ترأس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير دفاع المملكة العربية السعودية، الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي استضافته العاصمة أبوظبي.
ويأتي الاجتماع الثاني للمجلس في ظل استمرارية الجهود التي يبذلها البلدان بهدف تفعيل محاور التعاون المشتركة للتكامل بينهما اقتصادياً وتنموياً ومعرفياً وعسكرياً، حيث شارك في الاجتماع كل من أعضاء المجلس ورئيسي اللجنة التنفيذية وفريق الأمانة العامة للجنة التنفيذية.
ورحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في بداية الاجتماع بالأمير محمد بن سلمان قائلاً: «أخي وصديقي العزيز الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.. يسعدني أن أرحب بكم بين أهلكم في دولة الإمارات وأحيي من خلال شخصكم الكريم الشعب السعودي الشقيق ..متمنياً للمملكة العربية السعودية، قيادة وحكومة وشعباً، دوام التقدم والازدهار والاستقرار».
وأضاف: «لعل أفضل ما أبدأ به الحديث عن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية هو كلام وَالدنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عندما سئل عن السعودية، فقال:»دولة الإمارات العربية المتحدة هي مع السعودية قلباً وقالباً، ونؤمن بأن المصير واحد، وعلينا أن نقف وقفة رجل واحد، وأن نتآزر فيما بيننا«، مشيراً إلى أن هذه الكلمات المختصرة للشيخ زايد، كانت معبرة وسابقة للزمن، ورسمت علاقات تاريخية واستراتيجية بين البلدين، ظهرت وتأكدت في مواقف كثيرة وعديدة على مر العقود الماضية .
وأكد الشيخ محمد بن زايد أن تشكيل مجلس التنسيق السعودي الإماراتي بتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية جاء ترجمة لهذه العلاقات الوطيدة، وهدفاً لجعلها أكثر قوة وصلابة وبناء مستقبل مشرق لبلدينا.
وقال إن «الإنجازات والنتائج الإيجابية الكبيرة التي حققها مجلس التنسيق السعودي الإماراتي على أرض الواقع، تثلج الصدور وتبعث على الارتياح. .مشيراً سموه إلى أن المجلس أطلق خلال الفترة القصيرة الماضية مبادرات نوعية لتحقيق رفاهية شعبي البلدين، ولدينا اليوم 20 مجالاً تنموياً مشتركاً في مجال الاقتصاد والأمن والتنمية البشرية وغيرها.
وأضاف أن «اقتصادنا المشترك يحتل المرتبة 16 عالمياً ويمكننا أن نعمل ليصبح اقتصادنا معاً من أكبر 10 اقتصادات في العالم.. كما تتعدى استثماراتنا الخارجية حالياً 250 مليار دولار في قطاعات اقتصادية مختلفة وصناديقنا الاستثمارية تعد في المركز الأول عالمياً، وسنرفع من استثماراتنا لنكون من أكبر 10 دول تستثمر عالمياً، وأسواقنا المالية تتعدى 720 مليار دولار ونسعى لأن نكون من أكبر 10 أسواق مالية عالمياً».
وأكد الشيخ محمد بن زايد أن هذا النموذج الفريد من نوعه في التكامل لا يعود بالنفع فقط على الدولتين بل يقود قاطرة التعاون الخليجي ويقدم نموذجاً استثنائياً للتعاون العربي العربي ويضع البلدين في مكانة متميزة على خارطة التحالفات العالمية.
وأشار إلى أن العلاقات بين الإمارات والسعودية، ليست علاقات تاريخية واستراتيجية فحسب وإنما هي علاقات دم ومصير مشترك، وضع أسسها الراسخة الشيخ زايد وإخوانه ملوك المملكة، مضيفاً أن هذه العلاقات تعيش أزهى عصورها على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية وغيرها بفضل حكمة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وإرادتهما.
وقال: «لقد عملنا خلال السنوات الماضية على إحداث تحول استراتيجي نوعي في علاقاتنا الثنائية، وسنستمر في السير على هذا الطريق نحو بناء مستقبل أفضل يحقق الأمن والازدهار والتنمية الشاملة لبلدينا وشعبينا.. ونتطلع لتحقيق مزيد من النمو والتطور للتعاون الاستراتيجي بين بلدينا وبما يعود بالفائدة على أمن واستقرار المنطقة».
