«رحل البغدادي، فمن سيكون خليفته لزعامة داعش؟».. هذا هو السؤال الأهم والأكثر تداولًا بعد السؤال عن تفاصيل العملية التي قتل فيها زعيم تنظيم داعش الإرهابي في غارة جوية للجيش الأمريكي شمال غربي سوريا، فعندما يقتل زعيم جماعة ما، خاصة لو كان زعيما لأكبر التنظيمات الإرهابية في العالم، كل ما يشغل الأذهان هو من سيكون خليفته، وبإعلان مقتل البغدادي، تتجه الأنظار صوب خليفته الذي سبق أن رشحه البغدادي قبل شهرين من مقتله، فمن هو الخليفة القادم الملقب بـ«المدمر»، لشهرته بالقسوة والشدة في التعامل مع خصوم التنظيم؟.
في أغسطس الماضي، ذكر الإعلام المحسوب على تنظيم «داعش» أن البغدادي رشّح العراقي التركماني عبدالله قرداش «خليفةً» له في قيادة التنظيم، الذي أعلن عودة الخلافة بعد سيطرته على أراضٍ عراقية وسورية عام 2014.
وسبق أن ذكرت قناة «السومرية» العراقية أن «الخليفة المرشح» يكنى بـ«أبوعمر قرداش»، وهو من أصل تركماني، كان ضابطاً سابقاً في الجيش العراقي إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين، وهو ذو خبرة قيادية في التنظيمات المتطرفة بالعراق وسوريا ولبنان.
تقول مصادر مطلعة، إن خليفة البغدادي الملقَّب بـ«المدمر»، كان معتقلاً في سجن «بوكا» (بمحافظة البصرة)، وسبق أن شغل منصب الشرعي العام لتنظيم القاعدة، وهو خريج كلية الإمام الأعظم في مدينة الموصل.
ووفق المصادر، فإن «قرداش» كان مقرباً من القيادي أبوعلاء العفري (نائب البغدادي والرجل الثاني في قيادة داعش، وقُتل عام 2016)، «وكان والده خطيباً مفوّهاً وعقلانياً»، كما أنه يتسم بالقسوة والتسلط والتشدد، وكان أول المستقبلين للبغدادي إبان سقوط الموصل.
وتولى أبوعمر قرداش منصب أمير «ديوان الأمن العام» في سوريا والعراق، وهو أحد أقوى الدواوين داخل «داعش»، والمسؤول عن حماية القيادات والتخلص من أعداء التنظيم. كما أشرف في وقت سابق على «ديوان المظالم»، وهو ضمن الإدارات الخدمية التي أنشأها «داعش» خلال سيطرته على المدن. وتولى أيضاً منصب وزير الدفاع داخل التنظيم، وأشرف بنفسه على عمليات التفخيخ في أثناء معارك التنظيم ضد «الجيش الحر» بسوريا.
ورشحه أبوبكر العراقي، نائب البغدادي السابق، ليكون قائداً لفرع التنظيم بلبنان، إبان تفكير التنظيم في إنشاء فرع هناك، لكن الفكرة أُلغيت في وقت لاحق. كان أبوعمر قرداش أحد مرافقي البغدادي في الفيديو الأخير الذي بثه التنظيم بعنوان «في ضيافة أمير المؤمنين»، في أبريل 2019. كما تولى منصب «العسكري العام» لما يُعرف بـ«ولاية الشام» سابقاً، وأشرف بنفسه على قيادة معارك التنظيم في الرقة، بحسب وثيقة سابقة نشرها عضو مكتب البحوث والإفتاء التابع لـ«داعش»، أبومحمد الحسيني الهاشمي.
يشار إلى أنه في نهاية يوليو الماضي، قال رئيس «خلية الصقور» التابعة للداخلية العراقية، أبوعلى البصري، إن «البغدادي» موجود في سوريا، «وأجرى تغييرات لتعويض الإرهابيين الذين قُتلوا خلال السنوات الماضية».
كما ذكر البصري أن البغدادي يعاني شللاً في أطرافه، بسبب إصابته بشظايا صاروخ في العمود الفقري خلال عملية لـ«خلية الصقور» بالتنسيق مع القوات الجوية، في أثناء اجتماعه بمعاونيه في منطقة «هجين» جنوب شرقي محافظة دير الزور السورية، قبل تحريرها عام 2018.
و«أبوبكر البغدادي» هو إبراهيم عواد البدري السامرائي، كان قائد تنظيم القاعدة في العراق حتى يونيو 2014 عندما أعلن قيام دولة «الخلافة» بعد أن تمكن مقاتلو تنظيمه من السيطرة على مساحات واسعة من سوريا والعراق، واتخذ من مدينة الموصل العراقية عاصمة لدولته.
في سبتمبر 2018، تمكن الجيش العراقي والقوات الرديفة له المدعومة أمريكياً من طرد التنظيم من الموصل، كما نجحت قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها واشنطن أيضاً من طرده من المناطق السورية، حيث انحصر في المناطق الحدودية مع العراق.
ويقول عمر فاروق، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، في تصريح لـ «روسيا اليوم»، إن تركز قيادة التنظيم في يد مجموعة «القرشيين» يعود إلى نص مؤول ومأخوذ من كتاب صحيح البخاري، تحت عنوان «باب الأمراء»، ما يشير إلى أن «هذا الأمر في قريش لا ينازعهم أحد فيه إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين».
ويعتبر «داعش» أن هذا النص قاعدة أصولية تحدد ضوابط اختيار من يصفه بـ «أمير المؤمنين»، لذا يقصر مجلس شورى التنظيم، وهو المسؤول عن اختيار «الزعيم»، اختياراته على المجموعة القرشية داخله.