لم تكن المعلمة باروريا، التي تعود أصولها إلى مدينة بخارى في أوزبكستان، تتخيل أن زواجها من طبيب الأطفال شموئيل سرتشنسكى المهاجر من الأرجنتين، سيسفر عن ولادة طفل سيتصدر اسمه عناوين الأخبار باعتباره المنافس الرئيسى للجالس على عرش إسرائيل، بنيامين نتنياهو (70 عاما).
إنه جدعون ساعر، المولود بمدينة تل أبيب في 9 ديسمبر 1966، الذي قدم أوراق ترشحه رسميا، أمس، للمنافسة على رئاسة حزب الليكود اليمينى، في مواجهة نتنياهو، الذي يواجه أصعب لحظات حياته السياسية، مستميتا في التمسك بكرسى الحكم، لاسيما أن بديله سيكون السجن لا محالة، بعد ثبوت إدانته في 3 قضايا فساد.
لم تكن طفولة جدعون وشقيقه وشقيقته سعيدة، خاصة بعد طلاق والديه عام 1982، وبعد ذلك بعامين التحق بالجيش الإسرائيلى لأداء الخدمة العسكرية كمقاتل في لواء جولانى، وهو من ألوية النخبة للمشاة.
أصيب جدعون خلال أحد التدريبات، فتم تحويله ليتلقى دورة تدريبية في الاستخبارات، عاد بعدها ليخدم في جولانى، وظل كجندى احتياط حتى بلغ الـ36 من عمره.
بعد تسريحه من الجيش، واصل جدعون دراسته فحصل على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة تل أبيب بتقدير امتياز. وخلال دراسته ورغم آرائه اليمينية المعروفة، وافق زعيم حركة «السلام الآن» اليسارى الإسرائيلى الشهير، أورى أفنيرى، على عمل جدعون صحفيا في صحيفة «هعولام هازى» (هذا العالم) التي كان أفنيرى يرأس تحريرها. بعد ذلك انتقل للعمل كمراسل لأخبار الأحزاب في صحيفة «حداشوت» (الأخبار)، التي صدرت عام 1984 وتوقفت عن الصدور عام 1993، لينتقل بعدها إلى محرر لأخبار الحوادث والقضايا في القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى.
نجح جدعون في الحصول على درجة الماجستير في القانون بجامعة تل أبيب، ليلتحق بالعمل في النيابة، قبل أن يصبح مساعدا للمستشار القضائى للحكومة الإسرائيلية ميخائيل بن يائير، ثم مساعدا للنائب العام خلال عامى 1997 و1998. وفى بداية 1999 أصبح سكرتيرا لحكومة نتنياهو الأولى لمدة 18 شهرا قبل أن يخسر نتنياهو الانتخابات.
افتتح جدعون مكتبا للمحاماة بالشراكة مع محام آخر، لكنه تركه بعد عامين فقط، في مارس 2001، بعد تعيينه مرة أخرى سكرتيرا للحكومة الإسرائيلية التي قادها آنذاك آريل شارون، فعاصر أدق تفاصيل الانتفاضة الفلسطينية الثانية والعدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينى، التي أطلق عليها اسم عملية «السور الواقى».
وبموجب عمله كان ضمن الفريق الذي أجهض محاولات تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الفظائع التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلى في مدينة جنين الفلسطينية خلال عملية «السور الواقى».
في 17 إبريل 2003 انتُخب نائبا بالكنيست عن تل أبيب وحزب الليكود، بل أصبح رئيس كتلة الليكود وزعيم الائتلاف الحاكم داخل الكنيست في عهد حكومة شارون الثانية. واستقال من منصبه مرتين اعتراضا على خطة الخروج الإسرائيلى من غزة دون اتفاق، لكنه عاد في المرتين بناء على طلب من شارون. وكان عضوا في لجان الدستور والقضاء وتمكين المرأة.
توالت مسيرة جدعون حتى أصبح وزيرا للتعليم في حكومة نتنياهو خلال الفترة من مارس 2009 إلى مارس 2013، ثم وزيرا للداخلية من مارس 2013 إلى نوفمبر 2014.
واليوم، قرر جدعون ساعر منافسة رئيسه نتنياهو على رئاسة حزب الليكود، تمهيدا لخوض السباق إلى قمة الحكم في إسرائيل، خلال الانتخابات المقررة في مارس 2020.