«الموافق يرفع إيده».. جملة كانت تتكرر على لسان فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، المحبوس حاليا، وكانت تتبعها نظرات سريعة منه للأعضاء، ثم كلمة «موافقة» لتمرير القوانين والتشريعات المختلفة، وبعد ثورة يناير التى أشعلت شرارتها مواقع التواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك» و«تويتر»، ربما تتغير طريقة التصويت تحت قبة البرلمان، ليستخدم الأعضاء الآلة الخاصة بالتصويت الإلكترونى فى قاعة مجلس الشعب بدلا من التصويت يدويا، خاصة أن غالبية الأعضاء فى المجلس استخدموا الطرق الإلكترونية فى الدعاية لأنفسهم والتواصل مع الناخبين وحثهم للتصويت عبر «فيس بوك» و«تويتر»، كما أن آلة التصويت الإلكترونى تمنع الحرج عن الأعضاء وتتيح الخصوصية وعدم معرفة كل منهم لما صوت به الآخرون، باستثناء بعض أعمال التصويت على القضايا المحتمل الطعن فيها دستوريا أو قضائيا، والتى تتم مراجعة التصويت فيها بالاسم.
وتوفر آلة التصويت الإلكترونى الوقت والجهد، كما تكون أكثر دقة فى الإحصاء، إلى جانب أنها الوسيلة الطبيعية التى تتبعها برلمانات الدول المتقدمة، التى يتطلع أول برلمان مصرى بعد ثورة يناير إلى أن يحذو حذوها، ويعود تاريخ آلة التصويت الإلكترونى فى مجلس الشعب إلى عام ١٩٧٧، حين حصلت مصر عليها كمنحة من هولندا، وتم تركيبها فى العام التالى، وتكلفت ١٢٠ ألف جنيه بخلاف المصاريف الإدارية التى تكبدتها الدولة، ومنها إرسال أحد موظفى المجلس وقتها لمدة شهر إلى هولندا، وهو محمد عثمان، للتدريب على استخدامها، إلا أنها ظلت «مجمدة» ولم تعمل مطلقا حتى الآن، بحجة الاحتياج لضبط فنى وإصلاح حتى تتماشى مع عدد مقاعد المجلس وفقا لآخر تعديل.
أكد المستشار سامى مهران، الأمين العام لمجلس الشعب، أنه تم الاتفاق مع وزارة الاتصالات على تسجيل بيانات الأعضاء الجدد وذلك للانتهاء من عمل التصويت الإلكترونى حتى يفعَّل داخل المجلس، وقال إنه سيتم تنفيذه مع بدء الدورة البرلمانية وأنه سيكون بكارت ممغنط يسجل به اسم العضو ويتم تفريغ المعلومات من على الشاشة ووضعها داخل مضبطة المجلس، وأشار إلى أن ذلك سيمنع الحرج عمن يصوتون ضد أو مع أى تشريع ويمنع الحرج عن الالتزام الحزبى.
ورغم ما كان يشاع عن تعطيل العمل بتلك الآلة لأسباب فنية فإن محمد عصمت السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، يرى عكس ذلك وأنها كانت معطلة سياسيا لمدة 45 عاماً وليس فنيا، لأن تشغيلها كان من شأنه خلق مشاكل كثيرة للحكومة والحزب الوطنى المنحل، لأن تطبيق الفكرة يعنى أن التصويت داخل المجلس سيصبح سريا، ولن يعرف العضو الموافق من العضو الرافض، فضلا عن الممتنع، والحزب لم يكن يرغب ذلك، بل كان دائما حريصاً على ظهور صور غالبية الأعضاء وهم يوافقون على تمرير وسلق القوانين مع كلمة سرور الشهيرة «موافقة»، أضاف السادات: كما كان الحزب المنحل حريصا على أن يفرز المؤيد من المعارض عن طريق عملية رفع اليد حتى يستطيع التنكيل بالأعضاء، سواء عن طريق استبعادهم من النزول على قوائمه فى الانتخابات أو من خلال الطعن فى عضوية البعض وإخراجهم من المجلس، وأكد السادات أهمية هذا الإجراء فى رفع الحرج عن الأعضاء، خاصة ممن دخلوا البرلمان عن طريق القوائم، رغم أنهم لم يكونوا راغبين فى التواجد عليها، لكن رغبتهم فى العضوية دفعتهم لذلك، كما أنه مفيد فى رفع الحرج عن الأعضاء فى حال إسقاط العضوية عن نائب ما، ووصف السادات ذلك بـ«لمسة حضارية» دون التقيد بتعليمات «أحمد عز القديم أو الجديد».
ويرى الدكتور صلاح حسب الله، رئيس حزب المواطن المصرى، أن التصويت الإلكترونى من شأنه بيان مدى شرعية الجلسة من عدمه، فقد كان هناك نواب يتعمدون المجىء إلى المجلس لإثبات عملية الحضور فى بداية الجلسة فقط، وذلك لحفظ حقهم فى المكافأة، وبعدها يتركون الجلسة دون المشاركة فى مناقشة المشروعات المهمة والقوانين والتشريعات المختلفة والتصويت عليها، وهو أمر كان يتم بالتعاون والتواطؤ مع إدارة المجلس.
ويقول حسب الله: إن عددا من النواب السابقين تقدموا بطلبات إحاطة فى دورتين برلمانيتين لعامى 2005 و2010 يطالبون خلالها بإعمال التصويت الإلكترونى، ومنهم الدكتور حمدى حسن، المتحدث الإعلامى باسم نواب الإخوان فى البرلمان المنحل، والنائب الوفدى محمد عبد العليم داوود، إلا أن هذه الطلبات قوبلت بالتجاهل التام ولم يلتفت إليها أصلا.
وقال المهندس معتز محمد محمود، رئيس حزب الحرية: إن الآلة تفيد أيضا فى الانتخابات الداخلية الخاصة برئيس المجلس ووكيلى المجلس ورؤساء اللجان، إلى جانب أنها فعالة فى إثبات العدد الحقيقى للنواب الحاضرين، الذى من شأنه إثبات عدم دستورية القوانين، وهو ما كان يحدث بسبب عدم توافر العدد القانونى من الأعضاء وتلاعب الحزب المنحل، إلا أنه وبعد الثورة لا أعتقد أن النواب سيتغيبون عن الحضور والمشاركة فى فعاليات وجلسات المجلس.