قالت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، إن مصر تعد أول دولة في الشرق الأوسط وقارة أفريقيا تؤسس داراً للأوبرا (الأوبرا الخديوية)، والتى جاءت انعكاسا لريادة أقدم الحضارات الإنسانية، حيث ظلت أرض الوطن على مر العصور ملتقى للتفاعل بين دول العالم ومنارة إشعاع للفكر والثقافة.
وأكدت «عبدالدايم» أن الأوبرا المصرية تعد امتداداً لسابقتها ونجحت من خلال ألوان فنية جادة في جذب قاعدة جماهيرية كبيرة، كما ساهمت بإيجابية في تشكيل وعى المجتمع وبناء الإنسان.
من جانبه، قال الدكتور مجدى صابر، رئيس دار الأوبرا، إنه بمناسبة مرور 150 على افتتاح الأوبرا الخديوية تقام احتفالية كبرى، في الثامنة مساء الخميس، على المسرح الكبير تكرم خلالها وزير الثقافة 12 شخصية من رواد فنون الأوبرا هم الجيل الأول من عارضات الباليه في مصر سونيا سركيس- مايا سليم- ودود فيظى- علية عبدالرازق، الدكتور شريف بهادر العميد الأسبق للمعهد العالى للباليه، الدكتور عصمت يحيى الرئيس الأسبق لأكاديمية الفنون، ونواة مغنيى الأوبرا المصريين الباريتون الدكتور جابر البلتاجى أستاذ الغناء الأوبرالى بأكاديمية الفنون، الدكتورة نبيلة عريان، الدكتورة عواطف الشرقاوى، الدكتور الفى ميلاد، الدكتورة عفاف راضى، مارسيل متى أول عازفة بيانو مصرية وأول رئيس قسم للالة بمعهد الكونسيرفتوار.
وأضاف أن برنامج الاحتفالية يتضمن فيلم وثائقى عن الأوبرا الخديوية وتاريخها وأهم الفنانين والعروض التي قدمت على مسرحها، إلى جانب فقرات فنية يقدمها كل من فرق أوبرا القاهرة، باليه أوبرا القاهرة، كورال اكابيلا بمصاحبة أوركسترا القاهرة السيمفونى بقيادة المايسترو احمد الصعيدى من إخراج حازم طايل، وتضم مقتطفات من أهم الأوبرات الكلاسيكية العالمية منها ريجوليتو، كارمن، دون كيشوت، لاترافياتا، إلى جانب عدد من الاعمال الموسيقية الكلاسيكية منها الدانوب الأزرق وكارمينا بورانا.
يشار أن الأوبرا الخديوية اسسها الخديوى اسماعيل عام 1869 للاحتفال بافتتاح قناة السويس، ولذلك أطلق عليها هذا الاسم، ولحبه للفن الرفيع وشغفه به أراد أن تكون تحفة معمارية لا تقل عن مثيلاتها في العالم فكلف المهندسين الإيطاليين «افوسكانى» و«روسى» بوضع تصميم لها يراعى فيه الدقة الفنية والروعة المعمارية وأهتم بالزخارف والعظمة الفنية فاستعان بعدد من الرسامين والمثالين والمصورين لتزيين الأوبرا وتجميلها وتم بنائها من الاخشاب واستغرق العمل فيها ستة اشهر، وكانت رغبته أن تفتتح بأوبرا عايدة التي تروى قصة خالدة من التاريخ المصرى إلا انه لم يقدر لها الظهور في حفل الافتتاح بسبب الحرب الفرنسية الالمانية وحصار باريس واستحالة شحن الملابس والديكورات التي كانت تُصنع هناك وقدمت بدلاً منها اوبرا ريجوليتو، أما أوبرا عايدة فقد خرجت للنور بعدها بعامين وقدمت لاول مرة عام 1871.
وبعد اعوام كانت فيها الاوبرا الخديوية بمثابة المنارة الثقافية الوحيدة في الشرق الاوسط وافريقيا وفى فجر الثامن والعشرين من أكتوبر 1971 احترقت في مشهد مأسوى اصاب المصريين بالهلع والخوف على مستقبل الثقافة والفنون، ومع ازدياد الحاجة إلى ايجاد مركز تنويرى يهدف إلى تقديم الفنون الرفيعة بالاضافة إلى احياء التراث الفنى المصرى في مختلف مجالاته، قامت وزارة الثقافة بالتنسيق مع هيئة التعاون العالمية اليابانية ( JICA) بإنشاء دار الأوبرا المصرية بمنحة تبرز اواصر الصداقة والتعاون بين الشعبين المصرى واليابانى وتم ختيار ارض الجزيرة لتكون مقراً لها وتم الاتفاق على تصميم معمارى اسلامى حديث يتناغم مع ما يحيط بها من مبانى.
وفى عام 1985، تم وضع حجر الاساس للمبنى الذي اكتمل بعد 34 شهرا من العمل الجاد المتواصل لتُفتتح دارالاوبرا المصرية في 10 اكتوبر 1988 وتصبح احدث معالم القاهرة الثقافية واول داراً للاوبرا في الشرق الاوسط وأصبح دورها لا يقتصر على كونها نافذة عرض عالمية لتقديم الفنون الرفيعة ولكنها مركز ثقافى تنويرى له إستراتيجية وخطة ذات ملامح واضحة تقدم ما يتناسب مع الهدف من بناء الفن القومى وتطوره وبلورته كما يساهم في بناء ونماء الأنسان المصرى والعربى من خلال التعليم والثقيف والابداع كما أهتمت بتشجيع الشباب الواعى فوضعته بجوار كبار الفنانين الموسيقيين العالميين وأتاحت الفرصة للجميع في اطار الفهم العميق للرساله الثقافية التي تأسست من اجلها.