قرر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، فتح تحقيق ضد مفتي القدس، محمود حسين، بناء على طلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي وصف تصريحات أدلى بها الشيخ في إحدى خطبه بأنها «تفوهات لا سامية»، و«جريمة خطيرة للغاية».
يأتي قرار نتنياهو بعد بث منظمة «مراقبة الإعلام الفلسطيني» الإسرائيلية مقطع فيديو لمفتي القدس تحدث فيه عن أن القيامة لن تقوم إلا «حين يقاتل المسلم اليهودي»، و«حين يقتل المسلم أبناء القردة والخنازير».
وقال د. ساهر رافع، الباحث في الديانة اليهودية، لـ«المصري اليوم» إن هناك حاجة شديدة لتجديد الخطاب الديني الإسلامي، ولفت ساهر إلى إن «هناك إسرائيليات كثيرة في الخطاب الديني الإسلامي، ما تجعله في النهاية يخدم الفكرة الصهيونية»، وأضاف رافع: «الله لم يمنح الغيب لأحد في الإسلام، وكل الأحاديث التي تتحدث عن هرمجدون ومعارك مستقبلية وغير ذلك من علم الغيب هي أحاديث غير صحيحة، ومستوحاة من التوراة التي قامت في الأساس على الفكر الزرادشتي».
وقال موقع «والا» الإسرائيلي إن مساعد النائب العام الإسرائيلي، شاي نيتسان، طلب من الشرطة الإسرائيلية رسمياً فتح تحقيق جنائي ضد مفتي القدس متعلق بشبهات «تحريض على العنصرية والعنف»، تنفيذاً لقرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية.
الإسرائيليون ليسوا ساميين
من جانبه رفض د. ساهر رافع تهمة «معاداة السامية» في الأساس، قائلاً إنها «تهمة قائمة على أساس أن اليهود ساميون، وهذا أمر غير صحيح، وإذا كانوا كذلك فعليهم أن يثبتوا أنهم من نسل الأسباط، كل اليهود الموجودين اليوم على وجه الكرة الأرضية هم من يهود الخزر، من أوروبا، وتهودوا أيام الحروب المغولية، وليسوا يهود التوراة، وبالتالي فهم عرقياً غير ساميين».
وتابع رافع: «العرق السامي يتميز بملامح شرق أوسطية، أما تسيفي ليفني مثلاً فشعرها أصفر وعيونها ملونة وهي ملامح غير شرق أوسطية في الأساس، كذلك بيريز ونتنياهو وأولمرت ورابين وغيرهم، كلهم من بولندا وألمانيا ودول أخرى، هم سلالات أوروبية، وأصل جدودهم من الخزر، وكشف عن ذلك مؤرخ يهودي يدعى آرثر كستنر، مؤلف كتاب القبيلة الـ 13، وكتب فيه عن أصول يهود اليوم التي ترجع لقبيلة الخزر، وهو الكتاب الذي أثار ضجة كبيرة جداً».
وكان رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين، قد اتهم مفتي القدس بـ«تأجيج الخواطر وزيادة الكراهية والعنف وهو ما يؤدي بذلك إلى تعزيز موقف جهات تدعو إلى الجهاد مثل حزب الله وحماس، والمسلمون يدركون أن اليهود وإسرائيل هم جزء من الشرق الأوسط».
مأزق إسرائيلي
وأضاف د. ساهر رافع لـ«المصري اليوم»: «المصدر الوحيد لتصنيف سام وحام أو غيرهما، هي كتابات التوراة، ولا يوجد كتابات غير التوراة قالت بذلك، والكتابات الأخرى التي تحدثت بعد ذلك اعتمدت النقل، وكانت مرجعيتها الوحيدة هي التوراة، والقرآن لم يذكر أسماء أبناء نوح، وهذا يعني أن المصدر الوحيد، هم الذين كتبوه، ويحتمل الصدق أو الكذب بحسب المناقشة العلمية».
وعن اتهام مفتي القدس والتحقيق معه قال د. ساهر رافع: «هناك سببان، الأول سياسي، حيث تعيش إسرائيل في مأزق سياسي على المستوى الدولي، حيث لا تلبي احتياجات السلام مع فلسطين، كما أنها فقدت قيمتها النسبية عند الغرب في ظل الربيع العربي، حيث كانت تصور نفسها وكأنها واحة الديمقراطية في المنطقة، وبالتالي تلجأ للناحية الدينية، لمداعبة الغرب المؤمن بالعهد القديم»، والسبب الثاني، هو سبب ديني، يرفض تماماً فكرة مس أي فرد من أفراده باعتبار أنه طبقاً لفلسفة المفهوم الديني، فإنه هو البشر الوحيد على وجه الكرة الأرضية، وما عداه أغيار، وهذه هي الفكرة الأساسية للصهيونية».
المساعدات الهولندية
وقالت إذاعة هولندا الدولية، «هنا أمستردام»، الناطقة باللغة العربية، الخميس: إن مجموعة من الأحزاب الهولندية الممثلة بالبرلمان، بالإضافة إلى وزير الخارجية الهولندي، دعوا إلى تخفيض الدعم الذي تخصصه هولندا للفلسطينيين، على خلفية تصريحات مفتي القدس، وأضافت الإذاعة أن حزبي الائتلاف الحاكم وهما الليبرالي والمسيحي الديمقراطي لا يعترضان على هذه الخطوة، ونقلت الإذاعة عن «فان در ستاي»، زعيم الحزب المسيحي الإصلاحي الهولندي الذي يقود الحملة قوله: «طلبنا من وزير الخارجية التنسيق مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوات بهذا الشأن».
من جانبها، قالت د. سناء عبد اللطيف، أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة حلوان، إن الحكومة الإسرائيلية والحركة الصهيونية بشكل عام تستخدم الاتهام بـ«معاداة السامية» كسيف مسلط على رقاب الباحثين أو السياسيين الذين ينتقدون المجتمع الإسرائيلي ويكشفون عوراته، وأضافت: «أنا بشكل شخصي موضوعة على القائمة السوداء المتهمة بمعاداة السامية، لأنني أوضحت في كتبي كيف يغرسون في نفوس الأطفال عقدة الاضطهاد، وأنهم مضطهدون في كل زمان ومكان، وكيف يربونهم على الحقد والكراهية».