بلغت حدة التوتر فى منطقة الخليج العربى درجة قياسية، أمس، عقب اغتيال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس الإيرانى، العقل المدبر للنفوذ العسكرى المتنامى لطهران فى الشرق الأوسط، بقصف جوى أمريكى، فجر أمس، على مطار بغداد الدولى.
وقُتل الجنرال الإيرانى «سليمانى» والقيادى الكبير فى الحشد الشعبى العراقى، أبومهدى المهندس، فجر أمس، فى قصف جوى أمريكى استهدف موكبهما قرب مطار بغداد الدولى، فيما هددت إيران وحلفاؤها بـ«انتقام عنيف»، وحذر العراق من «حرب مدمرة».
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أعطى الأمر باغتيال «سليمانى»، الذى كان يُعتبر ثانى أقوى رجل فى إيران، بعد المرشد الأعلى على خامنئى.
وعلى مدى عقدين، كان «سليمانى» فى واجهة إبراز نفوذ إيران العسكرى فى الشرق الأوسط، وذاع صيته فى الداخل والخارج.
وذكر مسؤولون أمريكيون أن «سليمانى» قُتل فى ضربة بطائرة مُسيَّرة، بينما قال الحرس الثورى إنه قُتل فى هجوم بطائرات هليكوبتر أمريكية.
وأعلنت إيران- بعد ساعات من الاغتيال- تعيين إسماعيل قآنى قائدًا جديدًا لفيلق القدس.
و«المهندس» هو رسميًا نائب رئيس هيئة الحشد الشعبى، لكنه يُعتبر على نطاق واسع القائد الفعلى للحشد الشعبى، رجل إيران فى العراق، وقد أدرجت الولايات المتحدة اسمه على قائمتها السوداء.
وقال «خامنئى» إن انتقامًا عنيفًا بانتظار «المجرمين»، الذين قتلوا «سليمانى»، وإن مقتله، رغم مرارته، سيضاعف الحافز لمقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل. وأضاف «خامنئى»، فى بيان: «على كل الأعداء أن يعلموا أن جهاد المقاومة سيتواصل بدافع مُضاعَف، وأن نصرًا حاسمًا ينتظر المقاتلين فى الحرب المقدسة»، ودعا «خامنئى» إلى الحداد 3 أيام. وخرج مئات الإيرانيين فى مسيرة صوب المجمع الذى يقيم به «خامنئى»، وسط طهران، لتقديم التعازى.
وقال الرئيس الإيرانى، حسن روحانى، إن اغتيال «سليمانى» سيجعل إيران أكثر حزمًا فى مقاومتها للولايات المتحدة، بينما قال الحرس الثورى إن القوات المناوئة للولايات المتحدة ستثأر لمقتل «سليمانى» فى شتى أنحاء العالم الإسلامى. وندد رئيس الوزراء العراقى، عادل عبدالمهدى، بالواقعة بوصفها خرقًا لشروط الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق وعدوانًا على سيادة العراق، سيؤدى إلى إشعال فتيل الحرب.
ووصف المرجع الشيعى الأعلى فى العراق، على السيستانى، الواقعة بأنها «انتهاك للسيادة والاتفاقات الدولية»، ودعا كل الأطراف المعنية إلى ضبط النفس.
ودعا زعيم تيار الصدر، مقتدى الصدر، أنصاره إلى الاستعداد لحماية العراق، فيما دعا رئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم، الحكومة العراقية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لردع مثل هذه الاعتداءات، محذرًا من تداعياتها وخطورتها كونها تضع المنطقة على صفيح ساخن. ونددت حكومة الرئيس السورى بشار الأسد بما وصفته بالعدوان الأمريكى «المجرم».
وارتفعت أسعار النفط 3 دولارات بسبب المخاوف من تعثر إمدادات النفط من الشرق الأوسط.
وحثت السفارة الأمريكية فى بغداد كل رعاياها على مغادرة العراق فورًا.
وأعلنت وزارة النفط العراقية مغادرة عدد من الموظفين الأمريكيين العاملين فى قطاع النفط البلاد».
ودَعَت وزارة الخارجية المصرية، فى بيان، إلى تفادى أى تصعيد واحتواء الموقف، وأكدت أنها تتابع التطورات المتسارعة للأحداث فى العراق، والتى تنذر بتصعيد للموقف، من الأهمية تجنبه.
وأكدت أنها ترى أن احتواء الموقف يتطلب الوقف الفورى لجميع أنواع التدخلات الإقليمية فى شؤون الدول والشعوب العربية، والتى لن تؤدى سوى إلى إذكاء الفرقة والتوتر بين أبنائها التّوّاقين إلى السلام والاستقرار. وندد الأمين العام لحزب الله اللبنانى، حسن نصرالله، بعملية الاغتيال. وقال: «القتَلة الأمريكيون لن يستطيعوا أن يحققوا أيًا من أهدافهم بجريمتهم الكبيرة». وأضاف: «القِصاص العادل من قتلَته المجرمين، الذين هم أسوأ أشرار هذا العالم، سيكون مسؤولية وأمانة وفعل كل المقاومين والمجاهدين على امتداد العالم». ودعا المتمردون الحوثيون، المدعومون من إيران، فى اليمن، إلى «رد سريع ومباشر» ضد القواعد الأمريكية المنتشرة فى المنطقة. ونددت حركة حماس الفلسطينية بالضربة الأمريكية، وقالت، فى بيان: «العربدة والجرائم الأمريكية المستمرة فى زرع وبث التوتر فى المنطقة خدمة للعدو الصهيونى المجرم»، مضيفة: «الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن الدماء التى تسيل فى المنطقة العربية، خاصة أنها بسلوكها العدوانى تؤجج الصراعات دون أى اعتبار لمصالح الشعوب وحريتها واستقرارها». ووصفت حركة الجهاد الفلسطينية «سليمانى» بأنه «كان رأس الحربة فى مواجهة الهيمنة الأمريكية، وسندًا وداعمًا للمقاومة الفلسطينية والشعوب المقهورة».