أكـد زعيم حزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض، الدكتور حسن الترابي، أن الثورة المصرية أثرت إيجابياً على الدول العربية وستنعكس على كثير من التوازنات بالمنطقة والعالم، مشدداً على أن السودان ارتكب خطأ كبيراً عندما سلم السلطة لـ«العسكر».
وأشار الترابي, الذي يزور مصر حالياً بعد غياب دام نحو 23 عاما، إلى أن زيارته لمصر جاءت في إطار بحث الموقف السياسي بعد الثورة، وقال: «التقيت وسألتقي بالعديد من الرموز السياسية مثل عبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد البرادعي وعمرو موسى».
وأوضح «الترابي» في مقابلة تليفزيونية مع برنامج الحياة اليوم، علي تليفزيون الحياة، أن زيارته جاءت بشكل شخصي، وليست بصفته السياسية، وأوضح الترابي أن الحكم المركزي في السودان هو ما أدى بها للانفصال بهذا الشكل، مبدياً تخوفه من انقسام السودان لأربع أجزاء.
وقال إن الثورة في مصر تنعكس على السودان بشكل مباشر، مشيراً إلى أن السودان يوجد به حراك سياسي، ونزعة إقليمية في أجزاء به سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب ضد الحكم المركزي في الشمال، وأوضح أن تأثير الثورة في مصر وتونس على العالم العربي، تمثل في الإسراع بتقارب الشعوب في الدول العربية، ويؤدي بها إلى بحث التجاور والتكامل في جميع المجالات التجارية والاقتصادية حتى مع اختلاف السياسات، لأن التقارب يأتي من خلال إرادة الشعوب، وأشار الترابي إلى أن التخوف من انقلاب تيار سياسي، خاصة التيار الإسلامي على الثورة والاستبداد بالحكم، هو أمر وارد في تجربة الثورة المصرية، مؤكداً احتمال حدوث الفوضى خلال تلك المرحلة الانتقالية، وأشار إلى نيته لقاء ائتلافات شباب الثورة، مؤكداً أنهم الذين قاموا بالثورة وفتحوا المجال لكل التيارات والأحزاب السياسية، وكشف الترابي عن وجود خلافات بينه وبين الرئيس السابق حسني مبارك، بسبب خلفية انضمامه للتيار الإسلامي، وكراهية مبارك لهذا التيار وامتداده في السودان، والدعوة للتكامل بين مصر والسودان في كثير من المجالات.
وأشار زعيم حزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض، إلى أن زيارته إلى مصر تهدف لتقديم نصائحه للاستفادة بها في ثورة يناير، «حتى لا يجيء المصريون بالتيار الإسلامي المنغلق أو العسكر»، مؤكداً أن التيار الإسلامي التقليدي يمثل ثقافة منغلقة ومتخلفة في السودان، وقال إن المغزى من زيارته لمرشح الرئاسة المحتمل «عبدالمنعم أبوالفتوح»، هو لقاؤه بأحد رموز مرشحي التيار الإسلامي المنفتح في مصر، مضيفاً أن التيارات السياسية متعددة في السودان، منها التيار الإسلامي المنفتح الذي يستطيع التعامل مع جميع التيارات والاتجاهات السياسية، سواء داخل السودان وخارجها، وأشار إلي أن «أبوالفتوح» يرمز للتيار الإسلامي المنفتح في مصر.
وحول الفروق بين أفكار البرادعي وأبوالفتوح، قال الترابي إنهما يأتيان من موارد مختلفة، لكنهما يلتقيان في عدد من الأمور فيما يتعلق بالدستور والقانون والحريات وضبط المال العام.
وانتقل إلى الحديث حول التطور في الاتجاهات الخاصة بتيارات الإسلام السياسي حول العالم، مشيراً إلى تقدم الحركات الإسلامية حديثاً، وأكد أن الحكم في السابق كان يرتكز إلى الاستبداد وهو ما يعبر عن التجربة الإنسانية عامة، وقال إن الحركات الإسلامية أكثر مرونة من قبل، لافتاً إلى أن التغيير يتم بواسطة الشعب وليس عن طريق النخبة السياسية والثقافية فقط، لأن الحاكمين لا يمكن أن ينحازوا لأحد.
وفيما يتعلق بالسودان وقضية الشمال والجنوب، قال الترابي إننا نتحمل جزءاً من المسؤولية كنخبة ما حدث في انفصال الجنوب عن الشمال وهو نتيجة الحكم العسكري الاستبدادي، مؤكداً أن الحكم في الشمال لم يراع حقوق ومصالح الجنوب، ووصف فقدان الجنوب بالـ«مأساة»، مشيراً إلى ضياع كل موارد التنمية بسبب الحكم العسكري الذي لم يضع في الحسبان حقوق المواطنين في الجنوب.
وأكد أن السودان مر بثلاث تجارب سياسية مختلفة اتجهت كلها للعسكر الذي انقلب على الحركات السياسية التي قامت بحركة التغيير سواء كان عن طريق الحزب الشيوعي، أو التيار الإسلامي، و«عندما تطرقنا إلى كل مفاهيم اللامركزية في السلطة واحترام الدستور، ومراعاة حقوق المواطنين سواء في الشمال أو الجنوب، فلم يتم مراعاة ذلك»، مؤكداً أهمية إطلاق الحريات العامة في السودان، خاصة حرية الصحف والأحزاب، مشيراً إلى أن الضوابط والرقابة ينبغي أن تكون شعبية ومجتمعية، وليست من قبل السلطة.