x

انتفاضة نسائية دولية ضد التحرش

الثلاثاء 31-12-2019 08:46 | كتب: منة خلف |
مظاهرة نسائية دعمت تحرك «مى تو» مظاهرة نسائية دعمت تحرك «مى تو» تصوير : آخرون

شهد العقد الماضى جدلا واسعا حول قضية التحرش الجنسى والعنف ضد المرأة، ومحاولات مختلفة لمواجهة هذه الظاهرة، ولكن جاء عام 2017، لتأخذ القضية منعطفا تاريخيا، واهتماما غير مسبوق، مدفوعا بالتكنولوجيا الحديثة.. فى السطور التالية قصة «هاشتاج» أنصف المرأة، وأخرجها عن صمتها، وغيّر موازين اللعبة السياسية حول العالم.

بدأ كل شىء فى يوم الخميس الموافق 5 أكتوبر 2017، حينما خرجت الممثلة، آشلى جود، عن صمتها، متهمة المنتج السنيمائى الأمريكى الشهير، هارفى واينستين، بالتحرش الجنسى بها، وتطور الأمر ليصبح ككرة جليد تنحدر بسرعة شديدة فوق جبل من الاتهامات، حينما أجرت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«نيويوركر» تحقيقا مستندا على اتهامات آشلى وكشفا عن مجموعة من الانتهاكات الجنسية، قام بها منتج هوليوود المعروف على مدار عقود وعقود تجاه نساء فى الوسط السنيمائى وفنانات مشهورات فى بداية مسيرتهن المهنية.

مع نشر التحقيق، أدرك البعض أن أمرا جللا يحدث، لكن لم نعلم إلى أى مدى تصل ضخامة الأمر، ولكن سرعان ما جاءت الإجابة بعد 7 أيام من نشر التحقيق، حينما أطاحت اتهامات التحرش الجنسى برئيس «أمازون ستوديوز»، روى برايس، بعد ادعاءات المنتجة الأمريكية إيسا ديك هاكيت بأنه تحرش بها فى عام 2015. «إذا تعرضت للمضايقة أو الاعتداء الجنسى، اكتبى (أنا أيضا) MeToo كرد على هذه التغريدة»، بتلك العبارة القصيرة على حسابها على موقع «تويتر»، شجعت الممثلة أليسا ميلانو ملايين من النساء حول العالم لمشاركة تجاربهن السيئة مع الرجال، خاصة أولئك الذين فى السلطة، وأعادت أليسا بهذه التغريدة الهاشتاج الذى بدأته الناشطة الأمريكية تارانا بيرك عام 2006. فعلى شبكة «ماى سبيس» الاجتماعية، بدأت تارانا هاشتاج #Me too كجزء من حملة لتشجيع النساء اللواتى تعرضن للإساءة الجنسية، ولا سيما داخل المجتمعات المنغلقة على عدم الخوف من رواية قصتهن، وقالت بيرك، إنها استلهمت استخدام هذه العبارة بعد عدم مقدرتها على الرد على فتاة فى الـ13 من عمرها، أكدت لها أنها تعرضت لاعتداء جنسى، تمنت بيرك فى وقت لاحق لو أنها ردت ببساطة على الفتاة قائلة «أنا أيضًا».

شجعت ميلانو ضحايا التحرش الجنسى على التغريد، ومنح الهاشتاج الناس إحساسًا بحجم المشكلة، وقد قوبل هذا بنجاح كبير تضمن مشاركات بارزة من العديد من المشاهير الأمريكيين، أبرزهم جوينيث بالترو، وآشلى جود، وجينيفر لورنس، وأوما ثورمان، ولاعبة الجمباز الأوليمبية، ماكايلا مارونى، التى غردت بأنها تعرضت للاعتداء الجنسى من قِبل الطبيب السابق لفريق الجمباز الأمريكى الوطنى، لورانس نصار، الذى حُكم عليه بعد ذلك بالسجن 60 عامًا، بتهمة التحرش جنسيًا بالعديد من اللاعبات، بالإضافة إلى استغلاله الأطفال جنسيًا طوال عقود، وجاء الحكم بعد الاستماع إلى شهادات 160 من ضحاياه.

يومًا بعد يوم، تتغير الطريقة التى يتعامل بها العالم مع قضايا التحرش الجنسى، والرجال فى السلطة، واختارت مجلة تايم الأمريكية «كاسرى الصمت» الذين رووا تجربتهم مع الاعتداءات الجنسية عبر هاشتاج «مى تو» فى الولايات المتحدة وخارجها، ليصبحوا شخصية العام لسنة 2017.

ومع بداية عام 2018، أسس مشاهير هوليوود حركة ضد التحرش تدعى «تايمز أب» استجابة لهاشتاج «مى تو» وجمعت الحركة أكثر من 20 مليون دولار لصندوق الدفاع القانونى الأمريكى، وجذبت الحركة أكثر من 200 محامٍ متطوع.

وألقى التحرش الجنسى بظلاله على الدورة الـ90 لحفل توزيع جوائز «الأوسكار»، وسلط جيمى كيميل، مقدم الحفل حينها، الضوء على حركتى #MeToo وTime›s Up والتمييز ضد المرأة فى الأجور وفى فرص العمل بهوليوود، وأشار فى حديثه إلى إلغاء عضوية المنتج هارفى واينشتاين، كما تحدثت فى الحفل 3 فنانات رئيسيات ممن اتهمّن وينشتاين، وهن: آشلى جود، أنابيلا سيورا، وسلمى حايك، عن السبب الذى أسقط المنتج الشهير من على قمة هوليوود، فقالت «جود»: «التغييرات التى نشهدها مدفوعة بالجرأة والقوة لأصوات جديدة ومختلفة، لأصواتنا التى تتضافر فى عاصفة قوية تقول أخيرًا إن وقت الصمت انتهى».

سرعان ما انتقل تأثير الحركة من الأوساط السينمائية إلى الأوساط السياسية، فقبيل انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2017، اتهمت 7 سيدات مرشحًا جمهوريًا فى الانتخابات يُدعى روى مور بأنه تحرش بهن جنسيًا. بالتزامن مع ذلك أعلن السيناتور الديمقراطى عن ولاية مينيسوتا، آل فرانكن، استقالته من منصبه بعد اتهامات وجهت ضده بالتحرش الجنسى.

وفى عام 2018، وتحديدا فى الذكرى السنوية الثانية لحلف ترامب لليمين الرئاسى، خرج أكثر من مليون شخص إلى شوارع الولايات المتحدة وخارجها، وفقا لتقديرات وسائل الإعلام آنذاك، منددين بتهاون الرئيس مع القضايا النسوية.

مع انتهاء عام 2018، كشفت «نيويورك تايمز» أنه منذ نشر التحقيق الذى فجر حركة (مى تو)، فقد ما لا يقل عن 200 رجل بارز وظائفهم بعد مزاعم علنية بالتحرش الجنسى، وواجه عدد قليل تهمًا جنائية، ونحو نصف الرجال الذين خسروا أماكنهم، نجحت سيدات فى الاستحواذ على مناصبهم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية