أثارت الأخبار المتضاربة حول تعرض بعض العينات الإشعاعية للسرقة من موقع محطة الضبعة النووى مخاوف من تعرض سكان المنطقة لخطر الإشعاع، ومن احتواء المحطة على مواد خطرة، ما دفع هيئة الطاقة الذرية لتشكيل لجنة برئاسة الدكتور ياسر توفيق لكشف الحقائق وإعداد تقرير بها.
«المصرى اليوم» انفردت بمرافقة لجنة الأمان النووى، الخميس الماضى، إلى موقع محطة تحلية مياه الضبعة لتفقدها بعد الأضرار التى لحقت بها نتيجة اقتحام الأهالى لها.
قامت اللجنة التى رافقها العميد أحمد مظهر، رئيس مباحث مديرية مطروح والنقيب مدحت بهى الدين من مباحث الضبعة، باستخدام بعض الأجهزة للكشف عن أى إشعاعات بالموقع، ونفت وجود أى عناصر مشعة داخل الموقع، فى الوقت الذى أكدت فيه ضرورة عمل كردون أمنى حول موقعين داخل الضبعة، وهما مبنى معمل الأبحاث، الذى تعرض لتدمير شديد، ومحطة التحلية بسبب وجود بعض المواد الكيماوية الخطرة، وأنابيب ضغط عال يمكن أن تسبب كارثة فى المنطقة المحيطة بها.
وقال الدكتور ياسر توفيق رئيس اللجنة لـ«المصرى اليوم» لم نجد أى آثار لمواد مشعة، وجئنا بناء على الشائعات التى قالت إن هناك نظائر مشعة سرقت ورغم تأكدنا من عدم وجودها فإننا جئنا للتأكد ولم نجد أى تسرب إشعاعى لكن ما وجدناه لا يقل خطورة عن المواد المشعة فقد عثرنا داخل معمل الأبحاث على كميات كبيرة من الغازات السامة، التى يمكنها أن تسمم الهواء وتؤدى إلى كارثة إذا انفجرت، كما عثرنا على الكثير من المواد الكيماوية الخطرة، التى لا يجب التعامل معها بتلك الطريقة، ولا يجب العبث بها مطلقاً لذا طلبت من قوات الشرطة منع دخول أى أفراد إلى المعمل وغلقه تماماً مع تشكيل كردون أمنى لحمايته.
وأكد «توفيق» تأمينه محطة التحلية وأنه لا يوجد بها أى أثر لإشعاعات ضارة، لكنها تضم الكثير من الغازات والمواد الخطرة القابلة للتفجير. إذا تم العبث بها وأشار رئيس لجنة الأمان النووى إلى أحد الصناديق وقال هذا مثلاً به كميات كبيرة من الكلور وإذا انفجر سيؤدى إلى كارثة.
وأعدت اللجنة تقريرها المبدئى عن «الضبعة» وطالبها المواطنون بإبلاغ قيادات «الهيئة» بضرورة تفكيك باقى المعدات وأجهزة الكمبيوتر والمواتير التى يتحفظ عليها الأهالى لمنع تحطيمها.
وانتقد هشام عزالدين مأمور قسم الضبعة هيئة الطاقة الذرية، بسبب ما وصفه بـ«تباطئها» فى تفكيك محطة تحلية المياه وقال: «منذ أسبوع حضر مهندسون من القاهرة لتفكيك المحطة، التى قالوا إنها تساوى الملايين، وفوجئنا بهم لا يحملون أى معدات لتفكيكها، ولا سيارات لنقلها وكان معهم «مفك صليبة» واحد فقط، فقمنا بجمع بعض المعدات لمساعدتهم واستعنا بالأهالى لنقلها إلى قسم الشرطة والبعض منها تم نقله إلى منازل الأهالى». وقال: فوجئت بالمهندس الذى جاء لفك المحطة يسلمنى جهازاً قال إنه يساوى مليون جنيه للتحفظ عليه وحمايته من الاتلاف. وقال إنه سيأتى فى المساء بسيارات خاصة لنقله ومازلت أحتفظ به وعندما طالبت مسؤولى الهيئة بسرعة التحرك لجمع تلك المقتنيات النادرة لم أتلق أى استجابة منهم. وأضاف: اتصلنا بقيادات الهيئة للإسراع بتفكيك محول كهرباء داخل الضبعة وثمنه حسبما قال لى مهندسو المحطة يتجاوز نصف المليون جنيه، ولفت إلى أن أهالى المدينة شكلوا لجاناً شعبية ونصبوا خيمة لحماية المحول من أى اعتداء ورغم ذلك لم تتوجه الهيئة حتى الآن لتفكيكه، مؤكداً أنهم يقومون بإعداد حصر بالأجهزة الموجودة لدى الأهالى على سبيل الأمانة لحين تسليمها للهيئة.
من جهة أخرى بدأ مسؤولون بوزارة الكهرباء فى تفكيك محول الكهرباء الموجود داخل أرض مشروع الضبعة، تمهيداً لنقله وقال أحد المسؤولين ـ رفض ذكر اسمه ـ إن نقل المحول وفك أجزائه لا يعنى إلغاء المشروع وأن التفكيك يهدف لحمايته من التدمير.
وأصدر أهالى الضبعة، بياناً قالوا فيه: «منذ 30 عاماً، تم طردنا وتهجيرنا بطريقة إجرامية من أراضينا، والآن بعد انتهاء عهد الظلم والطغيان نحن أحق بأرضنا، بعد أن تم تهميشنا وطالبوا الدولة باستمرارهم فى الأرض ومحاسبة المجرمين والطغاة وعلى رأسهم الرئيس السابق مبارك»، ولفتوا إلى أن «الضبعة» ليس بها محطة نووية وما يوجد بها مجرد أرض فضاء مقام عليها مبان متهالكة.. وقال البيان: لا يوجد شىء اسمه المفاعل النووى وإنه مجرد أكذوبة ومشروع وهمى مضلل للرأى العام للاستيلاء على أجمل شواطئ العالم تحت مسمى «المشروع القومى لمصر».
وطالب البيان بمحاكمة الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء ومسؤولى هيئة الطاقة الذرية بتهمة إهدار المال العام والتربح والتواطؤ مع النظام السابق تمهيداً لبيع الأرض لرجال الأعمال.
ووجه الأهالى الشكر إلى القوات المسلحة وقالوا إنها أعادت الأرض إليهم وإنهم لا يثقون فى مجلس الشعب المقبل أو نوابه لإعادة الأرض لهم، كما أرسلوا مذكرة إلى المجلس العسكرى طالبوا من خلالها بمنع إقامة مشروع الضبعة وأبدوا تخوفهم من الإشعاعات.
وأرجع الأهالى تخوفهم من المشروع عبر المذكرة المرسلة إلى المجلس العسكرى من «خطورة النفايات النووية» التى سوف ينتجها المشروع وقالوا إنه سينتج ما يزيد على 5 آلاف طن من النفايات، وطالبوا بلجنة تقصى حقائق حول المشروع والإنفاقات التى تم صرفها عليه.
ومن جانبه، قال أبوبكر الجرارى ممثل الأهالى فى التفاوض مع القوات المسلحة، إن وفداً من الأهالى التقى قائد المنطقة الغربية العسكرية، ممثلاً لـ«المشير طنطاوى»، لبحث الأزمة ولفت إلى أنه لا يوجد أى وعد رسمى بتمكين الأهالى من الأرض أو إقامة المشروع، وشدد على أن الأهالى لن يتركوا الأرض مهما كان المقابل.
وقال إن الأهالى لديهم أكثر من 300 عقد مسجل فى الشهر العقارى قبل قرار تخصيصها للمشروع، ولفت إلى أن تصريحات الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، بشأن استكمال المشروع فى المنطقة أفقدته الشعبية والتعاطف بين الأهالى.