x

العدوان التركي.. أغصان زيتون مشتعلة لإرضاء أطماع «أردوغان» في سوريا

الخميس 10-10-2019 11:24 | كتب: إسراء محمد علي |
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصوير : أ.ف.ب

بدأت تركيا هجوماً على مناطق سيطرة الأكراد في شرق الفرات ما تسبب بنزوح آلاف المدنيين، في خطوة تلت حصول أنقرة على ما يبدو أنه ضوء أخضر من واشنطن التي سحبت قواتها من نقاط حدودية.

وشنت الطائرات الحربية التركية غارات على منطقة رأس العين الحدودية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وذكرت وزارة الدفاع التركية، أن الجيش وفصائل سورية موالية دخلوا شمال شرق سوريا ضمن الهجوم الذي تشنه أنقرة على مقاتلين أكراد.

وصرح متحدث باسم مجموعة سورية مشاركة في الهجوم لوكالة فرانس برس، أن العملية البرية بدأت مساء الأربعاء باتجاه بلدة تل أبيض التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية في شمال شرق سوريا.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن قبل ساعات بدء العملية العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الدول الغربية وتعتبرها أنقرة «إرهابية».

وقال أردوغان في تغريدة نشرها عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر إن «القوات المسلحة التركية والجيش الوطني السوري (معارضون مدعومون من أنقرة) بدآ عملية نبع السلام في شمالي سوريا لتطهير المنطقة من منظمتي بي كي كي/ واي بي جي وداعش الإرهابيتين. هدفنا القضاء على الممر الإرهابي المراد تشكيله على حدودنا الجنوبية إحلال السلام والأمان في المنطقة».

يعود بذلك من جديد الصراع التركي الكردي الذي يعود لسبعينات القرن الماضي، وتقول تركيا إن هذه العملية تهدف لإبعاد قوات الأكراد عن حدودها، إلى جانب إنشاء منطقة للاجئين السوريين تسع استضافة نحو 2 مليون لاجئ سوري، وتستغل تركيا الحرب على سوريا كذلك إلى تغيير النمط الديموغرافي للأكراد اللذين يشكلون مساحة كبيرة على الحدود، وظلوا شوكة في حلق أردوغان، لذا يسعي الآخير إلى كسرها لتحقيق أطماعه عبر تسكين بعض الموالين له على الحدود، وهو يلعب بورقة المنطقة الآمنة لاستغلال العالم اقتصاديا، في الوقت الذي يريد فيه إبعاد الأكراد عن حدوده.

ولكن ما هي جذور هذا الصراع؟

بدأ الصراع والاضطهاد للأكراد من جانب تركيا في عهد مصطفى كمال أتاتورك، الذي أعلن الجمهوريّة التركيّة في 1923، وأعلن معه تغاضيه عن حقوق الأكراد، وتنصل مما جاء في معاهدة لوزان أيضاً، ووعوده للكرد، حسب تقرير لقناة «الحروة».

وبدأت مرحلة مظلمة في حياة أكراد تركيا، وكردّ فعل على خيانة «أتاتورك» لوعوده التي قطعها للكرد، اندلعت انتفاضة الشيخ سعيد بيران، عام 1925، وساندها الأرمن والشركس والعرب والأشوريين في مناطق جنوب شرقي تركيا. وانتهت هذه الانتفاضة بالسحق واعتقال الشيخ سعيد وإعدامه مع رفاقه.

ثم اندلعت انتفاضة جبل آغري، بقيادة الجنرال في الجيش العثماني، إحسان نوري باشا واستمرّت لغاية 1930وأيضاً تمّ سحقها، ثمّ أتت انتفاضة الكرد العلويين في محافظة ديرسم، بقيادة سيد رضا، عام 1937 – 1938. وتمّ سحقها عبر استخدام الطيران

وكانت ابنة أتاتورك بالتبنّي، صبيحة غوكتشن (أوّل أمرأة تقود طائرة حربيّة في تركيا والعالم)، هي التي تقصف مدينة ديرسم بالقنابل، وراح في المجازر التي ارتكبت في سحق الانتفاضات الكرديّة عشرات الألوف من الكرد، ومئات الألوف من المشرّدين والمهجّرين قسراً.

وفي عهد الرئيس التركي أردوغان، واصل عدائه للأكراد بعد أن نجح حزب الشعوب الديموقراطي «الكردي» في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في الأول نوفمبر لعام 2015، ليتخطى حاجز 10% ودخول البرلمان، وأصبح قادرا بصورة كبيرة على المنافسة السياسيه بشكل كبير وواضح.

وفتح فوز الأكراد الباب إلى نداءات تتعلق بفصل المناطق الكرديه عن تركيا ومن ثم تمتعها بالحكم الذاتي، أصبح للأكراد حزب بالبرلمان قد يكون في يوم من الايام هو الحزب الحاكم، وهو ما أثار خوف «أردوغان» الذي كرس لسنوات لخطاب الكراهية تجاه الأكراد، الذين لعبوا دورا حاسما في انتخابات بلدية إسطنبول وأسهموا بإسقاط ممثل حزب العدالة والتنمية في سياق تصاعد الاحتقان بين أردوغان وجزء من تركيبة تركيا السكانية.

ويبدو أن توغل تركيا الوشيك سيعيد ترسيم خريطة الصراع السوري مرة أخرى، مما يوجه ضربة للقوات الكردية التي حاربت تنظيم داعش، ويوسع رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا على الحدود.

وسيكون هذا ثالث توغل من نوعه لتركيا منذ 2016 بعدما نشرت بالفعل قوات على الأرض عبر قطاع في شمال سوريا بهدف احتواء النفوذ الكردي بسوريا في الأساس.

ويعيش نحو 30 مليون كردي في الشرق الأوسط، خاصة في دول إيران، والعراق، وسوريا، وتركيا، فيما يشكل الأكراد نحو خمس السكان في تركيا التي يبلغ عدد سكانها نحو 79 مليون نسمة.

وقد شن حزب العمال الكردستاني PKK تمردا على السلطات التركية منذ عام 1984، وقد أسس عبدالله أوجلان التنظيم في عام 1978، وكان هدف التمرد الأساسي هو الحصول على حقوق ثقافية وسياسية أوسع، بالإضافة إلى هدف أبعد وهو تأسيس دولة كردية مستقلة.

وقد أدى الصراع بين السلطة المركزية التركية، وحزب PKK الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا، إلى سقوط ما يقرب من 40 ألف قتيل من كلا الجانبين.

وقبل وقف إطلاق النار في 1999 بين الـ PKK والجيش التركي إثر اعتقال أوجلان، كان الـ PKK يتخذ من المناطق العراقية الحدودية معسكرا خلفيا لعناصره المقاتلة في تركيا.

وعقب اعتقال أوجلان، تم الاتفاق على هدنة بين الحكومة التركية والـ PKK، لكنها نقضت في 2004 واندلعت الاشتباكات مجددا بين الطرفين ليعبر نحو 2000 عنصر تابعين لحزب العمال الكردستاني إلى العراق وتبدأ الأزمة العراقية التركية مرة أخرى حول الـ PKK.

وفي أواخر 2013، بدأت الحكومة التركية محادثات مع أوجلان من داخل محبسه للاتفاق على وقف إطلاق النار وجرى تسهيل التواصل بينه وبين قيادات الـ PKK في شمال العراق.

تم الوصول لاتفاق في مارس 2013 انتقل على إثره عناصر من الـ PKK من تركيا إلى العراق وسط ترحيب من حكومة بغداد التي اعترضت فقط على السماح بدخول أعضاء الـ PKK مسلحين إلى الأراضي العراقية.

لكن مرة أخرى، انهارت الهدنة في 2015 عقب غارات تركية استهدفت عناصر PKK في العراق، وذلك أثناء قصف مواقع لتنظيم داعش، لتتوتر العلاقات بين تركيا وPKK مجددا وسط تهديدات تركية بالدخول إلى العراق، والتي يبدو أنها أصبحت واقعا.

كما انهار وقف لإطلاق في أعقاب تفجير انتحاري نفذه من يشتبه بأنهم من مقاتلي داعش، وقد أسفر عن مقتل ما يقرب من ثلاثين كرديا بالقرب من الحدود السورية، وفي أكتوبر 2015 نفذت جماعة تتبع لـ PKK تدعى TAK، هجوما في حشد جماهيري.

ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، توترت العلاقة بين السلطات التركية من جهة وبين حزب الشعب الديمقراطي الكردي في تركيا، وبين وحدات حماية الشعب YPD التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري PYD (والذي تربطه علاقات بـ PKK).

وقد نفذ PKK هجمات ضد السلطات التركية في جنوب غرب تركيا، بمعاونة وحدات حماية الشعب YPG.

في سوريا، كان جل تركيز الأكراد منصب على قتال تنظيم داعش، إذ كان ينضوي معظمهم تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ SDF، وهو تحالف بين مقاتلين من الأكراد والعرب يحظون بدعم الولايات المتحدة، وقد أسس الـ SDF منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا.

وفي سبتمبر 2014، دعا زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان الأكراد إلى بدء «مقاومة شاملة» ضد داعش؛ في وقت لاحق من ذلك الشهر، حوصرت بلدة كوباني من قبل داعش وتم الاستيلاء عليها، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من الأكراد السوريين إلى تركيا.

وأسفرت المعركة التي تلت ذلك عن مقتل أكثر من 1600 شخص، لكن قوات سوريا الديمقراطية SDF بقيادة الأكراد استعادت سيطرتها على المدينة في يناير 2015.

وحررت قوات سوريا الديمقراطية SDF مدينة منبج السورية الاستراتيجية من داعش في أغسطس 2016، لكن أطلقت تركيا عملية عسكرية كبيرة عرفت بـ«درع الفرات»، والتي استمرت من 24 أغسطس 2016 وحتى 29 مارس 2017.

وقد استطاعت القوات التركية دفع عناصر SDF للضفة الشرقية من نهر الفرات، مما سمح للمعارضة السورية السيطرة على 2000 كيلومتر مربع في شمال غرب سوريا، ومنع اتصال الأقاليم التي كانت تابعة لـ SDF ببعضها البعض.

وفي يناير 2018، أطلقت تركية عملية عسكرية شارك فيها الجيش التركي والجيش السوري الحر للسيطرة على مدينة عفرين، وقد استطاعوا تحقيق ذلك في شهر مارس 2018. ومنذ ذلك الحين، استمرت تركيا في التلويح بإمكانية شن هجمات على مناطق تحت السيطرة الكردية في سوريا، بما في ذلك منبج.

وتستمر التوترات بين الحكومة التركية وأكراد سوريا، حيث يترقب المجتمع الدولي تطورات المشهد في شمال سوريا، حيث حذرت الأمم المتحدة «الأسوا» إذا ما اقدمت تركيا على التوغل في شمال سوريا وفتح جبهة جديدة مع الأكراد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية