x

«توماس كوك» من بائع كتب إلى رائد صناعة السياحة في العالم

الثلاثاء 24-09-2019 19:38 | كتب: يوسف العومي |
توماس كوك توماس كوك تصوير : آخرون

بعد 178 عاماً انهارت إمبراطورية «توماس كوك» ذلك الطفل البريطانى الفقير الذي ولد في ديربيشاير، بإنجلترا في 22 نوفمبر 1808، وتوفى في 18 يوليو 1892، ودخل المدرسة في سن العاشرة من عمره، ولعبت الصدفة دوراً مهماً في حياته، فلم يكن في مخيلته أنه سيكون رائداً من رواد صناعة السياحة في العالم، لأنه في طفولته اشتغل بائعًا للكتب، وفى ريعان شبابه أصبح ناشطاً دينياً ومناصراً بروتستانتيا وأحد المنادين بالاعتدال في الدين، لذلك نظم أول رحلة بالقطار في 5 يوليو 1841، كان على متنها 570 ناشطاً من ليستر إلى لافبرا، وقد حققت هذه الرحلة مكاسب هائلة لتوماس.

وأصبح كوك فيما بعد أهم رجل أعمال في بريطانيا ورائداً في السياحة، أسس مكتب السفريات باسمه «توماس كوك» الذي حظى بشهرة عالمية، وفى عام 1872 نظم رحلة حول العالم بطول 40 ألف كيلومتر، دامت 222 يوماً، وكانت أول رحلة برية أوروبية، وفى 17 مايو 1861 نظم رحلة عمل بواسطة القطار، والسفينة إلى باريس، وفى عام 1866 قام بتنظيم رحلة أخرى لأول مرة إلى أمريكا.

بدايته في مصر مع حفل افتتاح قناة السويس

بدأ كوك في افتتاح عدد من مكاتب السفريات لشركته في مختلف دول العالم، ومنها مصر، ففى عام 1869، عام افتتاح قناة السويس، افتتح توماس كوك مكتباً له بالقاهرة في عهد الخديو إسماعيل لتنظيم رحلات بالبواخر، ولنقل ضيوف حفل قناة السويس.

وقامت شركته بتنظيم رحلة إلى الأقصر في جولة عبر نهر النيل. وحررت عقداً لنقل حملة الجنرال جوردون إلى السودان عام 1884، حيث نقل 11 ألف جندى بريطانى و7 آلاف جندى مصرى، وكانت هذه الشركة السياحية التي أسسها توماس كوك وابنه عام 1871 مملوكة للعائلة حتى عام 1928.

حجم عمليات وممتلكات «توماس كوك»

أصبحت «توماس كوك» واحدة من كبريات شركات السياحة حول العالم، التي تأسست بشكل فعلى في عام 1841، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية الآن 9 مليارات جنيه إسترلينى، ويعمل في الشركة 22 ألف موظف، من بينهم 9 آلاف في بريطانيا، وتخدم 19 مليون عميل سنويا في 16 دولة حول العالم، وعلى مر العقود تحولت توماس كوك من مجرد شركة إلى مجموعة، بعد اندماج شركتى توماس كوك إيه جى ومجموعة ماى ترافيل، وحملت ذات الاسم «توماس كوك» وكان ذلك في 19 يونيو 2007، وتم إدراجها في بورصة لندن، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت المجموعة تمتلك عدداً من مشغلى الرحلات السياحية، وشركات الطيران العارض (خطوط توماس كوك الجوية) في كل من المملكة المتحدة، بلجيكا والدول الإسكندنافية ومصر، وتمتلك أيضا شركة كوندور للطيران وموقع الحجز الإلكترونى Hotels4u، وأصبح لها في مصر وحدها 6 فروع ما بين الغردقة والقاهرة والإسكندرية، سواء كانت للسفريات أو للطيران أو لتحويل الأموال.

ووصف الخبير السياحى، سعيد البطوطى، انهيار الشركة البريطانية توماس كوك بالكارثة السياحية، حيث قال: «هذه الشركة السياحية هي أقدم شركة سياحية في العالم والتى تأسست عام 1841، ومع ذلك أعلنت إفلاسها وأغلقت مكاتبها وألغت جميع الرحلات وبدأت في إجراءات إعادة حوالى 150 ألف سائح مسافرين حاليًا عن طريق الشركة إلى بلادهم والذين هم حاليا محتجزون في وجهات سياحية عدة حول العالم».

وقال: «هناك تبعيات لهذا الزلزال، فقد أوقفت شركات السياحة الألمانية التابعة للمجموعة أنشطتها لحين الوصول إلى خيارات نهائية بهذا الشأن، وهى الشركات التي تتبع المجموعة وتشمل العلامات التجارية Neckermann Reisen، وBucher Last Minute، وÖger Tours، وAir Marin، وThomas Cook Signature».

يعمل لدى الشركة أكثر من 21 ألف موظف في 16 دولة حول العالم، منهم نحو 4500 موظف لدى شركة الطيران كوندور في ألمانيا، وتدير العديد من الفنادق والمنتجعات السياحية وشركات الطيران التي تضم نحو 125 طائرة، ومنها شركة توماس كوك للطيران ألمانيا Thomas Cook Airlines Deutschland والتى تضم شركة Condor التي يتكون أسطولها من 53 طائرة) وتوماس كوك Aviation (8 طائرات، وتوماس كوك للطيران إسبانيا والتى يضم أسطولها 6 طائرات، وشركة توماس كوك للطيران إسكندنافى 12 طائرة، وتوماس كوك للطيران المملكة المتحدة Thomas Cook Airlines UK التي بها نحو 46 طائرة، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من علامات الفنادق العالمية، مثل مجموعة فنادق SENTIDO Hotels & Resort، ومجموعة فنادق Smart line، ومجموعة فنادق Sun Connect، ومجموعة فنادق Casa Cook، ومجموعة فنادق Cook’s Club، ومجموعة فنادق SUNPRIME، ومجموعة فنادق SUNWING، ومجموعة فنادق Aldian.

وأشار الخبير السياحى عادل المصرى إلى أن مصر في هذه الفترة لن تتأثر كثيرا كباقى الدول الأخرى كون السياحة الإنجليزية سياسيا محجمة لمصر، موضحًا أن توماس كوك كانت تسيّر 22 رحلة طيران أسبوعية لمطار الغردقة، ورحلة أسبوعية إلى مطار مرسى علم، مؤكدًا أن بريطانيا بدأت التنسيق مع وكلاء توماس كوك المصريين لنقل السياح البريطانيين من المدينتين إلى بلادهم، وأن أول رحلة بريطانية وصلت مساء الإثنين الماضى لمطار مرسى علم ونقلت أول مجموعة من سياح شركة توماس كوك وإعادتهم إلى بريطانيا.

ولفت إلى أن منتجعات مصرية في مرسى علم كانت أوقفت تعاملاتها مع توماس كوك منذ عام 2013، إثر تعثرها في سداد قيمة رحلات سياحها.

وقالت شركة بلو سكاى، الوكيل المشغل لشركة توماس كوك البريطانية في مصر، إنه تم إلغاء 25 ألف حجز للسياح في مصر حتى إبريل 2020 عقب إعلان الشركة إفلاسها.

وقال حسام الشاعر، رئيس مجلس إدارة بلو سكاى، في بيان صحفى، إن لدى الشركة 1600 سائح في منتجع الغردقة بمصر حاليًا، وأضاف: «الأعداد المتوقعة لعام 2020 تبلغ 100 ألف سائح» إلى مصر من خلال توماس كوك.

وتصاعدت الصعوبات المالية للشركة على مدار العام الماضى، وفى يوليو وضعت الشركة خطة عمل، تقول إنها تحتاج إلى 900 مليون جنيه إسترلينى لإعادة تمويل أنشطتها.

ونجحت توماس كوك في إيجاد داعم يوفر لها 200 مليون إسترلينى، لكن ذلك انسحب في وقت لاحق، وقالت الشركة إن التحذيرات بشأن أرباحها تعود إلى مشاكل عدة، من بينها الاضطرابات السياسية في المقاصد السياحية، مثل تركيا، والموجة الحارة التي شهدها العالم في الصيف الماضى، وتأخير العملاء لحجز رحلات إجازاتهم بسبب أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.

ووفقاً لعدد من التقارير الصحفية، فيرجع سبب الانهيار إلى البريكست الذي ساهم في إغراق الشركة في الديون، بسبب إرجاء الكثير من عملائها لرحلاتهم. وقالت توماس كوك، في بيان لها، إنها دخلت مرحلة تصفية إجبارية وحصلت على الموافقة لتعيين حارس قضائى لتصفية الشركة، وسيجرى تعيين شركة أليكس بارتنرز بريطانيا أو كى.بى.إم.جى كمدير خاص لأقسام الشركة المختلفة.

