في السابع من يناير عام ١٨٩٢ توفى الخديو توفيق في قصره في ضاحية حلوان بعد مرض لم يمهله سوى سبعة أيام، وكان عمره يوم مات أربعين سنة إلا أشهرا، وكانت مدة حكمه ١٣ سنة إلا شهرا استقوى فيها بالإنجليز على الوطنيين، وفى السادس عشر من يناير أقيم احتفال مهيب في ميدان قصر عابدين حيث نودى بتولى عباس حلمى (أكبر أبناء توفيق) خديو على مصر، وكان قبيل هذا الاحتفال قد حضر إلى مصر من فيينا، وحين تولى مقاليد الأمور برهن على حيويته ونشاطه وكان قد حضر من فيينا إلى الإسكندرية صباح ذلك اليوم بصحبة مندوبين بعثت بهم حكومة النمسا تكريما له، ولم يمكث في الإسكندرية إلا ريثما يعد له قطار لنقله إلى القاهرة، حيث كانت الجماهير وزينت الطرقات، واخترق موكبه الشوارع بين التهليل والزغاريد، وقد أوشكت سنه أن تسبب أزمة في الحكم لولا أن بادر العلماء فقرروا بلوغه سن الرشد في ١٤ يوليو ١٩٠١ وفق التقويم الهجرى، وقد بدأ عباس حكمه بحماس في مناهضة الاحتلال البريطانى لمصر وقرر منذ اللحظات الأولى ألا يقتفى خطوات أبيه في مداهنة الإنجليز، وقد دلت سياساته وتصرفاته على ذلك حتى إنه اشترك في جمعية وطنية سرية مع الزعيم الشاب مصطفى كامل وأحمد لطفى السيد، وفى الثلاثين من يناير حضر عباس اجتماع الجمعية العمومية وألقى فيه خطابا تضمن الخطوط الرئيسية لمنهجه وبرنامجه وسياساته، وقام بفتح سراى عابدين لاستقبال مختلف موظفى الوزارات المختلفة كما كان يدعو مختلف الطوائف إلى الإفطار على مائدته في شهر رمضان، غير أنه من أهم القرارات التي اتخذها كان القرارالذى اتخذه «زي النهارده» فى ٣ فبراير ١٨٩٢، إذ أصدرقرارا بالإفراج عن بعض زعماء الثورة العرابية وعلى رأسهم خطيب الثورة العرابية الشاعر عبدالله النديم الذي كان منفيا في الشام والسيد حسن موسى العقاد وآخرون إيذانا بالإفراج عن سائر زعماء الثورة، وكان عبدالله النديم قد عاد من منفاه في شهر مايو من نفس العام، وفور عودته عمل النديم على إصدار مجلته «الأستاذ» إلى أن صدرت في الثالث عشر من أغسطس ١٨٩٢.