فى أول نشاط جماهيرى حاشد داعم لقرار القيادة الفلسطينية التوجه إلى الأمم المتحدة، لنيل عضوية دولة فلسطين الكاملة فى المنظمة الدولية، سار نشطاء السلام الإسرائيليون والأجانب فى القدس الشرقية فى تظاهرة دعما لاستقلال فلسطين، إيماناً منهم بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مدمر للسلام، والخطوة الصحيحة المطلوبة فى هذه الحالة هى الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأمم المتحدة.
ولأن أمريكا وإسرائيل ترفضان المطلب الفلسطينى، وتسعيان جاهدتين لإفشاله، بالضغط على الفلسطينيين والمجتمع الدولى، للحيلولة دون تحقيق هذا الهدف، فقد دعمت الجامعة العربية انضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة، وقررت لجنة المتابعة العربية التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية، وذلك بعدما أفشلت الولايات المتحدة اجتماع اللجنة الرباعية فى إصدار بيان سياسى يستجيب لمرجعيات التسوية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وكون وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، التى تمثل بلادها، مارست الضغط لتضمين الخطاب ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل، فضلاً عن قضايا أخرى تمس مستقبل السلام.
ويشكل الإجماع العربى فى دعم الخيار الفلسطينى ضمنياً نزع الشرعية عن دور الرعاية الأساسية للولايات المتحدة، فالدعم العربى يأتى فى وقت توجه القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة فى ظروف شعبية عربية ضد الأنظمة السياسية.
إن الذهاب للأمم المتحدة ربما لا يكون مجدياً مادياً، لكنه يعنى الانتصار حتى لو كان معنويا، فهو جهد يضاف إلى كل الجهود الفلسطينية لنيل الحق الفلسطينى، فالمعانى من وراء الذهاب للأمم المتحدة، سواء طالب الفلسطينيون برفع عضوية منظمة التحرير من عضو مراقب إلى دولة كعضو مراقب، أو المطالبة بدولة على حدود 1967، فكلها معان قد لا تكون مكتوبة، إلا أنها تستنتج، وكلها تصب فى صالح القضية الفلسطينية والمفاوضات.
ومن هذا المفهوم، فإن الذهاب للأمم المتحدة يعنى أن كل الديمقراطيات فى العالم المساندة للثورات العربية ستنكشف أمام هذا الاستحقاق، ولو حصل اعتراف دولى بفلسطين على حدود1967 فهذا كاف مرحلياً ليصبح مرجعية واضحة للتفاوض، مما يحشر إسرائيل فى الزاوية.
القيادة الفلسطينية تعى ذلك جيدا، لذا فهى تقوم بأكبر حملة دبلوماسية من نوعها، لجلب أكبر دعم ممكن فى دول العالم، وعلى مستوى القارات الخمس، للحصول على مزيد من الاعتراف بالدولة قبل سبتمبر المقبل، فهى لا تنوى أن تطلب اعترافاً فى سبتمبر، أو تعلن الاستقلال، كما يعتقد البعض، بل الذهاب لطلب عضوية كاملة لفلسطين.
وفى هذا الإطار هى غير معنية بمواجهة مع أمريكا فى ظل تهديدها باستخدام الفيتو، وقطع المساعدات، لذا فإن السلطة الفلسطينية وضعت خطة عمل وإجراءات للاعتراف بعضوية دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وجاء فى الخطة أن طلب العضوية يمكن أن يتكرر كل يوم فى حال رفض واشنطن، أو أى من الدول الدائمة العضوية فى مجلس الأمن، وفى حال رفض المجلس الطلب، وتم تحصيل ثلثى أصوات الجمعية، فهذا لا يعنى الحصول على عضوية كاملة، وإنما الحصول على صفة (دولة غير عضو) بخمسين صوتا +1 ولا حاجة للثلثين.