وجهت القائمة العربية المشتركة بالكنيست الإسرائليلي صفعة قوية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أصبحت فرصته في الانفراد بتشكيل الحكومة تكاد تكون صفرية، بعدما وحدت تلك القائمة صفوفها ونجحت في حصد 13 مقعدًا أسهمت في ترجيح كفة منافسه بيني جانتس المدعوم من تحالف حزب «أزرق أبيض».
أصوات الكتلة العربية مجتمعة كانت أحد أهم العوامل في فشل كتلة اليمين الإسرائيلي في الحصول على أغلبية واضحة تمثل 61 مقعدًا من أصل 120 للانفراد بتشكيل الحكومة، لذا أصبحت فرصة «نتنياهو» في البقاء على رأس الحكومة الإسرائيلية تكاد تكون منعدمة.
وفي السطور القادمة نستعرض الأزمة السياسية القائمة في إسرائيل، والسيناريوهات التي تنتظر «نتنياهو»، الذي يلقبه الإسرائليون بـ«هاميليخ» أي «الملك» نظرًا لكونه أكثر من بقي على رأس الحكومة برصيد 13 عامًا، وكيف يمكن للكتلة العربية في «الكنيست» أن تصبح أكثر فعالية في ظل الوضع الراهن.
كيف يبدو المشهد السياسي في إسرائيل؟
حالة احتدام تشهدها الساحة السياسية الإسرائيلية بين «نتنياهو» و«جانتس» كطرفين متنافسين على فرصة تشكيل الحكومة، منذ انطلاق الانتخابات التشريعية، الثلاثاء الماضي، نظرًا لوجود ٢٩ قائمة انتخابية تتنافس على ١٢٠ مقعدًا بالكنيست الإسرائيلي.
وبعدما أوضحت النتائج شبه النهائية، بعد فرز 92% من الأصوات، تقدم تكتل «أزرق أبيض» بفارق صوتين عن «الليكود» بواقع 57 مقعدًا ومواصلة القائمة العربية باحتفاظها بـ١٣ مقعدًا بات فشل كتلة اليمين الإسرائيلي بزعامة «نتنياهو» بالحصول على ٦١ مقعدًا كأغلبية واضحة تمكنها من تشكيل الحكومة أمرًا حتميًا، وباتت فرصة استمرار «نتنياهو» رئيسًا للحكومة صفرية.
واقع معقد تشهده الساحة الإسرائيلية، نظرًا لتعادل الحزبين الرئيسيين «الليكود» و«أزرق أبيض» في عدد المقاعد، فلا يملك أي من الحزبين الرئيسيين أغلبية واضحة أي 61 مقعدًا من أصل 120، لتشكيل ائتلاف حكومي، إذ حصل معسكر أحزاب اليمين على 56 مقعدًا، بينما حصلت أحزاب اليسار والوسط مجتمعة على 55 مقعدًا، بفضل احتفاظ الكتلة العربية بـ13 مقعدًا.
ولا يزال أفيجدور ليبرمان، «بيضة القبان» في الكنيست المقبل لكون حزبه «إسرائيل بيتنا» يمتلك 9 إلى 10 أصوات، وهي الكتلة التي تتوسط كفتي الميزان السياسي الإسرائيلي حاليًا ويمكنها تحديد من يكلفه رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، بتشكيل الحكومة الجديدة، لكن «ليبرمان» لا يريد الانضمام لأي من الجانبين، بل يدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بشرط عدم وجود نتنياهو على رأسها.
كل الطرق تؤدي إلى رحيل نتنياهو
أزمة التوازن، التي انتهت إليها الانتخابات الراهنة نظرًا لرفض نتنياهو الانضمام إلى أي من الطرفين تفرض 3 سيناريوهات تقضي جميعها بخروج نتنياهو من المعادلة، فأول تلك السيناريوهات أن يتمكن جانتس أو نتنياهو من تشكيل تحالف يمكنه من تشكيل الحكومة وهنا تكون فرصة بيني جانتس هي الأقوى في حال تمكن من ضم حزب يميني آخر قد يكون حزب «شاس».
السيناريو الثاني وهو الأرجح أن يقبل جانتس بالتحالف مع ن اليمين وتتشكل وحدة وطنية تضم الليكود أزرق أبيض وأحزاب الوسط واليسار وليبرمان بدعم من القائمة العربية وهذا هو السيناريو الأرجح، لكن هذا السيناريو أيضًا يتطلب استبعاد نتنياهو من المشهد نظرًا لرفض ليبرمان القاطع لوجوده على رأس الحكومة.
أما السيناريو الأخير أن تتم إعادة الانتخابات التشريعية لمرة ثالثة في حال استمر المأزق الحالي.
نتنياهو يعترف بالهزيمة.. و«اليمين» يتخلى عنه
وفي محاولة منه للخروج من هذه الأزمة دعا بنيامين نتنياهو، منافسه بيني جانتس، الخميس، لتشكيل حكومة وحدة وطنية يتناوبان خلالها الحكم، الأمر الذي يراه محللين أنه اعتراف بالهزيمة ومحاولة للإفلات من المثول أمام القضاء في أكتوبر المقبل، على خلفية اتهامه بالفساد.
كما أن تخلي إيليت شاكيد، زعيمة حزب يمينا، اليميني المتطرف عن «نتنياهو» بتصريحاتها، أمس بان اليمين ليس مغلقا على شخص نتنياهو له دلالات قوية أيضًا تفيد بالإطاحة به واختيار ممثلًا آخر عن الليكود في حال تشكلت حكومة وحدة وطنية.
وتشير التوقعات إلى دور كبير محتمل للقائمة العربية في إحباط جهود نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة، رغم أنها على الأرجح لن تدخل في أي ائتلاف لكنها ستوصي بتكليف بيني جانتس بتشكيل الحكومة نكاية خصمها اللدود نتنياهو، الذي تتهمه بالتحريض العنصري ضد العرب وتأجيج الصراع.
هنا يرى الدكتور جهاد حرازين، القيادي بحركة فتح، والمختص في الشؤون الإسرائيلية، أن «الدرس المستفاد مما حققته الكتلة العربية في الكنيست بمساهمتها في إبعاد الطرف الأكثر تطرفًا من رئاسة حكومة الأراضي المحتلة، وأن يعمل المرشحون العرب بالكنيست على كسب ثقة الفلسطينيين، ودورهم في مناهضة الإجراءات اليمينة التحريضية، والتأثير على الشكل المستقبلي لحكومة الأراضي المحتلة»، مضيفًا أنه «كان بالإمكان حصد 15 مقعدًا لو جاوزت نسبة التصويت 75%».
أما الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، فأوصى بـ«عدم خروج القائمة العربية من اللعبة والتفكير في الدخول في حكومة بقيادة بيني جانتس؛ لأن خروجهم من اللعبة السياسية سيضعف موقفهم على المدى البعيد»- على حد تعبيره- الأمر الذي رفضته الدكتورة نعيمة أبومصطفى، الباحثة المتخصصة بالشئون الإسرائيلية على اعتباره تطبيع يضر بالقضية الفلسطينية، قائلة: «الحكومة الإسرائيلية ستظل يمينية، سواء شارك الكتلة العربية بالكنيست في التشكيل الحكومي أو لم تشارك، وأن جانتس ليس أفضل من نظيره نتنياهو».
*ينشر هذا التقرير ضمن برنامج تدريب المصري اليوم