر، بسبب أن تكلفة صناعتها على الشركات والمصانع أكبر بكثير من تكلفة استيرادها خاصة فى ظل التسعيرة الجبرية، لكن إن ظهرت إرادة قوية للدولة فى تصنيع المادة الخام سيحدث ذلك من خلال مشروع قومى، ولدينا العلم والعلماء والإمكانيات لذلك.
■ ماذا عن ملف النواقص من الأدوية فى السوق المحلية؟
- ملف النواقص فى الأدوية فى مصر يأخذ حيزا أكبر من حجمه الطبيعى، وهى ظاهرة موجودة فى العالم كله وعلى سبيل المثال توجد نواقص فى أمريكا والسعودية، لكن لا يحدث ذلك توترا بسبب ثقافة المجتمعات هناك، والتى يثق مواطنوها فى بدائل الأدوية وهى متوفرة، لكن الأدوية التى ليس لها بدائل هى التى يتم رصدها فقط، وفى مصر نتيجة ثقافة المريض والذى يريد علبة الدواء بنفس الشكل بنفس اللون الذى اعتاد عليه حتى إن كانت أغلى فى السعر، وثقافة الأطباء نتيجة ثقتهم فى بعض المنتجات بالخبرة، وتأكيدهم على المريض على ضرورة شراء دواء بعينه، وإن كان لها بديل، لكن أؤكد أن البدائل هى نفس الدواء ولها نفس المفعول، ونحن نتحدث فى مصر عن نواقص فى الوقت الحالى بلغت 150 دواء لها بدائل، و15 دواء ليس لهم بدائل، وهى أرقام طبيعية.
■ وما مدى توافر ألبان الأطفال؟
- لدينا إنتاج فى مصر يغطى السوق المحلية من خلال اللبن المدعم عبر المستشفيات الحكومية، والأزمة التى حدثت منذ سنوات جعلت مصر تعتمد على نفسها فى صناعة الألبان، ولدينا مصنع مصرى خاص يصنع ألبانا بجودة عالية ويصدر لبعض الدول الإفريقية، ويغطى السوق المحلية من خلال وزارة الصحة، أما الألبان غير المدعمة فموجودة فى السوق ولا توجد فيها أى مشكلة.
■ وهل هناك رقابة فعالة على سوق السوداء فى مصر؟
- دعنى أقول لك إن السوق السوداء تنشط مع ظهور النقص فى الأدوية كأزمة البنسلين وكأزمة دواء الشلل الرعاش، والذى كان يتم تهريبه من تركيا بـ250 جنيها للعلبة، والرقابة مسؤولية الدولة وهى فعالة على السوق.
■ لكن حدثت أزمة نواقص فى حبوب منع الحمل منذ شهور؟
- منذ حوالى 6 أشهر فوجئنا بنقص حبوب منع الحمل المستوردة فى السوق، لكنه الآن متوافرة، والأدوية الموجودة فعالة، والمستورد منها متاح، وأنت كدولة بدأت تستعيض عن الاستيراد بإنتاج بدائل فى حبوب منع الحمل مصرية الصنع، كما أننا نصنع لبن الأطفال وسننتج الأنسولين وأدوية الأورام قريباً، وستكون لدينا صناعة وطنية فى قطاع الدواء، وأقول لك إن قرارات الرئيس فى الإصلاح الاقتصادى كانت جريئة وصعبة، لكنها بدأت تؤتى ثمارها فى الاقتصاد عموما وفى قطاع الدواء على وجه الخصوص.
■ متى يبدأ العمل فى الهيئة العليا للدواء؟
الهيئة العليا للدواء هى حلم لقطاع الدواء لفصل ملف الدواء عن وزارة الصحة، بعدما اتضح أنه ينال اهتماما أقل ضمن ملفات وزارة الصحة، ومجلس النواب وافق على قانون الهيئة العليا للدواء وهيئة الشراء الموحد، ورئيس الجمهورية اعتمدها فى يناير الماضى، وتم ترشيح اللواء طبيب بهاء زيدان على رأس هيئة الشراء الموحد، أما هيئة الدواء فمن المتوقع أن تبدأ عملها 26 فبراير الجارى، لكن للأسف أثناء إعداد اللائحة التنفيذية للهيئة لم تتم مخاطبة شعبة الأدوية بالاتحاد باعتبارها أحد الكيانات المسؤولة عن صناعة الدواء فى مصر.
■ وما رأيك فى شراء الأدوية عبر الإنترنت؟
شراء الأدوية عبر الإنترنت إجراء محفوف بالمخاطر، بسبب أنها مجهولة المصدر، ولا أحد يعرف مكوناتها لا البائع ولا الشارى، ومن الممكن أن تؤذى أعضاء فى الجسم، لأنها مهربة من الضرائب والجمارك، ولا يتم تحليلها للتأكد من مطابقتها للمواصفات وسلامتها.