الطرق البديلة للمسافرين

وطلبت الحكومة البريطانية من هيئة الطيران المدنى البريطانية بدء برنامج لإعادة زبائن توماس كوك المتضررين من الخارج في غضون أسبوعين اعتبارا من الإثنين الماضى حتى السادس من أكتوبر المقبل. وقالت في بيان: «من المحتم أن يحدث بعض الاضطراب بسبب ضخامة الوضع، لكن هيئة الطيران المدنى ستحاول إعادة الناس للوطن في أقرب وقت ممكن لتواريخ عودتهم المقررة في الأصل، وسيتم استخدام أسطول من الطائرات في إعادة المواطنين البريطانيين، كما قد يتم اللجوء لاستخدام رحلات تجارية بديلة».

وأطلقت هيئة الطيران المدنى موقعا خاصا يمكن للمتضررين أن يجدوا عليه تفاصيل الرحلات الجوية والمعلومات الخاصة بها، أما الزبائن الذين لم يسافروا من بريطانيا فسيتعين وضع ترتيبات بديلة لهم.

ومن جهته، علق رئيس الوزراء البريطانى، بوريس جونسون، على انهيار الشركة، قائلًا إن حكومة بلاده كان لديها الحق في ألا تنقذ مجموعة «توماس كوك»، مشيرًا إلى أنه يجب على شركات السياحة بذل المزيد من الجهد لضمان عدم انهيارها.

وأضاف «جونسون» أن الحكومة ستساعد في إعادة 150 ألف مواطن بريطانى عالق خارج البلاد، إلا أنه لا يمكن دفع تعويضات لـ«توماس كوك»، لأنه ربما تتوقع شركات السياحة الأخرى تلقى المعاملة ذاتها لاحقًا، وعلق قائلا: «نريد أن ننظر بطريقة تجعل شركات السياحة قادرة على حماية نفسها من الإفلاس في المستقبل».

وتوقفت شركة توماس كوك، شركة الترفيه البريطانية الأقدم في العالم، عن التداول فورًا بعد فشل المحادثات الأخيرة لإنقاذ الأعمال التجارية في المملكة المتحدة، وتم إلغاء جميع حجوزات المجموعة البالغة من العمر 178 عامًا، بما في ذلك الرحلات الجوية والعطلات. وقال بيتر كوك فانهاوسر، الرئيس التنفيذى لشركة توماس كوك، إن الانهيار «مسألة تندم بشدة»، مشيرا إلى أن فشل منظم الرحلات يعرض 22 ألف وظيفة للخطر في جميع أنحاء العالم.

وصف وزير النقل البريطانى، جرانت شابس، مهمة الإعادة إلى الوطن بأنها «هائلة» و«أكبر عملية عودة إلى الوطن في زمن السلم في تاريخ المملكة المتحدة».

وحصلت توماس كوك على صفقة إنقاذ بقيمة 900 مليون جنيه إسترلينى (1.1 مليار دولار) بقيادة أكبر مساهميها، شركة فوسن الصينية، في أغسطس. ومع ذلك، لا يمكن تلبية الطلب من المقرضين لجمع 200 مليون جنيه إسترلينى إضافية من التمويل الاحتياطى «الاحتياطى الموسمى».

من جانب آخر، أعلنت شركة الخطوط الجوية الفرنسية XL Airways عن إفلاسها، مشيرة إلى «صعوبات مالية كبيرة» وتوقفت عن بيع التذاكر، في أحدث إصابة تضرب صناعة الطيران الفرنسية.

وقالت XL Airways، التي توقفت عن بيع التذاكر في 19 سبتمبر، إنها ستحتفظ برحلات جوية خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ ومع ذلك، يمكن إلغاء بعض الرحلات الجوية اعتبارًا من 23 سبتمبر.

وتمتلك XL Dream، التي تعمل من باريس شارل ديجول ومدن فرنسية أخرى إلى وجهات الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبى مع أسطول مكون من أربع طائرات إيرباص A330، وهناك شركة DreamJet Participations، وهى الشركة الأم لشركات الطيران لا كومبانى التي تحمل درجة رجال الأعمال.

وبسبب نقص التمويل، كانت XL Airways تجرى مناقشات مع المشترين المحتملين لبعض الوقت، وأكد متحدث رسمى، يوم 27 أغسطس الماضى، أن هناك ملفين نشطين لبيع محتمل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية