على مدار شهر ونصف لم يتراجع المتظاهرون اللبنانيون عن النزول إلى الشوارع للاحتجاج، متمسكين بمطلب رئيسي واحد وهو تغيير كل عضو في النخبة السياسية دون استثناء تحت هتاف «كلهن يعني كلهن». ووفي وقت عجز سياسي داخلي وخارجي أم أزمة لبنان المتفاقمة كانت فرنسا هي الدولة الوحيدة التي أظهرت إيماءات بأنها على استعداد لكسر هذا الجمود السياسي.
غير متفائلة بشأن مشاركة المجتمع الدولي ولكنها مستعدة للمساعدة في إيجاد حل، أعلنت فرنسا دعمها للبنان «تحت جميع الظروف»، وفقًا لما ذكره مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لقناة العربية السعودية الجمعة 22 نوفمبر. وانتقد مستشار ماكرون الرد الدولي على الأزمة اللبنانية، وقال: «هناك نوع من اللامبالاة الدولية تجاه لبنان».
في سياق متصل، صرح مصدر دبلوماسي فرنسي لـ«وكالة فرانس برس» أن باريس تحاول تعبئة المجتمع الدولي لمساعدة هذا البلد على الخروج من أزمته، لكنه لن يفرض حلولًا «جاهزة أو خارجية». وقال المصدر للصحفيين: «نحن هنا لنكون ميسرًا للتعبئة الدولية»، مشددًا على «الدور الخاص لفرنسا على المستوى الدولي وفي العلاقة مع لبنان».
وأضاف المصدر: «كما تحدثنا إلى اللبنانيين الآن، علينا أن نتحدث مع الجميع. علينا إشراك الدول العربية والأوروبية وكذلك الأمم المتحدة». ومن ناحيته، هاجم المنسق الخاص للبنان يان كوبيش الإدارة السيئة للأزمة اللبنانية، تزامنًا مع التعليقات الفرنسية حول ضرورة التنسيق للوصول إلى انفراج في لبنان. وتتطلع فرنسا إلى تنظيم اجتماع دولي في الأسابيع المقبلة لمساعدة لبنان بشرط أن تتعهد الحكومة القادمة بتنفيذ إصلاحات متعمقة بحسب صحيفة جارديان البريطانية.
وأكدت المصادر الدبلوماسية لجارديان أن مهمة الاجتماع حول لبنان هي تعيين «فريق يعطي الأولوية لاتخاذ قرارات سريعة بشأن الإصلاحات العاجلة التي يتوقعها الشعب اللبناني».
ومنذ 17 أكتوبر، شهد لبنان مظاهرات غير مسبوقة على خلفية مستويات المعيشة. وتحت ضغط الاحتجاجات، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري في 29 أكتوبر، لكن الرئيس اللبناني ميشال عون لم يحدد بعد موعدًا لإجراء مشاورات برلمانية دستورية لتعيين رئيس وزراء جديد، ما أغضب المحتجين الذين يقولون إن السلطات لا تأخذ مطالبهم على محمل الجد.
وأفادت مصادر فرنسية رفيعة المستوى لصحيفة الشرق الأوسط السعودية أن اجتماعًا ثلاثيًا فرنسيًا ـ أمريكيًا بريطانيًا عُقد الأربعاء في باريس لمناقشة لبنان.
في وقت سابق من نوفمبر، بعثت الحكومة الفرنسية برسالة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون «تؤكد اهتمام فرنسا بوضع لبنان واستعدادها لمساعدة لبنان في الظروف الحالية».
وتحت الرعاية الفرنسية، مُنح لبنان تعهدات بالمساعدات تتجاوز 11 مليار دولار بموجب اتفاقية «CEDRE». ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر سيكون التنفيذ السريع للإصلاحات اللازمة لتلبية مطالب الشعب اللبناني.