حذر خبراء اقتصاديون من تأثر الاقتصاد المصرى بأزمة ديون أمريكا التى تنذر بوقوع أزمة مالية عالمية جديدة، مما يؤدى إلى تراجع الصادرات المصرية إلى السوقين الأمريكية والأوروبية، فضلا عن تراجع عائدات قناة السويس.
وأكد الخبراء أن المساعدات الدولية لمصر مرشحة للتقليص، متوقعين اتجاهها لدعم الاقتصاد الأمريكى ودول الاتحاد الأوروبى التى تواجه انتشار عدوى ديون بين أعضائه.
وتوقع الدكتور فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد والمدير التنفيذى السابق لصندوق النقد الدولى، أن تكون أولى التأثيرات فى احتمال إعادة النظر فى المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، التى تصل قيمتها إلى نحو 1.3 مليار دولار، خاصة أن واشنطن يمكن أن تعتمد على دولة أخرى فى الفترة الحالية لحماية مصالحها فى المنطقة لحين استعادة الاستقرار فى مصر، بينما استبعد تخفيض المعونة الاقتصادية التى تصل إلى نحو 2.5 مليون دولار.
وقال «الفقى» فى تصريح لـ«المصرى اليوم»، إن خطة المساندة التى أعلنتها أمريكا مؤخرا لدعم الاقتصاد المصرى بواقع 2 مليار دولار - لن تشهد أى تعديلات، خاصة أنها لا تعتمد على تقديم أموال سائلة، ولكنها ديون سيتم إسقاطها عن مصر فضلا عن ضمان مصر فى حالة الاقتراض الخارجى.
لكنه رشح قيمة المعونات الأوروبية العينية والنقدية إلى مصر، التى تصل إلى نحو500 مليون يورو للتراجع فى ظل الأزمات الاقتصادية السائدة حاليا فى دول الاتحاد.
وأشار إلى أن الدعم العالمى سيتوجه إلى مساندة الاقتصادين الأمريكى والأوروبى، وهو ما يدعو إلى ضرورة بناء القدرات الذاتية، دون انتظار المساعدات الخارجية، وأكد «الفقى» أن الاستثمارات الأمريكية التى كان مقررا ضخها فى مصر، ستكون أحد القطاعات المتأثرة بالأزمة.
ورجّح تراجع عائدات قناة السويس بنسبة تتراوح بين 5 و10%، خاصة مع اتجاه أمريكا إلى تقليص تواجد قواتها العسكرية فى العراق وهو ما سيؤدى إلى تقليل عبور السفن المحملة بالسلاح للقوات الأمريكية هناك، فضلا عن أن تباطؤ الاقتصاد الأمريكى سيقلل من حجم التجارة العالمية.
وقال إن السياحة ستتأثر أيضا، مما يضغط على موارد النقد الأجنبى، خاصة أن السياحة القادمة من أمريكا وأوروبا تمثل نسبة كبيرة من إجمالى السائحين القادمين إلى مصر.
من جانبه، أكد السفير جمال البيومى، مدير برنامج اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، أن التأثيرات ستقتصر على احتمال تراجع الصادرات المصرية إلى السوقين الأوروبى والأمريكى.
وشدد البيومى على ضرورة فتح أسواق جديدة، خاصة مع الدول العربية، لافتا إلى أن أوروبا تستحوذ على 40% من إجمالى الصادرات المصرية. وطالب بالتركيز على 3 قطاعات أساسية تمثل جانباً كبيراً من عمليات استيراد العالم العربى من الدول الأوروبية وهى مجالات الآلات ووسائل النقل والغذاء.
وفى هذه الأثناء، قال مصدرون إن قطاع المنسوجات سيكون المتأثر الأكبر بأزمة ديون أمريكا، وأوضح مجدى طلبة، وكيل غرفة الصناعات النسيجية، رئيس المجلس التصديرى للملابس الجاهزة سابقا، أن السوق الأمريكية تمثل أكبر سوق للمنسوجات والملابس الجاهزة فى العالم، وتصدر مصر 65% من إنتاجها من المنسوجات إلى أمريكا.
وأضاف أنه رغم الاعتماد على تصدير المنسوجات لأمريكا، إلا أن إجمالى صادراتنا لأمريكا لا تمثل سوى 0.5% من حجم الواردات الأمريكية لمصر، مما يؤكد أننا لن نتأثر بشكل عام بأزمة ديون أمريكا على مستوى الصادرات.
وأكد أن المشكلة الحقيقية فى أنفسنا، فلا توجد إدارة أزمة أو استراتيجية واضحة لقطاع الصناعة فى مصر، ودائماً ما نقارن أنفسنا بأنفسنا، ولا ننظر لدول العالم التى بدأت التنمية والتطوير معنا، فحجم صادراتنا من المنسوجات بشكل إجمالى لا يتعدى 2 مليار دولار، فى حين يصل فى بنجلاديش إلى 18 مليار دولار، وتركيا 22 مليار دولار.