يحاول موقع منظمة الصحة العالمية وضع مفهوم لمصطلح «السرطان»، فيعرفه كمجموعة كبيرة من الأمراض يمكنها أن تصيب كل أجزاء الجسم، وبالرغم من انتشار الوسائل التكنولوجية الحديثة، لا يزال ذلك التعريف البسيط المتوفر على شبكة الإنترنت خفيا على البعض، فيطلقون على السرطان في تهيب وخشية «المرض الوِحِش» ويعقبون ذكره بعبارات التنصل والاستنجاد بالله، ومع هذا تنتشر بعض الخرافات والمعلومات الملتبسة حول طبيعة المرض ومسبباته، وكذلك فعالية العلاج وإجراءاته، ما يؤدى إلى تراجع البعض عن خطوة العلاج أو خشية القيام بخطوات التشخيص.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ينشأ السرطان بالأساس عن تحول خلايا الجسم إلى خلايا ورمية خلال عملية متعددة المراحل، ناجمة عن تفاعل عدة عوامل كالتركيبة الجينية، وأخرى خارجية كالأشعة فوق البنفسجية والأشعة المؤيّنة، إضافة إلى العوامل الكيميائية المسرطنة مثل الأسبستوس ومكونات دخان التبغ والأفلاتوكسين والزرنيخ، وأخيرًا العوامل البيولوجية المسرطنة مثل أنواع العدوى الناجمة عن بعض الفيروسات والبكتيريا والطفيليات، إلا أن البعض يُحمِّل بعض السلوكيات أو الظروف اليومية مسؤولية الإصابة بمرض السرطان، كالضغوط النفسية المستمرة أو استخدام وسائل طهى حديثة وغيرها من المسببات. يرى دكتور حسام كامل، أستاذ أمراض الدم بمعهد الأورام في جامعة القاهرة، أن المريض بشكل عام اختلف عن المريض منذ 20 عاما، إذ أصبح على دراية أكبر بالمرض ومسبباته وأعراضه، وبعد حصوله على التشخيص؛ بات يبحث بنفسه ويقارن بين العلاجات المتوفرة لحالته. يقول كامل: «المريض دلوقتى أصبح قارئ، وهذا ما ألمسه مع المرضى الذين يأتون إلىّ، فالنسبة الأكبر منهم لديهم فكرة عن العلاجات، وبالتالى الخرافة انحسرت، إلا لو المريض عنده قدر متواضع من المعرفة والثقافة فيعتمد على أحد ليقرأ له عن المرض»، إلا أن شبكة الإنترنت التي تمد المريض بالمعرفة، هي ذاتها وفقًا لـ«كامل» مصدر الخرافات التي يتعثر بها البعض وتحول دون رؤيته الصحيحة للمرض ومُسبباته. فمُسببات سرطان الدم أو «اللوكيميا» بعيدة كل البعد عن استخدام الميكروويف أو البلاستيك، فيما يؤكد أن الضغط النفسى ربما يلعب دورا كبيرا في أمراض القلب والشرايين، لكن لا يمكن اعتباره مسببًا لمرض السرطان. ويوضح «كامل» أن علاجات سرطان الدم تهاجم فقط الخلايا المصابة في الجسم ولا تسبب أذى للخلايا الأخرى، بينما يمكن أن تؤدى إلى ضعف وقتى في المناعة لدى الفرد المُصاب إلا أنه سرعان ما يسترد عافيته، مؤكدا أن العلاج الكيماوى لا يهدد خلايا الجسم، هو فقط لو تلامس مع الخلايا الحية لبشرة المريض يمكن أن يسبب التهابا، ويمكن أن يسبب ضعف المناعة لفترة من الوقت بعدها يسترد المريض عافيته.
ويوضح الدكتور مصطفى الدالى، استشارى علاج الأورام، أن نمط الحياة العصرى للأفراد، من الاعتماد الواسع على الميكروويف والمأكولات الجاهزة واللحوم المُصنعة والمواد الاصطناعية والمأكولات الدهنية بالإضافة لقلة الحركة والتدخين وقلة النوم والتعرض لشبكات الضغط العالى، لا يمكن الجزم بكونها أسبابا مباشرة للإصابة بالأورام؛ إلا أنها ترتبط إحصائيًا بزيادة معدلات الإصابة به. ويقول: «السرطان هو داء العصر، وبالتالى هو مرتبط بنمط الحياة العصرية المختلفة عن حياة الآباء والأجداد، والأصل هنا في دور الدولة في الحد والرقابة على استخدام مثل هذه المواد». وينطبق الأمر كذلك من وجهة نظره على طبيعة الحياة الضاغطة العصرية وما يرتبط بها من سمات كقلة النوم والتى قد تكون عاملًا من عوامل زيادة معدلات الأورام عن السابق. ويشير «الدالى» إلى أن الوقاية من السرطان أصبحت أكثر إلحاحًا للأصحاء، خاصة الأورام المرتبطة بنمط الحياة العصرى كأورام الجهاز الهضمى والرئتين والجهاز التنفسى العلوى والحنجرة؛ لذا يلعب الفحص المبكر دورا كبيرا في إدراك الحالات مبكرا، ومن ثَمّ شفاؤها بشكل عاجل. ويدعم ذلك البرامج المحلية القومية للكشف المبكر عن الأورام، كالكشف المبكر عن سرطان الثدى.