بدت قلقة جدًا، لقد كررت «مريم سعد» بإلحاح على مسامع بائع الأحذية بسوق النورة بعزبة النخل في القاهرة: «عاوزة أبدل الكوتشى.. به عيوب صناعة»، ليرد البائع: «ممكن تاخذى واحد تانى نفس الشكل لكن مقاسه أقل، وإنتى حرة». الإجابات لم تقنع مريم، التي كانت برفقتها الطفلة مريستينا، ابنة شقيق زوجها، وبكت للبائع محاولةً الاستنجاد بزبائن المحل: «عاوزة آخد فلوسى دفعت 100 جنيه ثمن الكوتشى».
لم تمر ثوانٍ على طلب «مريم»، ربة منزل، حتى انهال البائع «أحمد.ن»، 40 سنة، عليها بالضرب، قائلة: «مسك شعرى وضرب مريستينا على ضهرها، عندما حاولت إبعاد يده عنى»، مضيفة أنها استغاثت بعائلتها، لكن البائع استعان بـ3 آخرين، وقتلوا شقيق زوجى «نشأت»، بعد أن انهالوا عليه بسكين ومزقوا جسده، وأصابوا زوجى «جرجس» بجروح، وضربوا حماتى بـ«شومة».
الفرحة مع قدوم أعياد الميلاد تحولت لمأتم بمنزلهم الذي تحول لسرداق عزاء، بعد أن كان في مثل هذه الأيام مصدرًا للسرور، ولاسيما أن «نشأت»، الذي يعمل دقاقًا، يستعد لموسمه. توضح زوجته «ماجدة»: «زوجى يعمل براويز دينية، تحمل صورًا للمسيح والعذراء وغيرهما، ويبيع منتجاته خلال الاحتفالات الدينية وبالأعياد داخل الكنائس»، وتبكى الزوجة: «طوب الأرض كان يحبه، كان قديسًا، حتى الأطفال في شارعنا بكوا عى زوجى، انظروا لصور جنازته ستعرفون».
تسرد تفاصيل الواقعة: «بالصدفة اتصل على مريم ليسألها عنّى، وسمعها تبكى فذهب لمحل الأحذية متحدثًا مع البائع يعاتبه لاعتدائه على امرأة وطفلة صغيرة، لكن الأخير رفض صوت العقل وقتله، يتموا أولادى الـ 4».
«مريم» كأنها لم تصدق ما آلت إليه البيعة الشؤم- كما تصفها- وتعاود حديثها وتحكى أنها وزوجة نشأت اتفقتا على شراء ملابس العيد، وذهبتا بالأطفال للسوق الليلة التي سبقت رأس السنة، كانوا جميعهم في حالة فرح وسعادة، ووقفوا أمام محل المتهم بائع الأحذية، ولفت نظرها وجود «حذاء أسود اللون يليق مع طقم اشترته، وهى قاست فردة واحدة، والثانية اكتشفت بها عيوبا لمّا ذهبت لمنزلها».
حدّثت زوجها «جرجس»: «فردة بها عيوب، خايفة أرجع للراجل مرة ثانيةً»، طمأنها الزوج كما تقول: «روحى وتحدثى إليه بهدوء، ولو عاوز فلوس زيادة أعطه»، راحت تحدثه عن أسلوب البائع الفظ: «زهق بسرعة لمّا قولتله عاوزة أتفرج على موديلات تانية».
في طريقهما لحضانة أطفالهما الصغار في اليوم التالى، ذهبت «مريم» و«ماجدة» لمحل الأحذية، لكنهما وجدتا المحل مغلقًا، انتظرت الأولى مع الطفلة مريستينا، وما إن رأهما البائع حتى وبخهما.
حين رفض البائع أخيرًا رد ثمن الحذاء، كانت مريم تبرر له: «مفيش نفس الشكل مقاسى»، لكنه اعتدى عليها وابنة شقيق زوجها، في ذلك الوقت اتصل عليها والد الطفلة الأخيرة يسألها عن زوجته، وحكت له ما حدث.
«جرجس»، زوج مريم، قال:«زوجتى اتصلت عليّ، وكنت متوجهًا لمدينة العاشر من رمضان، لكننّى ذهبت إليها، رأيت شقيقى يتحدث مع البائع، ويرجوه أن يعتذر لزوجتى، ويقول له: إنت بائع وأحيانًا تخطئ مثلنا كلنا، ولا يجوز أن تضرب طفلة وامرأة»، حينها تحول العتاب لمشادة كلامية من جانب البائع ثم ضرب مفاجئ: «البائع استعان بـ3 أشخاص وضربوا نشأت، وأثناء تدخلى ضربنى البائع بكوب شاى بجبهتى، ولم أدرِ بالدنيا إلا وشقيقى سايح في دمه».
«صرخت أخويا بيموت، أخويا حرام عليكم».. يصف «جرجس» اللحظات الدامية وتغالبه دموعه: «الناس حملتنى وركبونى توك توك وتوجهوا بى للمستشفى، كانوا يخشون أن يقتلنى المتهمون مثل أخى»، إذ طارده متهم شهرته «النوبى»، هاربًا، وكاد يغرس سكينًا في بطنه: «قاللى هقتلك زى أخوك».
والدة «نشأت» هرولت لمكان الواقعة، محاولةً عبثًا إزاحة الضربات والطعنات عن جسد ابنها: «سيبوه عنده موسم، وبيدق الصلبان ويرسم المسيح والعدراء»، لكنهم قتلوه أمامها، تقول الأم: «حق ابنى عاوزاه بالقانون، اتقبض على بائع المحل واثنين آخرين، والمتهم النوبى هارب، لازم يتقبض عليه، دول يتموا 4 عيال، ابنى تحمل مسؤولة زواج شقيقاته الـ3 بعد وفاة أبيه».وندد الأهالى بسلوك المتهم قائلين أنه «وش مشاكل»