«شكراً لمساعدات الدول الصديقة لأنها أبقتنا على قيد الحياة» كان هذا من بين أبرز ما قاله الرئيس الجنوب سودانى سيلفا كير ميارديت فى خطاب تنصيبه، الذى ألقاه يوم السبت الماضى، ليعكس مدى حاجة دولة الجنوب الناشئة إلى المساعدات المالية ومدى سوء الأوضاع فيها وحاجتها إلى بذل مجهودات كبيرة من أجل الوصول إلى الحداثة والتقدم.
ويقول عبداللطيف صابر (مواطن جنوبى) إن أولى المشكلات التى تعانى منها دولة الجنوب هى عدم وفرة المواد الغذائية، مشيرا إلى أن الجنوب يعانى من عدم قيامه بتصنيع مختلف المواد الغذائية بما يجعله يعتمد على الواردات الغذائية ويحد من قدرة الجنوب على إطعام نفسه بنفسه مما يشكل أزمة كبيرة للبلاد.
ويلاحظ غياب العديد من المواد التموينية من الأسواق الجنوبية، حيث لا يمكن الحصول على الخبز إلا فى الساعات المبكرة من الصباح قبل أن يختفى تماما، كما يصعب الحصول على مواد غذائية رئيسية مثل الجبن وبعض أنواع الزيوت، فضلا عن الاعتماد على الأطعمة المعلبة التى يتم تصنيع غالبيتها خارج القطر السودانى وبالتحديد فى كينيا وأوغندا.
ويرى مواطن آخر يدعى مهير أن الأزمة الحقيقية التى تعترض جنوب السودان فى المرحلة الحالية تتمثل فى ضعف البنية التحتية، مشيرا إلى أن حالة البنية التحتية السودانية المتردية ستشكل عائقا أمام أى محاولات للتنمية لأنها تحول دون نهوض الدولة بدورها بالشكل الملائم.
ويلاحظ فى هذا الإطار أيضا عدم وجود مياه صالحة للشرب إلا من خلال زجاجات المياه المعدنية، حيث إن تكلفة تحلية المياه كبيرة على الحكومة الجنوبية، بما يجعل الحكومة تكتفى بإقامة مصانع لتحلية المياه تبيع إنتاجها من المياه المحلاة للمواطنين، ليقوموا باستخدام المياه العادية.
كما تنتشر فى الجنوب عربات نقل المياه، وذلك لغياب توصيلات المياه عن الكثير من بيوت العاصمة، فى مختلف مناطقها، فضلا عن الضعف الشديد لتدفق المياه فى غالبية المناطق، مما يضطر غالبية سكان الجنوب للجوء إلى خزانات المياه لاستخدامها فى حالة انقطاعها.
ويمتد غياب البنية التحتية أيضا إلى ضعف قطاع الاتصالات بشكل ملحوظ من خلال غياب واضح للتليفونات الأرضية وضعف شديد فى شبكات المحمول، فضلا عن تردى حالة شبكة الطرق المحلية.
ولا يعتمد الاقتصاد فى جنوب السودان على أى أنشطة اقتصادية محددة، باستثناء الزراعة، وهى قطاع ضعيف لا يكاد يكفى احتياجات السكان المحليين من الغذاء، بل يتم استهلاك أغلب الغذاء فى أماكن إنتاجه، نظرا لسوء حالة الطرق وارتفاع تكلفة النقل.
ويقول جورج بارم إن الجنوبيين يأملون فى تلقى مساعدات جيدة من مصر والدول العربية لكى تتمكن دولتهم من التحول إلى دولة قابلة للعيش والاستمرار بدلاً من أن تبقى أسيرة الحصول على المساعدات.
والملاحظ أيضا أن بعض المواطنين لا يدركون وجود مشكلة تتعلق بالتنمية فى بلادهم، بل يصرون على أن الأوضاع جيدة، وأنه بوسعهم أن يحصلوا على ما يكفيهم يوما بيوم ولا يشكل هذا الأمر إزعاجا لديهم.
كما تعانى الدولة أيضا من تدهور قطاعى الصحة والتعليم، حيث فشلت البرامج الحكومية والدولية المستمرة فى تحقيق هدف رئيسى فى الجنوب وهو التخلص من انتشار مرض الملاريا بين الجنوبيين، وذلك على الرغم من شن منظمة الصحة العالمية حملة منظمة لمحاربة هذا المرض فى الجنوب.
أما القطاع التعليمى، فلا يعانى فقط من قلة عدد المدارس ولكن من امتناع غالبية الجنوبيين عن إرسال أبنائهم إليها، نظرا لتكلفة التعليم العالية التى يعجز الكثير منهم عن تحملها، ليظهر شكل واضح من أشكال الانقسام الطبقى فى الجنوب بين النخبة القادرة على تعليم أبنائها والغالبية التى تعجز عن ذلك باستثناء بعض العائلات التى يحصل أبناؤها على المنح الدولية للتعليم.
وينتقد الكثير من الجنوبيين اتجاه رجال الأعمال فى بلادهم نحو الاستثمار فى الخارج، وتحديدا فى أوغندا فى الوقت الذى يتركون فيه بلدهم الأصلى «جنوب السودان» فى أحوج ما يكون إلى الاستثمارات الأجنبية، وهو ما كان يمكنهم ألا يحتاجوا إليه لو أبقى أغنياء الجنوب على أموالهم فى بلادهم.