من جانبه قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: «يسرنا وجودنا بين أشقائنا للمشاركة في الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي يعد منصة نموذجية لتحقيق رؤى القيادتين نحو تعميق التعاون وتعزيز التكامل بين البلدين في مختلف المجالات بما يخدم مصالح شعبيهما الشقيقين ويعمق روابط الأخوة التي تجمع بينهما.. كما أنني سعيد أن أكون بينكم وبلدنا الثاني يستعد للاحتفال بذكرى الاتحاد الغالية علينا جميعاً ..ونستذكر همم الرجال الذين بدأوا مسيرة التنمية التي نرقى بها اليوم إلى آفاق جديدة.. إن العلاقات المتينة بين قيادتي البلدين وشعبيهما مبنية على أسس راسخة وتاريخية من التعاون والسياسات المشتركة تجاه شؤون المنطقة والعالم وقضاياهما.
وأضاف أن «عمق العلاقات بين البلدين انعكس بشكل جلي من خلال انسجام رؤية مجلس التنسيق السعودي الإماراتي مع الاستراتيجيات الوطنية للبلدين ..وتكامل»رؤية المملكة العربية السعودية 2030 «و» رؤية الإمارات 2021 «اللتين تستهدفان تحقيق الريادة والرخاء الدائمين لشعبيهما الشقيقين وبناء الأمل وتعزيز التقدم في المنطقة».
وأشار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى أن عام 2020 هو عام الإنجازات الدولية.. فنحن على أعتاب احتضان فعاليات دولية كبيرة وصلنا لها بعد تخطيط وعمل وجهد متواصل.. فرئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين خلال عام 2020 واحتضان دولة الإمارات العربية المتحدة لمعرض إكسبو 2020 هما خير دليل على ما تحظيان به من مكانة دولية مرموقة.
وقال: «إنه في هذا المجلس نستهدف تحقيق نموذج استثنائي من التعاون المشترك يبنى على مكامن القوة للبلدين وروح العزيمة والريادة التي يحظى بها شعباهما».
واستعرض الاجتماع أعمال المجلس وسير العمل واقتراح مجالات تعاون جديدة لاعتماد مجموعة من المبادرات والمشاريع التي تصبّ في تحقيق أمن الشعبين الشقيقين ورخائهما بجانب عرض المبادرات والإنجازات التي تحققت على مستوى القطاعات ذات الأولوية.
كما استعرض المبادرات والإنجازات التي تحققت خلال دورة المجلس الأولى والتي تمثلت في 7 مبادرات استراتيجية هي: التأشيرة السياحية المشتركة وتسهيل انسياب الحركة بين المنافذ الجمركية واستراتيجية الأمن الغذائي المشتركة والأمن السيبراني والعملة الرقمية المشتركة ومشروع المصفاة العملاقة الجديد إضافة إلى مجلس الشباب السعودي الإماراتي.
وجرى خلال الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي استعراض عدد من المبادرات الاستراتيجية في عدد من المحاور الأولوية، والتي تأتي بعد أشهر من العمل المشترك بين اللجان التكاملية المنبثقة من اللجنة التنفيذية، لتتبلور كمبادرات يحقق من خلالها المجلس الاستغلال الكامل لطاقات وموارد البلدين بما يعزز التعاون والارتقاء بمصالح الشعبين الشقيقين حيث تضمنت هذه المبادرات التالي، التأشيرة السياحية المشتركة.. التعاون بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة مع وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات على إصدار تأشيرة سياحية مشتركة للمقيمين في البلدين عند الوصول، وبما يسهم في زيادة الحركة السياحية بينهما وتعزيز مساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني للبلدين، وتسهيل انسياب الحركة بين المنافذ الجمركية.. تعمل الهيئة العامة للجمارك في المملكة العربية السعودية مع الهيئة الاتحادية للجمارك في دولة الإمارات على تسهيل انسياب الحركة في المنافذ والتي من شأنها تعزيز التعاون الجمركي لانسيابية الحركة التجارية في المنافذ الجمركية بين البلدين، حيث أسهمت المبادرة بعد إطلاقها في خفض «مدة الفسح الجمركي» من 14 ساعة في عام 2018 إلى 4 ساعات في عام 2019 على أن يتم تقليص هذه المدة خلال السنوات المقبلة.
واستراتيجية الأمن الغذائي المشتركة.. تهدف هذه المبادرة إلى توثيق العمل بين الدولتين في مجال الأمن الغذائي لضمان التغلب على التحديات الغذائية التي تواجه البلدين بصورة خاصة والمنطقة بصورة عامة حيث سيتم من خلال التعاون المشترك العمل على توفير غذاء آمن ومستدام، وبأسعار مناسبة للجميع وفي الظروف كافة.
والأمن السيبراني.. وتهدف المبادرة إلى تعزيز الأمن السيبراني لدى البلدين، ودعم توفير فضاء سيبراني موثوق لكل بلد يمكن من خلاله تقديم خدمات وتعاملات إلكترونية آمنة، حيث سيعمل التعاون بين البلدين عل دعم جهودهما في الوقاية من الهجمات السيبرانية التي تستهدف البلدين وتخفيف أضرارها، خاصة الأضرار الكبيرة التي يحتمل حدوثها نتيجة للهجمات السيبرانية وفي مجالات متعددة، مثل الأضرار الاقتصادية والأضرار السياسية وغيرها، حيث من المتوقع أن يكون لهذا التعاون أثر إيجابي كبير نتيجة تفادي تلك الأضرار المحتملة، وقد أسهمت المبادرة خلال المرحلة الماضية في خفض الهجمات السيبرانية مقارنة بإجمالي الهجمات السيبرانية على القطاعات الحساسة بنسبة 55%، حيث أدى هذا الانخفاض إلى توفير 257 مليون درهم مقارنة بعام 2018، وانخفاض المدة اللازمة للاستجابة للهجمات السيبرانية من 24 ساعة بحد أقصى، إلى 6 ساعات، وانخفاض المدة اللازمة للتعافي من الهجمات السيبرانية بنسبة 25%، مما وفّر أكثر من 500 ألف درهم يومياً لكل هجمة، وازدياد وعي الجهات والأفراد بالتهديدات السيبرانية بنسبة 30%.
والعملة الرقمية المشتركة.. حيث يعد إصدار عملة رقمية إلكترونية بشكل تجريبي ومحصور التداول بين عدد من بنوك البلدين وذلك بهدف فهم ودراسة أبعاد التقنيات الحديثة وجدواها في تعزيز الاستقرار المالي، ومعرفة مدى أثرها على تحسين وخفض تكاليف عمليات التحويل وتقييم المخاطر التقنية وكيفية التعامل معها، إلى جانب تأهيل الكوادر التي ستتعامل مع تقنيات المستقبل، وفهم متطلبات إصدار عملة رقمية تُستخدم بين دولتين، بالإضافة إلى إيجاد وسيلة إضافية لنظم التحويلات المركزية في البلدين، وإتاحة المجال أمام البنوك للتعامل مع بعضها البعض بشكل مباشر لتنفيذ التحويلات المالية.
ومشروع المصفاة العملاقة الجديد.. بناء مصفاة جديدة لتكرير النفط الخام بطاقة استيعابية تبلغ 1.2 مليون برميل نفط في اليوم متكاملة مع مجمع حديث للبتروكيماويات بتكلفة تقديرية مبدئية تبلغ 70 مليار دولار في ولاية ماهاراشترا غرب الهند، لتعمل على تأمين توريد ما لا يقل عن 600 ألف برميل يومياً من النفط الخام السعودي والإماراتي للسوق الهندي مع نسبة مرتفعة من التحويل للكيميائيات.
وتستهدف المبادرة تأمين منافذ مخصصة لمبيعات النفط الخام السعودية والإماراتية في السوق الهندي للتكرير والبتروكيميائيات، ومن خلال المشاركة في مشروع تطوير المصفاة ومجمع البتروكيماويات لإنتاج وقود النقل الموافق لأحدث المواصفات الفنية العالمية، البنزين وقود الطائرات والديزل إضافة إلى مجموعة من المنتجات الكيميائية التي تستهدف بشكل رئيس السوق المحلية الهندية المتوقع نموها بشكل مطرد في العقود المقبلة، مع إمكانية تصدير فائض المنتجات للأسواق العالمية.
ومجلس الشباب السعودي الإماراتي.. حيث تأتي مبادرة إنشاء مجلس الشباب السعودي الإماراتي تعزيزاً للشراكة بين الشباب في البلدين، وتبادل الأفكار بينهم، وتنسيقاً للجهود الرامية إلى رفع القدرات بما يؤدي إلى استثمار طاقاتهم وإمكانياتهم في تنمية المجتمع.. وسيعمل المجلس على تمكين الشباب من الإسهام والمشاركة بفاعلية في وضع التصورات التنموية المستقبلية وتشجيعهم على تطوير المبادرات الإنمائية لمواجهة تحديات المستقبل، وقد تم إطلاق منصة تفاعلية ودليل استرشادي يُوضح آلية عمل مجلس الشباب السعودي الإماراتي وأهدافه، وإعداد تقرير ربع سنوي عن أداء المجلس، وإيصال أفكار الشباب إلى متخذي القرار في البلدين.