قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: إن الغزو التركي للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا أثار مخاوف جديدة من عودة تنظيم داعش وذلك على إثر فرار خمسة من مسلحيه من أحد السجون الكردية أمس الجمعة وإعلان التنظيم مسؤوليته عن انفجار في عاصمة المنطقة التي تخضع لسيطرة الأكراد.
وأضافت الصحيفة، في تقرير نشرته في عددها الصادر، السبت، أنه فيما كانت القوات التركية تشن الغارات الجوية وتتوغل برا لليلة الثالثة، أكد المقاتلون الأكراد أنهم أحبطوا محاولة ثانية لاقتحام معسكر احتجاز يضم عائلات أفراد التنظيم.
وضاعفت هذه التحركات من حس الفوضى والاضطراب المتزايد في شمال شرق سوريا، حيث أفادت تقارير بأن 100 ألف من السكان فروا إلى الجنوب وفيما أعلنت الحكومة التركية إن قواتها تقدمت مسافة خمسة أميال داخل جزء من البلاد، أغلقت العديد من الطرق الرئيسية وتم إخلاء مستشفى كبير في المنطقة.
ومنذ انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة بقرار مفاجئ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل بدء الحملة العسكرية التركية، أعرب المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم المتزايد من الاتجاه الذي سلكه التوغل التركي، وحذر المسؤولون في واشنطن أمس من أن الولايات المتحدة سترد بقوة إذا سمح لمقاتلي الدولة الإسلامية بالهروب من السجون في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة التركية قدمت الحملة على أنها عملية لمكافحة الإرهاب؛ نظرا لأن الميليشيات التي يقودها الأكراد شمال سوريا لها علاقات وثيقة مع حركة محظورة في تركيا خاضت صراعا لعشرات السنين ضد الدولة التركية، وفي الوقت نفسه وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمواصلة القتال ضد داعش وأن قواته وحلفاءه سيواصلون حراسة أي مسلحين أسرى في السجون التي يسيطر عليها الأكراد.
لكن العملية قد أثبتت أنها مربكة على نحو بالغ للجهود الرامية إلى إبعاد شبح داعش، فعلى الرغم من أن القوات الأمريكية والكردية هزمت مسلحي في شمال شرق سوريا إلا أن للجماعة خلايا نائمة في المنطقة يمكنها استخدام الاضطرابات لاستعادة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم خلال السنوات الأولى من الحرب السورية، وفقا للصحيفة.
كما حولت الميليشيات الكردية تركيز جنودها إلى محاربة الغزو وتخلت عن العمليات المشتركة مع القوات الأمريكية حيث أعطت الأولوية للدفاع عن أراضيها.
وانفجرت سيارة مفخخة في شارع سكني في مدينة القامشلي، العاصمة الفعلية للمنطقة التي يسيطر عليها الأكراد، وذلك في ما يعد عملا نادرا من الإرهاب الداعشي في مدينة كانت خالية نسبيا من الاضطرابات قبل بدء الهجوم التركي.
وهدد القصف التركي أمن العديد من السجون التي يديرها الأكراد ويحتجزون فيها أسرى التنظيم حيث يقع ثلاثة من تلك السجون على الأقل على مقربة من الضربات الجوية التركية المستمرة، ويخشى على نطاق واسع من أن مقاتلي داعش سيهربون من الأسر وسط الفوضى التي أحدثها الهجوم التركي كما فعل مسلحوه الخمسة أمس.
وقالت السلطات الكردية: إن القذائف وصلت إلى مخيمين للنازحين يسيطر عليهما الأكراد، مما دفع المسؤولين إلى نقل بعض من ساكنيه البالغ عددهم 20 ألف نسمة إلى الجنوب ويضم أحد المخيمين المئات من أقارب مقاتلي داعش مما يزيد المخاوف من تأثير الغزو التركي على الحرب ضد التنظيم.
ولفتت الصحيفة إلى أن العملية التركية اقترنت بحملة لقمع الانتقادات داخل تركيا، حيث حذرت الهيئة الحكومية المسؤولة عن الإعلام هناك من أنها «ستسكت» أي نافذة إعلامية ترى أنها تنشر ما يسيء للهجوم، كما تم احتجاز اثنين من المحررين في موقعين إخباريين مستقلين لفترة وجيزة، حسبما أفادت جهتا عملهما.