x

السودان في الذكرى الأولى للانفصال.. «المشاكل لا تزال عالقة»

الأربعاء 11-01-2012 15:33 | كتب: رفيدة ياسين |
تصوير : رويترز

«فلتظل القضايا عالقة».. تلخص تلك العبارة التي قالها اليوم الأربعاء وزير الدولة في رئاسة الجمهورية السودانية، أمين حسن عمر، ما آل إليه الوضع بين حكومتي الشمال والجنوب، بعد عام من الاستفتاء على قرار الانفصال.


جاءت هذا التعليق، من قبل حكومة الخرطوم (الشمال)، ردا على باقان أموم، وزير السلام في حكومة جوبا (الجنوب)، الذي رهن فيه حل القضايا العالقة بين البلدين بحسم تبعية منطقة «أبيي» للجنوب.


وترفض الخرطوم أي مساومات في هذا الشأن، بل وصل الأمر بقبيلة «المسيرية» العربية، ذات المصالح الاقتصادية في منطقة «أبيي»، إلى حد إبداء «جاهزيتها للحرب»، وأوضح القيادي في القبيلة، عمر الأنصاري، أن جوبا وقعت على اتفاق فى أديس أبابا أقر بـ «شمالية» المنطقة.


تأتي هذه الأحداث في وقت ينقسم فيه السودانيون بين محتفلين بالذكرى الأولى للانقسام، وآخرين مازالوا ينعون تلك الخطوة، فنتيجة استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، الذي أجري في  يناير 2011، والتي انتهت بتصويت الجنوبيين لصالح الانفصال بأكثر من 90 %، لم تكن مفاجئة لأحد، بسبب الخلاف المستمر بين حكومتي الشمال والجنوب طوال فترة الشراكة، التي دامت طوال 6 سنوات.



سياسات «البشير» التي قسمت السودان


أحزاب المعارضة في الخرطوم مازالت تحمل الحزب الحاكم مسؤولية الانفصال، لأنه «لم يجعل من الوحدة خيارا جاذبا»، بحسب مريم الصادق المهدي، مسؤولة العلاقات الخارجية في حزب الأمة القومي المعارض، والتي أكدت أن الوضع في السودان الآن خطير، موضحة أنه لا يجوز الصمت على ما جرى من قبل أحزاب المعارضة.


واعتبرت المهدي في تصريحات خاصة لـ «المصري اليوم» أن أهم الأشياء التي أوصلت السودان لما وصفته بـ «الدرك السحيق من التمزق والاستقطاب والتردي الاقتصادي والأمني بعد الانفصال هو تعامل الحكومة السودانية مع أزمات البلاد بصورة جزئية، دون إشراك بقية القوي السياسية في شؤون البلاد». وأكدت المهدي أن الانفصال كان نتاجا طبيعيا لسياسة حزب الرئيس عمر البشير، والتي انتهت بإشتعال الحروب في أكثر من منطقة.



«انفصال مؤقت» ووحدة «حتمية» قادمة


الحزب الاتحادي الديمقراطي، أحد أحزاب المعارضة السودانية، التي شاركت في الحكومة الجديدة والتي أسماها حزب البشير «حكومة القاعدة العريضة» عبرت عن استمرار إيمانها بوحدة السودان، وقال القيادي أحمد سعد، وزير مجلس الوزراء، لـ «المصري اليوم» إن حزبه ما زال يؤمن بوحدة السودان أرضاً وشعبا، رغم وقوع انفصال الجنوب.


واعتبر سعد أن انفصال الجنوب مرحلة مؤقتة لابد منها، وإن طال الزمن، مؤكداً أن الشمال والجنوب سيتحدان مرة أخرى، مثلما عادت ألمانيا موحدة بعد عقود من انفصالها. واستنكر وزير مجلس الوزراء ما يتردد عن أن انفصال الجنوب سيكون سببا في تأخر السودان الشمالي، مشدداً على أن إرادة الشعب السوداني قوية وقادرة على تنمية واستقرار البلاد. واختتم حديثه قائلا: «لدينا ثقة في تجاوز بلادنا لأزمتها ، وإن لم يكن لجيلنا فلجيل آخر».


في المقابل، اعترف أمين أمانة الإعلام بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، إبراهيم غندور، بأن الانفصال كانت له آثارا سالبة على الشمال، وقال لـ «المصري اليوم»: إن «تقييم الانفصال وآثاره سواء كانت إيجابية أو سلبية بحاجة لأجيال للوصول إلى التقييم الحقيقي لكن قطعا آثاره السالبة كبيرة. وأضاف غندور أن التحدي الأكبر الآن أمام الشمال يتركز على إقامة علاقات جيدة مع الدولة الجنوبية الجديدة، معتبرا أن الوحدة الوطنية هي الخطوة الأهم لمواجهة أي آثار سالبة للانفصال، إضافة للتركيز على توحيد الجبهة الداخلية وما تبقى من ربوع السودان». وأشار غندور إلى أن تعويض الأرض شئ صعب، لكنه راهن على تحقيق إنجازات اقتصادية لتتفادى خسائر انفصال الجنوب بتنمية البلاد.



طموحات لم تتحقق وتعقيدات ما بعد الانفصال


من جهته  رأى المحلل السياسي السوداني، محمد لطيف، أنه ستكون هناك تعقيدات بالغة في سودان ما بعد الانفصال، ما لم يكن هناك تغيير حقيقي في السياسات العامة للدولة، خاصة فيما يتعلق بالتوقعات المرتبطة بالأزمة الاقتصادية.


وأضاف لطيف لـ «المصري اليوم»، أن آمال الناس وطموحاتهم في الجمهورية الثانية لم تتحقق بعد، لافتا إلى أن الدولة يجب أن تكثف اهتمامها بالملف الاقتصادي في هذه المرحلة الصعبة، مشيرا إلى أن الحكومة السودانية ستكون قادرة على تجاوز خسارتها بعد الانفصال لأنها لا يزعجها كثيرا ضيق الناس سواء كان على مستوي الانفاق أو ضيق العيش في الظروف الاقتصادية الضاغطة «لأنها ترفع شعار المشاركة مع الشعب في تحمل المسؤولية».


وتابع لطيف أنه إذا استمر هذا المنطق «فسيتحول الناس إلى الصمت وإلى مجرد متفرجين»، دون فعل مضاد، واختتم حديثه بأن الحكومة الجديدة بحاجة لـ 6 أشهر لتبدأ في ترتيب مشاكلها الاقتصادية بشكل أفضل.



أفراح في «الجنوب» تقابلها مخاوف «الشمال»


القيادي الجنوبي، أتيم قرنق، اعتبر أن انفصال الجنوب تحديا كبيرا للجنوبيين لإثبات قدرتهم على إقامة دولة مؤسسات بعد معاناة استمرت لعقود مع الشمال. وأكد لـ «المصري اليوم» أن الدولة الجنوبية سيتم بناءها بيد أبنائها بعد تحقق حلمهم بالاستقلال.


الشارع السوداني في الشمال انقسم بين مؤيد ومعارض، فقد رأي محمد عبد الله، وهو شاب عشريني، أن انفصال الجنوب أفضل للشماليين نسبة، لأن هناك خلافا ثقافيا وعرقيا ودينيا بينهما، لكن فهيمة هاشم، وهي سيدة ثلاثينية قالت بحزن إنها تلقي باللوم على السياسيين في الوصول إلى الانقسام، مؤكدة أن الشعوب لا أزمة لديها في احترام الآخر.


أما الشارع الجنوبي، فما زالت نشوة فرحة الاستقلال تسيطر على غالبيته، فيقول ياي أكول، الشاب الجنوبي، إنه سعيد بانفصال الجنوب عن الشمال وإنه كان ينتظر هذه اللحظة منذ توقيع اتفاق السلام عام 2005. أما «ماري أشول»، السيدة الجنوبية فتقول إن الشماليين كانوا يعاملون أهل الجنوب بصورة دونية أما الآن، فلا يمكن لأحد أن يتطاول عليها لأنها مواطنة جنوبية في دولة مستقلة.


عام مر ويبقى انقسام السودان قضية جدلية بين الشمال والجنوب، بما جره من فتور في حل الملفات العالقة، التي لا تبدأ عند قضية الحدود ومنطقة «أبيي» المتنازع عليها، ولا تنتهي بتقاسم النفط والموارد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية