كابوس «مذبحة أبوالنمرس» لا يزال يُطارد الطفلين «عامر» ومروان أسعد في صحوهما ونومهما: «عمنا مصطفى وابنه صابر هما اللى دبحوا ماما ودنيا أختنا.. عاوزين حقهم»، مشيرين بعلامة الذبح حول الرقبة، وكأنهما يستدعيان تفاصيل الجريمة التي شهدتها قرية الجلحوة، الأسبوع الماضى، فيما ضبطت أجهزة الأمن «صابر»، 17 سنة، المتهم بارتكاب الجريمة، نجل شقيق أسعد جلال، زوج مُحفظة القرآن، المجني عليها الأولى، واتهم الزوج شقيقه، والد المتهم المضبوط، بالاشتراك مع نجله في الجريمة، وهو ما أثبته خلال تحقيقات نيابة جنوب الجيزة، أمس، والتي طلبت تحريات تكميلية بشأن أقوال رب الأسرة المجنى عليها.
الخوف ارتسم على وجهى الطفلين، كان الأول يتحدث بصوت مرتعش، فيما ظل الرعب يسيطر على الثانى، عيون الصغيرين كانت تبحث عن أمهما «شيماء»، 27 سنة، وشقيقتهما «دنيا»، 10 سنوات، يرددان بلا وعى: «عاوزين حقهم.. وإعدام المتهمين».
«عامر»، ابن السنوات السبع، يستحضر لحظات الجريمة، مرددًا: «عمى مصطفى وابنه صابر ضربوا ماما بالسكينة ودبحوا أختى»، ثم يشرح: «كلنا كنا نايمين في الأوضة، وبعدين عمى وابن عمى ضربوا ماما في ضهرها بالسكينة، ومسكوا أختى ذبحوها، وأنا جريت على السلالم، وجرى ورايا (صابر) لحد فوق السطح، وضربنى بالسكينة، وحدفنى من فوق».
الطفل «مروان»، 4 سنوات، يتذكر الجريمة، بإشارة الذبح فقط، فيمسك برقبته، ويكتم أنفاسه، ولا يقوى على الحديث، فيما تتابع خالة الصغيرين: «الكوابيس تطارد الطفل لأنه رأى أمه وشقيقته تُقتلان أمامه، ويمسك الطفل برقبته في نومه، ويُصاب بـ(تشنجات)».
«صابر»، مزارع، أحد أشقاء رب الأسرة المجنى عليها، شاهد عيان، استعانت به النيابة العامة، قال إنه يقطن بالقرب من المنزل محل الجريمة، وأحد الجيران استدعاه: «إلحق يا (صابر) فيه دوشة في بيت أخوك (أسعد).. يمكن بيضرب العيال»، وبتوجهه إلى العقار المكون من طابق أرضى يعلوه سطح، شاهد الطفل «عامر» ملقى خلف العقار بين الزراعات، وكان المتهم «صابر»، ابن شقيقهما الثالث، إلى جانبه، ولاحظ أن بنطلون المتهم كان مُلطخًا بالدماء.
العم «صابر» تمكن هو والأهالى من دخول المنزل، فوجدوا جثتى «شيماء» و«دنيا»، وحين سئل الطفل المُصاب: «مين عمل فيكم كده؟»، أجابه الطفل بهذيان: «راجل تخين وشعره أسود».
العم سرعان ما حمل ابن شقيقه الصغير وتوجه به إلى المستشفى، وبعد إفاقته، قال لعمه: «عمى مصطفى وابنه صابر.. هما اللى عملوا فينا كده».
العم، شاهد العيان، أبدى ملاحظة ذكرها في تحقيقات النيابة، قائلًا: «أخويا مصطفى كان عاوز يشيل الواد عامر في المستشفى، والطفل صرخ وفضل يحضن فىّ، وكأنه بيستغيث بىَّ.. وحين عثرت على الطفل ملقى خلف البيت، ابن أخويا المتهم أشار إلىّ كذبًا: (اللى عملوا كده ناس بتجرى وسط الأراضى)، وسألت المزارعين عن ذلك، فقالوا: «ماحدش راح ولا جه»، وكان حديث المتهم محاولة لتشتيت انتباهى».
«جلال»، تاجر المواشى، رب الأسرة المجنى عليها، كان في عمله وقت ارتكاب الجريمة، وكما يروى: «كنت مع شريكى بنحصّل فلوس من تجار.. وفوجئت باتصال هاتفى من الجيران، بيقول: (إلحق ابنك عامر وقع من فوق السطوح)».
رب الأسرة تحرك إلى منزله، فوجد تجمهرًا من الأهالى والمباحث يملأ ساحة المنزل، وبدخوله إلى شقته، كما يقول: «عرفت بالمدبحة.. وبكيت وحضنت بنتى، لكن الناس خرَّجتنى برة.. والمباحث تحفظت علىَّ، اشتبهوا فىَّ في البداية، وبعد التحقيق واستدعاء شريكى في التجارة، اتضح أننى كنت خارج المنزل، الشرطة توصلت إلى أن المتهم هو ابن شقيقى (صابر)، وعثرت على السكين أداة الجريمة وملابس المتهم المُلطخة بالدماء».
وتابع «أسعد» في أسى أن هناك خلافًا بينه وبين شقيقه «مصطفى»، والد المتهم المقبوض عليه، بسبب تقسيم ميراث عقار، وأن شقيقه وزوجته قبل الجريمة هدداه وأسرته، قائلين: «هنخلِّى بيتكم دم».
رب الأسرة خشى من التهديدات، وقال لأخيه: «أنا هدفع لك 150 ألف جنيه، وسيب لى البيت بتاع الميراث»، وقرر أن تذهب زوجته «شيماء» إلى بيت أهلها عدة أيام، وطلب «سلفة» من أشقائها لتدبير مبلغ يدفعه لأخيه ليتحصل على المنزل، لكن بعودتها يوم الجريمة، قُتلت مع ابنتهما «دنيا»، فيما نجا ابنهما «عامر» بإصابات، فيما شهد الطفل الصغير «مروان» الجريمة دون أن يصيبه مكروه.
الأب ذكر، في التحقيقات، أن هناك آثارًا لقدم ملطخة بالدماء على السلالم غير قدم المتهم المضبوط.
وقال «الحاج عاشور»، عم «جلال»، رب الأسرة، إن مزارعين جاءوه قبل الجريمة، وقالوا له: إن «الواد صابر بيصرف فلوس كتيرة، وماحدش عارف مصدرها، وهو شغال في مزرعة وأجره 1200 جنيه»، وبسؤال والد المتهم «صابر»، قال: «أنا داخل جمعية، وابنى بيصرف منها».
وتمكنت الشرطة من استخراج 15 ألف جنيه، كان المتهم قد دفنها بجوار منزله، واعترف بسرقة 20 ألف جنيه من منزل عمه «جلال»، وأنفق منها 5 آلاف جنيه، وقال: «قتلت زوجة عمى لأنها كانت بتعايرنى إنى سرقتهم»، فيما نفى زوج القتيلة، قائلًا: «(شيماء) عمرها ما قالت كده.. ولم نعرف أن (صابر) هو سارق الفلوس إلا بعد اعترافه».