x

«الذهب الأسود» يكشف دور البترول فى الحروب وتحقيق الثروة

الإثنين 23-01-2012 18:26 | كتب: ريهام جودة |
تصوير : other

البترول هو الذهب الأسود الذى يحول بلاداً من صحراء قاحلة إلى دول تتحكم فى العالم، ومن الإقامة فى الخيام إلى حياة مرفهة فى ناطحات السحاب والقصور الفاخرة، لكن ظهوره أيضا قد يجلب معه الموت والخراب والدمار.. حول هذا المعنى تدور أحداث الفيلم الأمريكى الجديد «الذهب الأسود» الذى بدأ عرضه فى أمريكا ومصر وعدد من دول العالم، ويناقش تحكم البترول فى العالم وجعله دائما فى حالة فزع من أن يعود للحياة البدائية دون أى طاقة، كما يتناول الفيلم سعر البترول الذى يتحكم فى اقتصاد العالم والذى يجعل من حرب فى أقصى الشرق سببا فى زيادة أسعاره فى أقصى الغرب، كما يجعل من دول لم يكن لها أى كيان تتحكم فى العالم فقط لأنها تملكه، ويضرب الفيلم مثالاً بذلك بدول الخليج.

فقبل ظهور البترول فى دول الخليج كان الجميع يعيش فى حالة فقر شديدة، ولكن الصدفة فى الحرب العالمية الثانية قادت البعض لاكتشاف أن منطقة الخليج تعوم فوق حقول بترول لا نهاية لها، لتتحول خلال سنوات قليلة إلى أغنى دول العالم، ويحاول الغرب طوال الوقت السيطرة عليها ليكون هذا الكنز تحت يديه، كما حول البترول هذه البلاد إلى عالم متحضر متمدن وملىء بالفخامة والثراء، لكن الاستعمار والحروب صارت رفيقا لظهور البترول، وكلما زادت اكتشافاته زادت الحروب وتطورت الأسلحة من أجل السيطرة على أهم مصدر للطاقة فى العالم.

ومن خلال هذه الأفكار تنطلق أحداث الفيلم، حيث يقف اثنان من القادة المتحاربين فى أوائل القرن العشرين وهما نسيب أمير منطقة «حبيقة» وعمار سلطان، أمير منطقة «سالماه»، مخلفين وراءهما الكثير من الجثث فى ساحة المعركة، ويتفق الاثنان على عدم دخول أى منهما أو رجالهما إلى المنطقة المحرمة التى أطلقا عليها «الحزام الأصفر»، ووفقا للعادات القبلية التى كانت تحكم الأمور فى ذلك الوقت، أخذ الأمير نسيب طفلى السلطان عمار ليربيهما كضمان لعدم قيامأى من الرجلين بمخالفة العهد بينهما، وبعد عدة سنوات يصبح صالح مقاتلا ولا يفكر إلا فى الهرب والعودة إلى أرض والده، بينما لا يهتم «عودة» سوى بالكتب والقراءة، وفى أحد الأيام يتلقى الأمير «نسيب» زيارة من رجل النفط الشهير فى تكساس ليؤكد له أن أرضه تعوم فوق حقول من النفط ويعده بثروات تفوق الخيال إذا تعاون معه للتنقيب عنه، ويقتل صالح أثناء إحدى محاولات الهروب إلى مملكة والده، وتقع مهمة التفاوض على السلام بين المملكتين على عاتق عودة، وتتوالى الأحداث التى تكشف امتزاج الحرب بالبترول والثراء.

الفيلم مأخوذ عن رواية«South of the Heart» للكاتب السويسرى «هانس روشيه»، التى تناولت حياة القبائل البدوية واكتشاف النفط الذى غير حياتهم، ومن إنتاج المنتج التونسى طارق بن عمار، وتعود رغبته فى تقديمه إلى عام 1976، لكنه لم يجد من يتحمس لإنتاجه، وانشغل بن عمار بعدة أفلام فى هوليوود، وكان يجدد حق شراء الرواية كل خمس سنوات كى لا يحولها غيره إلى فيلم، ثم عاد مشروع الفيلم للظهور إلى النور بعد 30 عاما، وعن ذلك قال: «كنت فى حاجة إلى مخرج يفهم خطوط الاحترام التى نحتاجها عندما نتعامل مع العالم العربى، لم أكن أريد تفسير هوليوود ورؤيتها للعالم العربى بل كنت أريد «ستايل» هوليوود من حيث الجودة والحركة والأكشن، مع الاحتفاظ بالأصالة العربية، والمخرج جان جاكوز أنود حقق ذلك بذكاء، حيث قام بأبحاث عن الإسلام والقرآن الكريم وتعامل مع كل شىء باحترام واقتناع وفهم أنه يصنع الفيلم لجمهور عالمى».

يمثل الفيلم أول دخول حقيقى لقطر مجال الإنتاج السينمائى فى السينما العالمية، حيث شاركت فى إنتاجه، وكانت بداية التصوير فى أكتوبر 2010، واستمر لمدة 5 شهور بين تونس وقطر، وجمع المخرج «جان جاكوز أنود» وطارق بن عمار فريقاً من الحرفيين والفنيين لتصميم الأزياء وخلق عالم شبه الجزيرة العربية فى أوائل القرن العشرين، حيث صمم فريق الخياطين الرئيسى 7000 زى و700 سرج حصان و400 بندقية و250 سيفاً، وحرص بن عمار والمخرج على تقديم فيلم ملحمى يضاهى الأفلام التى قدمت فى العصر الذهبى للسينما، حيث المجاميع الكبيرة، فتم استخدام 10 آلاف من الإبل، كان يستخدم أحيانا 500 ناقة منها فى مشهد واحد، وأكثر من 2000 حصان فى مشاهد الفيلم، وتم إطلاق 5000 طلقة رصاص مزيفة فى جميع المشاهد، وتم تصميم وتصنيع ثلاث طائرات و8 سيارات مدرعة لإعطاء مشاهد المعارك الجودة والأصالة المطلوبة.

وكان فريق العمل واجه صعوبات كبيرة فى إقامة معسكر تصوير فى بلد لا يحتوى على أى خبرة سينمائية، كما واجه بعض الصعوبات فى التعاملات المتعلقة بالشحن، خاصة الأسلحة والتى احتاجت إلى مجهود إضافى، خاصة مع تواجد الثورات فى المنطقة العربية، لذلك كان معهد فيلم الدوحةDoha Film Institute شريكا أساسيا أثناء التصوير فى قطر، وقدم الدعم لتسهيل احتياجات فريق العمل طوال فترة التصوير، وعن ذلك قالت «أماندا بالمر» المدير التنفيذى للمعهد: «حشدنا البلد كله وراء هذا الفيلم لإقامة وجهة سينمائية عالمية لدولة قطر كمنطقة تصوير جديدة وبعيدة، والفيلم هو أول إنتاج مشترك لمعهد الدوحة وقطر، ولاشك أنه سيقدم لنا الخبرة لبدء صناعة السينما فى قطر، وقد تشرفنا بالعمل مع المخرج (جان جاكوز أنود)، ليس فقط لأنه يمتلك الإحساس الحقيقى لتقديم هذه القصة الجميلة العربية، لكنه يدرك أيضا أهمية تعليم المواطنين القطريين والمقيمين إنتاج الأفلام، حيث ضم الفريق القطرى إلى فريق الفيلم الأساسى، ليعلمهم داخل موقع التصوير كيفية صناعة فيلم فى بلادهم وصناعة الأفلام بشكل عام».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية