فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها في 650 دائرة انتخابية بالمملكة المتحدة في انتخابات عامة مبكرة من أجل اختيار نواب البرلمان من إجمالى 3321 مرشحًا، وذلك بهدف حسم مسألة خروج البلد من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، وسط حالة غموض تخيم على الانتخابات، التي تجرى للمرة الثالثة منذ 2015، بسبب تقلص الفارق بين مؤشرات التصويت لكل من حزب المحافظين الحاكم وحزب «العمال»، الذي يتزعمه جيرمى كوربين، ما دفع رئيس الوزراء البريطانى، بوريس جونسون، إلى الاعتراف بخطورة الوضع.
وأعرب «جونسون»، قبل ساعات من انطلاق التصويت، عن قلقه من التقارب الشديد في حظوظ حزبه مع حزب العمال. وقال، لمحطة «سكاى نيوز» التليفزيونية: «الوضع حرج للغاية، السباق متقارب جدًا. أقول للجميع إن هناك احتمالًا حقيقيًا أن نتجه، غدًا، إلى برلمان مُعلَّق» معتبرًا أن الوضع في هذه الحالة سيمثل المزيد من الانجراف والاضطراب والتعطيل لبريطانيا.
وسعى «جونسون» إلى حشد مصوتين له ولحزبه عبر حسابه على «تويتر» من خلال سلسلة تغريدات، عمد فيها إلى استمالة مؤيدى خروج المملكة من الاتحاد الأوروبى.
وأضاف «جونسون»، في تغريدة: «نحن دولة عظيمة، ويمكننا أن نصبح أعظم مما نحن عليه.. صوِّتوا اليوم.. ودعونا ننجز بريكست.. صوِّتوا لحزب المحافظين»، وتبعت ذلك مجموعة من التغريدات، التي دعا فيها متابعيه إلى التصويت له ودعمه في الانتخابات.
وقبيل انطلاق الانتخابات، امتنع «جونسون» عن الإدلاء بأى تصريحات صحفية، ما دفعه إلى الاختباء داخل ثلاجة صناعية من صحفيين لاحقوه لإجراء مقابلة معه، مساء أمس الأول.
ووقعت الحادثة في أحد مصانع الحليب بمدينة ليدز في مقاطعة يوركشاير البريطانية، حينما حاول فريق تصوير من برنامج «صباح الخير بريطانيا»، الذي يُعرض على شبكة «آى تى فى»، الحصول على موافقة «جونسون» على إجراء مقابلة على الهواء مباشرة معه، وعندما وجّه مراسل القناة، جوناثان سواين، سؤالًا إلى رئيس الوزراء بشأن وعده قبل شهرين بالظهور في البرنامج، بدا «جونسون» مرتبكًا، وقال: «سأكون معك في غضون ثانية»، وانسحب ليختبئ بسرعة داخل الثلاجة، برفقة مساعديه، قبل أن يصيح أحد مقدمى البرنامج: «ذهب إلى الثلاجة». إضافة إلى ذلك، سمع مساعد «جونسون» عند رؤيته فريق التصوير يقول: «اللعنة»، وتبين لاحقًا أن المساعد هو روب أوكسلى، السكرتير الإعلامى لـ«جونسون». في المقابل، لجأ زعيم حزب العمال «كوربين» إلى منصة التواصل الاجتماعى «تويتر» من أجل حشد المزيد من الأصوات لصالح حزبه. وكتب، في تغريدة، أمس: «القضية التي يناصرها حزب العمال هي أمل العالم».
وقام بنشر مقطع فيديو لمنافسه «جونسون»، يتحدث فيه عن أن «غياب العدالة أمر أساسى» فيما يتعلق بالضرائب على الشركات، وكتب، في تغريدته، التي أرفق بها مقطع الفيديو، الذي يكشف الكثير عن سياسات «جونسون» المالية والاقتصادية التي يعارضها حزب العمال: «إن كنتَ لا تعلم لمَن ينبغى أن تصوت، فشاهد هذا الفيديو».
وأضاف، في تغريدة أخرى: «يمكننا تحقيق تغيير حقيقى، ولا نحتاج أموالًا لذلك، عليكم أن تصوِّتوا فحسب، وهذا أقوى بكثير من المال».
وأفاد استطلاع أجرته مؤسسة «سافانتا كومرس» لحساب صحيفة تليجراف البريطانية، ونُشر مساء أمس الأول، بأنه على الرغم من تقدم حزب المحافظين الحاكم في مؤشرات التصويت المحتمل، فإنه شهد تراجعًا على حزب العمال المعارض إلى 5%.
ووفقًا للاستطلاع، فإن التأييد لحزب «المحافظين»، بقيادة «جونسون»، ظل على نسبة 41%، بينما ارتفع التأييد لحزب العمال بواقع 3%، ليصل إلى 36%، وهو أقل فارق تسجله المؤسسة منذ منتصف أكتوبر الماضى وأفضل أداء لحزب العمال منذ يناير الماضى.
وقالت المؤسسة إن هذه النتائج تشير إلى أنه من الصعب تحديد نتيجة الانتخابات، إذ يقول واحد من كل خمسة تقريبًا إنه قد يغير رأيه، ومن المحتمل أن نرى أغلبية صريحة لحزب المحافظين أو نرى برلمانًا مُعلَّقًا.
ويعول البريطانيون على الانتخابات العامة المبكرة هذه أملًا في الحصول على أغلبية مطلقة في البرلمان، الذي أدى انقسامه حتى الآن إلى جعل مصيرها داخل الاتحاد الأوروبى مجهولًا، وبإنجاز هذه الانتخابات يختار البريطانيون بين الخروج من الاتحاد الأوروبى، بقيادة «جونسون»، أو تنظيم استفتاء جديد حول «بريكست»، بقيادة «كوربين».
في الوقت نفسه، عبّرت إسرائيل عن قلقها إزاء الانتخابات البريطانية، واصفة الصعود المحتمل لحزب العمال، بزعامة «كوربين»، بأنه يمثل تهديدًا للعلاقات الثنائية.
وقالت تسيبى هوتوفلى، نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية، لقناة «واى. نت» التليفزيونية: «هذه (الانتخابات) تقلقنا بشدة.. صحيح أننا كدولة لا يسعنا القول إننا ندعم هذا المرشح أو ذاك، لكن (كوربين) يشكل خطرًا حقيقيًا على العلاقات بين إسرائيل وبريطانيا، وأنا أعلم أن يهود بريطانيا قلقون جدًا من هذا الاحتمال».
وأضافت: «يجب أن يكون مفهومًا أن الأشياء التي يقولها (كوربين) والرياح التي تهب على حزب العمال هي رياح معادية للسامية. وهذه مسألة خطيرة للغاية».
وتعرض «كوربين»، وهو ناشط مخضرم مؤيد للفلسطينيين، لانتقادات داخل حزب العمال، كما نقلت وسائل إعلام بريطانية، عن بعض يهود البلاد، قولهم إنهم سيفكرون في الهجرة في حال انتخاب «كوربين». وكان «كوربين» قد دعا إلى الاعتراف بدولة فلسطينية ومراجعة صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، الأمر الذي أثار غضب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو.