واصلت محكمة جنايات القاهرة، محاكمة ١٤ متهما في حادث قطار محطة مصر، والذي تسبب في وفاة ٣١ مواطنا وإصابة ١٧ آخرين نتيجة إهمالهم وإخلالهم الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم بمخالفة دليل أعمال المناورة ولائحة سلامة التشغيل الصادرة عن جهة عملهم وتزوير التوقيع في دفتر حضور وانصراف عمال وملاحظي المناورة، بالاستماع إلى مرافعة النيابة التي وصفت المتهمين بـ«الأشخاص المفسدين الذين لا يقدرون المسؤولية ولم يحافظوا على الأمانة التي كلفوا بها»، وطالبت النيابة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين.
عقدت الجلسة، برئاسة المستشار الدكتور جابر المراغى، وعضوية المستشارين محمد عزت، وسالم عبدالعليم، وأمانة سر أحمد رضا، بإثبات حضور المتهمين وهيئة دفاعهم. واستمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة التي بدأتها بتلاوة أية قرآنية «إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنا وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا».
وقال ممثل النيابة إن «المجتمع بأسره قد شاهد الجريمة البشعة التي وقعت في قلب العاصمة، فمصر تعد ثاني بلد على مستوى العالم في إنشاء السكك الحديدية، والمتهمين حاولوا بهذه الجريمة العبث بتاريخ ١٦٥ عاما من إنشاء السكك الحديدية، حيث إن هذا المبنى عريق»، مضيفا أن «محطة مصر شهدت مشهدا مخيفا أقشعرت منه الأبدان هو قدوم حافلة مسرعة تنفجر عند دخولها إلى رصيف الركاب وتناثر الأشلاء وتبعثر الجثث في كل مكان».
وذكرت النيابة، خلال مرافعتها، أن «عدسات الكاميرات نقلت للعالم كله مدى قسوة الحادث» الذي وصفته النيابة بأنه «عبارة عن زلزال يضرب قلب المحروسة»، وتساءلت: «هل هذا الحادث يختلف عن الإرهاب الأسود؟».
وتابعت: «راحت تلك الأنفاس الذكية ضحية غياب موظف عن عمله وعقل عن رشده وضمير عن يقظته»، مضيفة أن «الكل كان يجخل من هول الحادث إلا رؤوس المتهمين فخرج أحدهم يقدم اعتذارات هزيلة مع ابتسامات وسخرية».
وأشارت النيابة، في مرافعتها، إلى أن «هذه القضية من القضايا الاجتماعية والإنسانية التي أجمعت جميع القلوب حزنا قبل أعينهم من إهمال فظيع وفساد شديد فضحايا الحادث البعض منهم خارجا من منزله ساعيا على رزق وأن تلك المرأة خرجت من منزلها سوى لاحتياجها وطلب الرزق فهؤلاء المتهمين تسببوا في تيتم أطفال وأرملة سيدات»، متسائلة: «كيف وصل بنا هذا الإهمال الذي وقع من أشخاص لايقدرون المسؤولية أناسا غطت ضمائرهم بغلاف؟».
وأوضحت مرافعة النيابة أن «هناك عدد من الأدلة الفنية والقولية والقرائن خاصة بهذه الواقعة تتمثل في العبث في المعدات، أن المتهم الأول علاء فتحى لم يستخدم رجل الميت التي مسؤولة عن حماية القطار، إضافة إلى واقعة التزوير في المحررات الرسمية، حيث قام المتهم أيمن الشحات بالتوقيع بدلا من المتهم أيمن محمد بإثبات حضوره في الدفتر على خلاف الحقيقة».
كما استندت النيابة في مرافعتها إلى «شهادة المقدم أحمد درغام الذي أفادت تحرياته السرية بقيام المتهمين يحيى سعد الدين، وعادل سيف، ومصطفى عبدالحميد، بالتبادل فيما بينهم لزيادة أيام الراحات والتوقيع في الدفتر بمعرفة المتهم عاطف نصر، إضافة إلى أن المتهم الأول علاء فتحى أبوالغار أقر في التحقيقات باستلامه الجرار دون فحص ذراع رجل الميت كما أن رئيس اللجنة المشكلة لفحص الجرار قال إن المتهم الأول مسؤول عن الحادث لقيامه بإيقاف الجرار في مكان غير آمن وتركه للجرار عقب حدوث المحاشرة».
وقالت النيابة إن «من بين عدم المسؤولية التي ارتكبها المتهمين قيام المتهم محمود حمدى بتعاطي المواد المخدرة، وثبت هذا من خلال تقرير المعمل الكيميائى عن تعاطيه الاستروكس وهذا المخدر جعله غائب العقل ولا يؤمن عليه أن يكون مسؤول عن مصلحة عامة أو خاصة».
وسردت النيابة وقائع الدعوى، وقالت: «فى يوم ٢٧ فبراير من العام الماضى استلم المتهم علاء فتحي عربة القطار 2302 بمفرده، وبدون مساعد له، خلافًا للتعليمات، وتوجه لرصيف محطة مصر، إضافة إلى عدم تفعيل إبرة السقوط التي تعد من وسائل الأمان إذ تمنع دخول القطارات والجرارات لحوش المحطة بدون تصريح من عامل البرج».
وأوضحت أن «في الجهة المقابلة كان المتهم أيمن الشحات، والقاطرة رقم 2305، وقام بتوقيع خلاف الحقيقة بحضور المساعد له وهو المتهم أيمن عدس، الذي كان متواجدًا بمنزله انذاك، بالاتفاق ما بينهم على ذلك، وتحرك بالقاطرة بمفرده خلافًا للتعليمات، ورفقته عامل مناورة متواجد بمؤخرة القاطرة وهو المفترض أن يكون في الأمام ليسمح له ذلك برؤية السكة».