وصف المستشار هشام جنينة، الرئيس بمحكمة الاستئناف، رمز تيار استقلال القضاة، المرشح السابق على رئاسة نادى القضاة، انتخابات النادى المقررة الشهر المقبل بأنها «هزلية وعبثية»، و«لن تكون لها جدوى فى هذا التوقيت، لذلك قررنا مقاطعتها».
وأضاف «جنينة»، فى حواره لــ«المصرى اليوم»، أن المستشار أحمد الزند، رئيس النادى الحالى، يحاول اقتناص فرصة بإجراء الانتخابات فى هذا التوقيت رغم أنها لن تشهد حضورا مكثفا من جانب القضاة، وطالب بالتحقيق مع «الزند» فيما يثار عن تحقيقه مكاسب مالية، وحصوله على شقق وشاليهات بالساحل الشمالى من وراء رئاسته لنادى القضاة.
واتهم المستشار عادل عبدالحميد، وزير العدل الحالى، بالحصول على مكافأة قدرها مليون ونصف المليون جنيه لأعضاء مجلس القضاء الأعلى أثناء رئاسته له، فى أعقاب زيارة للرئيس السابق مبارك، دون وجه حق.
واعتبر «جنينة» مرافعة النيابة العامة فى قضية قتل المتظاهرين، المتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك، تلقى بالمسؤولية على المجلس العسكرى بشكل غير مباشر، بسبب تراخيه عن التصدى لإتلاف مستندات ووثائق إدانة الرئيس السابق وأعوانه.. وإلى نص الحوار..
■ بداية لماذا قرر تيار الاستقلال مقاطعة انتخابات نادى القضاة؟
- الأسباب كثيرة، ليس من ضمنها ما أعلنه المستشار أحمد الزند من أن القرار جاء تسليماً بما أنجزه النادى فى عهده، ومشاركتنا كانت ستصبح عبثاً وهزلاً، بالإضافة إلى أننا نرى دورنا فيما يتعلق بهموم الوطن أعم وأشمل من اقتصاره على انتخابات النادى، فى ظرف يحتاج فيه الوطن كل الجهود، وبالأخص القضاة فى ظل انتخابات برلمانية، واستفتاء على دستور، وانتخابات رئاسية، مشتت فيها جهد القضاة.
ودخولنا معركة انتخابية الهدف منها الحصول على مقاعد ينتقص كثيراً من قدرنا فى نظر الناس والمجتمع المدنى، والشباب الذين ضحّوا فى الثورة.
■ النادى قال إنه لا يرغب فى البقاء يوماً واحداً دون شرعية وملتزم باللائحة التى تنظم مواعيد الانتخابات؟
- هم أهدروا اللائحة من قبل، ولم يجروا انتخابات تجديد ثلثى فى العام الأول من عمر المجلس، والنادى أعلن فتح انتخابات تجديد ثلثى الشهر الماضى ثم أجلها بدعوى أن الظروف غير مهيأة لانشغال القضاة، هل أصبحت الظروف الآن مهيأة لانتخابات شاملة، أم أن الأمر لا يتجاوز كونه اقتناص فرص؟!
■ ما فرص المستشار الزند فى إجراء الانتخابات حالياً؟
- النادى يضم قضاة من مختلف أنحاء الجمهورية، ويجب تواصل المرشحين مع الزملاء من أسوان حتى مرسى مطروح، وأى مرشح جديد لابد أن تتاح له تلك الفرصة، وهو أمر مستحيل وأراه عبثاً وهزلاً، فى ظل انشغال القضاة بالانتخابات البرلمانية، وسيتسبب ذلك فى انتخاب مجلس الإدارة الحالى بالتزكية، بعد انسحاب المرشحين.
■ ما علاقة انتخابات النادى وقانون السلطة القضائية؟
- القانون الذى أعدته لجنة مجلس القضاء الأعلى نص على باب مستقل يتعلق بشؤون نادى القضاة، لتقنين وضع النادى القانونى، ويوجد نص على أنه بمجرد صدور قانون السلطة القضائية يحل مجلس الإدارة.
■ وهل سيقر البرلمان مشروع قانون لجنة القضاء الأعلى؟
- بالتأكيد الأمر متروك لمجلس الشعب، وأياً كان المشروع سيتعين حل مجلس إدارة النادى، وإذا قال البرلمان «يكملوا» لن تكون هناك مشكلة، فنحن مع الشرعية.
■ نادى القضاة قال إن انشغال القضاة بقضاياهم لا يتعارض مع الإشراف على الانتخابات واعتبر أنه لا مانع من إجرائها فى توقيت الانتخابات البرلمانية؟
- الربط غير منطقى، فهناك فرق بين انشغال معتاد وعمل طبيعى مستمر لا مفر منه، وبين جهد إضافى فى الانتخابات، ودائماً كان نادى القضاة يختار التوقيت المناسب لإجراء الانتخابات فى أعقاب الحركة القضائية، وأنا من الآن أؤكد أنها ستكون أضعف نسبة حضور، والمرشحون لن تتاح لهم فرص متكافئة ومتساوية مع مجلس الإدارة الحالى، لأن السابقين عرفوا من الانتخابات السابقة، وهذا ما يرجح فوزهم بالتزكية.
وفى جميع الأحوال لن تكون الانتخابات معبرة عن إرادة القضاة، و«إحنا ماكانش ينفع نعمل زى النظام السابق»، ونستمد مشروعيتنا من نسبة مشاركة تكاد تكون معدومة، لأنه بهذه الطريقة تم إبعاد وإقصاء عدد أكبر من القضاة.
■ لكن المستشار أحمد الزند فاز وقائمته فى الانتخابات الماضية والكل أجمع على أنها شهدت مشاركة كبيرة؟
- ما قام به مجلس إدارة نادى القضاة فى عهد المستشار زكريا عبدالعزيز كان إحدى بوادر قيام ثورة 25 يناير، وسأحكى لك ما يؤكد أن مجلس الإدارة الحالى جاء بدعم من النظام السابق، فوزير العدل الأسبق ممدوح مرعى أرسل لى رسالة مع أحد المقربين منه قال لى فيها إنه سيكون على الحياد فى انتخابات النادى، وسيقف بعيداً عنها، لكن ما حدث أن تقارير أمنية رُفعت إلى رئاسة الجمهورية قالت إنه إن لم تقف الوزارة فى صف الفريق المنافس لنا سيحالفنا الحظ، وعلى أثر ذلك تم استدعاء «مرعى» لرئاسة الجمهورية، والتقى الرئيس السابق حسنى مبارك فى زيارة مسجلة فى دفتر الزيارات ولم يعلن عنها، طلب منه خلالها الرئيس السابق أن يتدخل ويكون له دور فى الانتخابات، ثم جاءنى نفس الشخص الذى حمل الرسالة الأولى برسالة جديدة كانت بمثابة اعتذار غير مباشر عن الكلمة التى وعد بها الوزير وتراجع عنها.
■ ماذا فعل النظام السابق لمساندة مجلس الإدارة الحالى؟
- وزارة العدل تحملت نفقات سفر زملاء من أقاصى الصعيد إلى القاهرة، وتكلفة إقامتهم فى فنادق على حساب الوزارة، بالإضافة إلى أن النظام قام بالتلويح بمصالح خاصة للقضاة، مثل تعيين الأبناء فى القضاء، وأنه لابد من مساندة منافسى تيار الاستقلال، وأنا لا ألوم على القضاة فنحن بشر، والمصلحة الخاصة كثيراً ما تطغى على المصلحة العامة.
■ أحد رموز تيار الاستقلال المستشار زكريا عبدالعزيز يتواجد فى مظاهرات فى ميدان التحرير وهو مازال فى السلك القضائى.. أليست هذه سياسة؟
- موقف «عبدالعزيز» وتواجده فى التحرير موقف شخصى منه، ولا يجب أن يحمل تيار الاستقلال قناعات «عبدالعزيز» الشخصية، وهو أبدى احتراماً لرأينا، وأبدى قناعته بما هو عليه، وأنا لا أستطيع أن أفرض عليه رأياً، ولا هو يستطيع فرض رأى أو قناعة على المجموعة، لكل منا قناعاته، والعلاقة بينا طيبة ومحترمة ونتواصل مع بعضنا.
■ معنى ذلك أنكم تحدثتم معه فى أمر مشاركته فى المظاهرات؟
- هو أبدى قناعة بدوره، باعتباره عضواً مختاراً فى المجلس الاستشارى للثورة الذى شكله الثوار هناك.
■ ألا يتعارض ذلك مع طبيعة عمل القضاء؟
- وجهة نظرى أن ذلك يتعارض، «لكن هو شايف قيمته» كصاحب فكر ثورى، أو فكر إصلاحى، تجاوز كونه من القضاة، وطول عمره صاحب رؤية وفكر، ولا أستطيع الحجر عليه، لكن لا نتحمل مواقفه، ولا مواقف المستشار حسام الغريانى، لسنا أوصياء على فكر بعض، والثابت هو أننا كمجموعة نريد لمصر قضاء يتمتع باستقلال حقيقى كامل غير منقوص، وقد تختلف وسائل كل منا.
■ ألا ترى أن تسمية «تيار الاستقلال» بهذا الاسم تُغضب كثيرا من القضاة؟
- أنا ضد فكرة تسمية «تيار الاستقلال»، وهذه الفكرة أثارت انقساما غير مرغوب فيه داخل القضاء، ومن أطلق هذه التسمية وسائل الإعلام، ونحن لم نطلق على أنفسنا هذا الاسم، وللأسف كثير من القضاة يعتبرون ذلك نوعاً من الانتقاص منهم، لأنهم اعتبروا أن هذا معناه أن ما عدا هذه المجموعة ليسوا أصحاب فكر استقلالى، وأنا أجزم - بشكل كامل - بأن القضاة جميعاً أصحاب فكر استقلالى وليس قضاة تيار الاستقلال فقط، لكن يتفاوت جهدهم.
■ القضاة جميعاً بمن فيهم المستشار أحمد الزند؟
- نعم، هو ومجلس إدارته الحالى، لكن جهده فى هذا الاتجاه ليس ملموساً، وهو سكت طوال فترة ولايته أيام النظام السابق، وإلى قيام الثورة، حتى أطلق حسام الغريانى مشروعه ولجنته فبدأ يتكلم، وأنا لا أشكك فى أنه يؤمن بفكرة الاستقلال لكن هو لا يستطيع المواجهة، وهذا هو الفارق بينا وبينه، و«إحنا مافيش حد ماسك علينا ملف مفتوح فى الوزارة علشان نخاف منه»، وأنا شخصياً أقول ما أقتنع به، ويجب ألا يطلب منى أن أكون نسخة مكررة منه، ولا أنا أطلب منه، ولكن لا يشوهنى.
■ هل شوّه «الزند» صورتك؟
- طبعاً، فالكلام الذى يثيره أننا مجموعة تسعى إلى انقسام القضاة وتسعى إلى فكر يملى علينا من فصائل سياسية - يشوه صورتنا، وأنا أقول له: هل نحن نعمل ضد صالح الوطن، لو أننا نعمل ضد صالح الوطن ما كشف مجلس إدارتنا تزوير الانتخابات عام 2005، بينما مجلس إدارته سكت عليها عام 2010.
وأؤكد بعد 3 سنوات من تركنا نادى القضاة أننا لم نحصل على ميزات شخصية، وليس لنا علاقة خاصة بأمن الدولة، ولا مؤيدون مشبوهون، ولا أحد يتحمل تكاليف حملتنا الانتخابية، وغيرنا فى مجلس الإدارة الحالى حصل على سيارات وشقق، فى منتجعات فى الساحل الشمالى، وغيرنا كانت تهدى إليه هدايا من مباحث أمن الدولة، وحملتنا الانتخابية نصرف كل مليم عليها من جيوبنا.
وأنا أطالب بالتحقيق فيما أثير عن مكاسب مالية حصل عليها مجلس إدارة النادى الحالى، وكيفية توزيع الشقق السكنية فى مشروع إسكان للنادى، وتخصيص شاليهات فى الساحل الشمالى، وشقق فى مشروعات الإسكان فى 6 أكتوبر، وإهداء سيارات ومنقولات لمجلس إدارة النادى من شركات مقاولات.
■ عدد من القضاة يلومون عليكم الحديث عن تطهير القضاء باعتبار ذلك يؤثر على الصورة الذهنية لدى المواطنين عن القضاة؟
- نحن نتحدث عن مواطن فساد داخل القضاء، «يعنى نستنى ظابط شرطة أو مواطن عادى يتحدث»، وما يحدث منا شىء معتاد، «فطول عمر القضاء هو اللى بيطهر نفسه»، والقضاة الشرفاء لن يستنكروا عملية الإصلاح، لأن ما أصاب القضاء أصاب كل مؤسسات الدولة، وأن يتخذ القضاة زمام المبادرة فهذا يحسب لهم ولمن يحمل لواء هذا الإصلاح، وهذا ناتج من حرصنا على ثقة الناس فينا، ولا نسعى لتبوؤ منصب، بدليل أننا لم ننتهز فرصة قيام الثورة للمطالبة بحل مجلس إدارة نادى القضاة.
وكان من الممكن انتهاز فرصة قيام الثورة، ونطالب بحل المجلس، لأن المبرر كان قائما، بسبب وضع أحمد الزند فى القائمة السوداء للثورة وكان يمكننا القفز على الحدث وأن نفعل مثله، وأنا أؤكد لك أن وصف «الزند» للثوار فى ميدان التحرير بـ«الرعاع» أثناء الثورة أساء للقضاة، وعيب أن يكون لنادى القضاة موقف سلبى من الثورة، لأن النادى كان فى فترات كثيرة جزءاً من ضمير الوطن.
■ ماذا عن «توريث القضاء»؟
- أنا ضد منطق التوريث، وهو فكرة وليدة من النظام السابق أراد أن تترسخ فى المجتمع، وليس فى أوساط القضاة وحدهم، ففى الصحافة والجامعة والخارجية يحدث الأمر نفسه، وبالطبع لابد من التخلص من ذلك، وأنا لا أمانع أن نبدأ بالقضاء، لكن دون قصر ذلك عليه، بحيث لو ذهب ابنى إلى الجامعة وتفوق يتم تعيينه، وإذا أراد العمل فى الخارجية أستطيع إلحاقه بالعمل الدبلوماسى.
■ دفعة 2009 نيابة عامة وقضاء لم يتم التصديق عليها بسبب ما قيل إنه فساد وتوريث بها؟
- ما حدث مع هذه الدفعة ظلم، ودفعة 2009 فى مجلس الدولة تم اعتمادها وبها نجلا حسن عبدالرحمن، مساعد وزير الداخلية السابق لأمن الدولة، وأحمد رمزى، مساعد الوزير السابق لقطاع الأمن المركزى، وهما محبوسان احتياطياً على ذمة قضية قتل متظاهرين، وأنا لا أطالب بالمساواة بهذه الدفعة، لكن إن كان بها فساد حقيقى يستأهل تنقيته فلا مانع بالطبع، ولا يمكن استبعاد أحد لمجرد أنه ابن قاض، مع العلم أن التقدير العلمى أحد المعايير فقط، «يعنى ممكن يكون أحد الخريجين حصل على تقدير جيد لكن والده تاجر مخدرات».
وأتفق معك فى أن كثيراً من أبناء القضاة دخلوا بتقدير «مقبول»، بمن فيهم أبناء قضاة من تيار الاستقلال، لأن القاعدة كانت هكذا فى كل قطاعات الدولة، وكان ذلك شيئاً عادياً، ولابد من اعتماد قواعد القبول فى مشروع قانون السلطة القضائية حتى يتم الإصلاح، وأنا أعرف أن البعض سيتعرض لظلم بسبب ذلك، لكن الأهم هو الصالح العام.
■ أعلم أنك قدمت بلاغا ومجموعة من قضاة التيار ضد المستشار ممدوح مرعى.. ماذا حدث بعد ذلك؟
- رغم مرور أكثر من 7 شهور على البلاغ لم يحدث شىء، النائب العام استشعر الحرج بسبب علاقة العمل الذى جمعته بالوزير الأسبق وطلب من وزير العدل انتداب قاض للتحقيق فى البلاغ، الذى تضمن فسادا ماليا وتسهيلا للاستيلاء على المال العام، وتعطيل ممارسة أجهزة الدولة لعملها، وأنا فعلياً أرفض طريقة اختيار قضاة التحقيق.
■ ما تفسيرك لعدم إعلان نتائج التحقيق فى البلاغات ضد «مرعى»؟
- شقيق «مرعى» تربطه علاقة صداقة مع عدد من قيادات المجلس العسكرى، وقد يكون ذلك عائقاً أمام استكمال التحقيقات، ولا أرى مبرراً غير ذلك، وإلا فلماذا لا يتم الإعلان عن نتائج التحقيق معه، وما إذا كان تم التحقيق معه من الأساس أم لا.
أما عن قضاة التحقيق فما من قضية تم إسنادها لقاضى تحقيق وأعلن شيئاً عنها، بداية من أحداث إمبابة، مروراً بأحداث الماريناب وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، والتمويل الأجنبى، ولا أرى تفسيراً إلا أن تلك التحقيقات لا يراد أن ترى نتائجها النور.
■ لكن قضاة التحقيق لهم نفس صلاحيات النيابة العامة؟
- لكن هناك تحفظاً على طريقة اختيارهم من رئيس محكمة القاهرة، لابد من تحديد قضاة التحقيق من قبل الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف بداية كل عام قضائى، وأنا ضد تسمية أشخاص معينين لإجراء تحقيقات بهذه الخطورة.
■ ما المبررات التى تساق لاختيار قضاة تحقيق قى واقعة ما؟
- انشغال النيابة العامة بعدد القضايا التى تنظرها، أو استشعارها الحرج لأى سبب.
■ ما موقفك من المحاكمات العسكرية للمدنيين؟
- لا يصح أن يقال على المحاكم العسكرية قضاء أسوة بالقضاء الطبيعى، فهذه الكلمة خاطئة، وفى بداية تسميته كان اسمه قانون المحاكم العسكرية، ومع احترامى الكامل للقوات المسلحة إلا أن الضابط فى المحكمة العسكرية تابع لسلطة ويتلقى أوامر.
■ ما حدث لمنظمات المجتمع المدنى قبل أيام كان اقتحاماً أم تفتيشاً قانونياً؟
- ما يحدث مع منظمات المجتمع المدنى من الأمور المضحكة المبكية، وأنا أراه استمرارا لنفس نهج النظام السابق، ونوعاً من الترويع لأن دور هذه المنظمات زاد فى الفترة اللاحقة على الثورة، ولماذا تذكرت الدولة الآن أنها تعمل بشكل غير قانونى، أم أنها عندما بدأت ممارسة دورها ضاقت بها الدولة، لهذا نحن ضد استخدام الدولة القضاة كأداة للترهيب.
■ ماذا عن أداء وزارة العدل بعد الثورة؟
- أسلوب وفكر الوزارة كما هما، ونفس طريقة الاختيار لمن يتولون الحقائب الوزارية، ولا أرى فارقاً كبيراً بين ممدوح مرعى وعبدالعزيز الجندى وعادل عبدالحميد.
وأنا لا أقول كلاماً من فراغ، فوزير العدل الحالى قبل مكافأة مليوناً ونصف المليون جنيه لأعضاء مجلس القضاء الأعلى، من وزارة المالية، عقب زيارة للرئيس السابق مبارك، دون وجه حق، وحصل «عبدالحميد» وقتها على 150 ألف جنيه، ومثله كل أعضاء المجلس، والوحيد الذى رفض قبولها هو المستشار عبدالمجيد محمود، لذا أطلب سماع شهادته فى هذه الواقعة.
■ المستشار حسام الغريانى أبرز رموز تيار الاستقلال البعض اعتبره لم يدافع عن قانون السلطة القضائية بالشكل الكافى ولم يفتح تحقيقاً مثلاً فى تزوير انتخابات؟
- هو ليس (سوبر مان) حتى يحقق وحده قضاء مستقلاً، وأنا أعلم أنه مقيد ويقابل بمعارضة فى قضايا إصلاحية داخل مجلس القضاء الأعلى، هو صوت لا يسعفه باقى زملائه، وعلى سبيل المثال خرج من المجلس من يرفض تعديل قانون السلطة القضائية، الذى أعدته لجنة المستشار أحمد مكى، وصدر بيان من رؤساء الاستئناف بهذا المعنى، و«الغريانى» وحده دون منظومة متكاملة تعطيه القوة للتغيير والثورة على أمور استقرت أكثر من 60 عاماً.
■ ما رأيك فى تأجيل إصدار قانون السلطة القضائية فى أعقاب الأزمة بين القضاة والمحامين؟
- القانون تم تأجيله لأن الدولة فى أضعف حالاتها ولا تستطيع المواجهة، وخضعت للصوت العالى وأسلوب الترهيب.
■ توقعت من قبل براءة مبارك.. هل مازلت عند رأيك بعد مرافعة النيابة؟
- النيابة تلقى باللائمة بشكل غير مباشر على المجلس العسكرى، بسبب تراخيه منذ بداية الثورة على التحفظ أو القيام بإجراءات سريعة فى التحفظ على جميع الأدلة والمستندات التى تسجل وقائع الثورة وقمعها، ويجب التحقيق فيما تضمنته مرافعة النيابة العامة عن تقاعس أجهزة الدولة، لأن إتلاف تلك المستندات لابد أن يكون حدث عن عمد، ولا يعقل أن يظل زكريا عزمى رئيساً لديوان رئيس الجمهورية بعد شهور من قيام الثورة، وتركه يحرق ويتلف ما يشاء من مستندات، والسؤال الذى يطرح نفسه فى قضية «مبارك» هو: أين قائد الحرس الجمهورى الذى كان يتلقى أوامره شخصياً من الرئيس السابق من هذه التحقيقات؟! كل هذا يلقى بظلال الشك على دور المجلس العسكرى فى فترة كان يجب أن يكون تصديه أقوى.
■ هل هذه أسباب توقعك براءة «مبارك»؟
- بالطبع، فالقاضى الطبيعى ملتزم بالأوراق التى أمامه، ولا يمكن أن يصدر حكماً بإعدام شخص، والورق يقول إنه لم يقتل بنفسه ولم يره أحد، ولا توجد تسجيلات تم تفريغها بأنه أعطى أمراً لوزير الداخلية بإطلاق النار.
■ لكن ماذا عن مسؤوليته كرئيس جمهورية إن لم يكن أصدر أمرا فقد امتنع عن وقف ما يجرى وإن لم يكن لديه علم فهو مسؤول أيضاً؟
- فى هذه الحالة تكون المحاكمة سياسية، وهذا ما نقوله: نحن نحتاج محاكمة سياسية، ما تم لا يرتقى إلى مستوى المسؤولية التى يجب أن يُسأل عنها «مبارك» وأعوانه فى النظام السابق، وأنا أقترح تشكيل محاكم ذات طبيعة خاصة لمحاكمته عما ارتكبه من جرائم سياسية، وأن تكون لها ضوابط وضمانات تضمن إجراء محاكمات عادلة، يستمع فيها إلى دفاعه والشهود، لأن المحكمة الحالية لا يمكن أن تقدم فيها النيابة «مبارك» بتهمة أنه «عاث فى الأرض فساداً».
■ هل يمكن محاسبة المجلس العسكرى على تقصيره فى التصدى لإتلاف مستندات إدانة مبارك ونظامه؟
- المجلس بموقفه من الانحياز للإرادة الشعبية والثورية يجعل الناس تغفر له كثيراً من الأخطاء، لأنهم بشر يصيبون ويخطئون، لكن الخطأ الأكبر هو التستر على أخطاء النظام السابق أو عدم ضبط المستندات والأدلة التى تدينه، لأنه إذا كان ساهم فى هذا الإخفاء فإن الرأى العام سيأخذ موقفاً مغايراً من مساءلة المجلس العسكرى، وعليه تدارك الأمر بإجراء تحقيق فى الأمر حتى يتم التعرف على المستفيد.
■ ننتقل إلى الانتخابات.. ما رأيك فى أداء اللجنة العليا للانتخابات؟
- اللجنة العليا لم نلمس لها أداء.
■ لكن الانتخابات مرت بسلام رغم الظروف التى تمر بها البلاد؟
- الانتخابات مرت لأن القضاة بذلوا جهداً يفوق الجهد العادى من البشر، والزملاء تساقطوا مرضى ومصابين، ومنهم من توفاه الله، بسبب الجهد والعناء فى الانتقال، وكل هذا مرجعه سوء أداء اللجنة.
■ بعض القضاة ينادون بعدم الإشراف على الانتخابات.. ما رأيك فى هذا الأمر فى الدستور الجديد؟
- نحن كنا مع إشراف القضاة قبل ذلك، لأن النظام السابق «ماكانش ينفع حد يواجه جبروته غير القضاة»، لأنهم بطبيعة عملهم لا يتم التأثير عليهم، و«فى مرحلة معينة ماكانش ينفع نقول لأ، لأن الشعب كان يضع ثقته فينا»، وفى المرحلة الانتقالية أنا مع الإشراف القضائى، لكن بمجرد تكوين مؤسسات الدولة والدستور الجديد يجب أن تكون أولوياته تشكيل هيئة من غير القضاة محل ثقة وقوة وصلاحيات وضمانات، وتكون قائمة طول العام لتنظيم أى عملية انتخابية بداية بالنقابات وحتى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.