«مدن الخيام» و«الشوارع الغاضبة»، و«تصدع في الائتلاف الحكومي» الذي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بهذه العناوين وغيرها التي تصب في نفس الاتجاه، صدرت الصحف الإسرائيلية في الأسبوع الماضي، في إشارة إلى الاحتجاجات التي عمت إسرائيل في الفترة الأخيرة، على خلفية مطالب اقتصادية واجتماعية، تصاعدت لتصل في نهاية الأمر إلى محاولة تقليد النموذج المصري في الاحتجاج، إلى إسرائيل، ونقل نموذج ميدان التحرير إلى حديقة الورود المقابلة للكنيست.
الحديث عن «مظاهرة مليونية» أو «اعتصام مليوني» في دولة لا يزيد عدد سكانها عن 7.5 مليون شخص، قد يكون مستحيلاً، إلا أن قادة الحركة الاحتجاجية المناهضة لزيادة أسعار السكن، والتي تضم شباناً إسرائيليين في سن الزواج، وأسر إسرائيلية مهددة بفقدان مسكنها، بالإضافة إلى اتحاد الطلاب الجامعيين في إسرائيل، قرروا الدعوة لهذا الاعتصام الـ«مليوني»، الأحد، أمام الكنيست الإسرائيلي.
بدأت الحركة الاحتجاجية المناهضة لزيادة أسعار السكن بعشرين خيمة فقط، في عدة مدن إسرائيلية، لتصل في خلال أسبوع واحد إلى أكثر من 200 خيمة، في تل أبيب، و«كريات شمونا» في الشمال، و«بئر سبع» جنوباً، والقدس، و«كفار سابا»، و«هرتزيليا»، وغيرها من المدن، كما انضم للمحتجين شبان من فلسطينيي 48، الذين يحتجون على رفع أسعار السكن في إسرائيل خلال السنوات الأخيرةبنسبة 36% بينما زادت الأجور بنسبة 8% فقط.
هذا التطور السريع للحركة الاحتجاجية المناهضة لرفع أسعار الشقق السكنية، بدأ يهدد بشكل فعلي، بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، بـ«إسقاط» حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إذا لم يتم تلبية مطالب المحتجين،ونقلت صحيفة «هاآرتس» عن «كرمل ساما»، رئيس اللجنة الاقتصادية في الكنيست قوله أثناء زيارته للمحتجين في خيامهم إن «مشكلة السكن تواجه الجميع، وإذا لم تتحرك الحكومة لمواجهتها، فستسقط»، في حين هدد أعضاء اللجنة بسحب الثقة من الحكومة في حال فشلها في مواجهة هذه الأزمة، وظهرت بوادر لـ«تصدعات أولى» في ائتلاف «نتنياهو» الحكومي، حيث أعلن وزير الداخلية «إيلي يشاي»، من قيادات حركة«شاس»، قوله: «سننسحب من الحكومة إذا لم تحل مشكلة السكن».
من جانبهم أعلن المحتجون الإسرائيليون عن نيتهم في اتخاذ خطوات تصعيدية، تبدأ بالاعتصام، الأحد، أمام الكنيست، وذلك بعد إصابتهم بـ«خيبة أمل»، كما قالت صحيفة «هاآرتس»بسبب المراوغات الإعلامية التي يلجأ إليهاالسياسيين، دون وضع حل حقيقي لمشكلتهم، إلا أن ثمة تصعيد آخر سيلجأ إليه المحتجون، حيث يخطط اتحاد الطلاب الجامعيين في إسرائيل، لإغلاق مداخل العمارات الفخمة التي تسكنها شخصيات شهيرة، وتعليقلافتات احتجاجية كبيرة على أسطحها.
احتجاج الشباب الإسرائيلي على زيادة أسعار الشقق السكنية، يأتي متواكباً مع استئناف الأطباء الإسرائيليين لإضرابهم، في العيادات والمستشفيات، الأربعاء الماضي، في استمرار لحركتهم الاحتجاجية التي بدأت منذ 3 أشهر للمطالبة بزيادة عددهم في المستشفيات (يبلغ عدد الأطباء في إسرائيل 22 ألف فقط) وتقليل ساعات المناوبة، بالإضافة إلى زيادة الأجور، وتقليل الضرائب.
وكان قيادات حركة الأطباء الاحتجاجية، والحركة الاحتجاجية المناهضة لزيادة أسعار الشقق السكنية، قد عقدا اجتماعاً مشتركاً، الخميس الماضي، لتنسيق جهودهما الاحتجاجية المشتركة، ومن بينها الاعتصام أمام الكنيست، الأحد.
الحركة الاحتجاجية الإسرائيلية المتصاعدة لا تقتصر فقط على الرافضين لزيادة أسعار السكن، ولا الأطباء، إنما تمتد لصفوف الأخصائيين الاجتماعيين الذين دخلوا في إضراب أكثر من مرة في الشهور الأخيرة للمطالبة بزيادة رواتبهم، وأيضاً العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ومنتجي الألبان في إسرائيل، بسبب قرار الحكومة الإسرائيلية تخفيض أسعار الألبان، كما يتوقع حدوث احتجاج آخر قريباً، احتجاجاً على الزيادةالمتوقعة في أسعار الكهرباء، بسبب توقف ضخ الغاز من مصر، حيث تزود مصر شركةكهرباء إسرائيل بـ 40% من استهلاكها من الغاز.