تدفق آلاف المواطنين على ميدان التحرير في الساعات الأولى لصباح الجمعة، لينضموا إلى آلاف آخرين قرروا الاعتصام بداية من مساء الخميس في قلب ميدان التحرير استعداداً لفعاليات «جمعة الثورة أولا»، التى دعا لها نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وائتلاف شباب الثورة وحركات 6 أبريل وشباب العدالة والحرية، وانضم إليهم عدد كبير من الأحزاب، والقوى السياسية.
وتشكلت مجموعات عمل منذ مساء الخميس لتجهيز المكان ونصبت منصتان على الأقل حتى الساعات الأولى لصباح الجمعة، فيما قضى النشطاء والمعتصمون وعدد من أهالي الشهداء المعتصمين في الميدان منذ اشتباكات 28 يونيو، ليلتهم على أنغام أغاني الشيخ إمام عيسى، وسط حالة من الحماس والتفاؤل بتوحد القوى الوطنية ربما للمرة الأولى بعد إزاحة أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق عن منصبه.
وطالب المتظاهرون الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء, بالعودة إلى «ميدان التحرير حيث استمد شرعيته»، كما طالبوا بإقالة وزير الداخلية اللواء منصور عيسوي، وإعادة هيكلة الوزراة، و«تطهيرها من قتلة الشهداء، واتباع العادلي الذين لايزالون يمارسون دورا في قمع الثورة والانتقام من الثوار»، منددين بإخلاء سبيل «قتلة الشهداء في السويس»، وأحكام البراءة الصادرة بحق عدد من رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وشدد المتظاهرون على عدم قبول «أي مساومة مالية أو ضغوط للتنازل عن دماء شهداء الثورة تحت أية دعاوى»، وكان عدد من أهالي الشهداء قد كشفوا عن توسط قيادات التيار السلفي بالإسكندرية، منهم الشيخ ياسر برهامي، للتفاوض مع أهالي الشهداء لقبول مبالغ مالية مقابل تنازلهم عن الدعاوى المقامة ضد ضباط شرطة متهمين بقتل شهداء الثورة.
وقال عدد من النشطاء إن أحد أهم المطالب لهذه المظاهرة هو «ضم المخلوع إلى وزير داخليته في قضية قتل المتظاهرين، فليس معقولاً أن يكون مبارك هو رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس الأعلى للشرطة، وصاحب السلطات المطلقة في البلاد، ولا يتهم بقتل أكثر من 850 شهيداً»، منددين بتصريحات وزير الداخلية الذي قال إن من قتلوا برصاص الشرطة أمام الأقسام «بلطجية»، وهتفوا ضده عدة مرات مساء الخميس مطالبين بإقالته بعد وصفه لـ«أهالي الشهداء والمتضامنين معهم في اشتباكات 28 يونيو بأنهم مثيري شغب»، ورفض المتظاهرون «الإعلام المضلل الذي سعى بكل قوة لتشويه ما حدث في 28 يونيو أمام مسرح البالون وفي ميدان التحرير».
وكان رئيس صندوق رعاية ضحايا الثورة، قد أعلن القواعد المنظمة لصرف التعويضات لأهالي الشهداء والمصابين، مؤكدا أن «كل من قتل أو جرح أو أصيب في الأحداث التي امتدت من 25 يناير وحتى 24 مارس الماضي هو من ضحايا الثورة، حتى وإن توفي الشخص جراء الجرح أو الإصابة بعد ذلك»، مؤكدا أن تلك القواعد سوف تطبق على جميع الشهداء والمصابين «دون تفرقة أو تمييز».
وشكل المتظاهرون لجانا شعبية لتسيير حركة المرور في محيط الميدان، كما بدأت اللجان عملها في تأمين مداخل ومخارج التحرير، لحماية المتظاهرين.
وطالب نشطاء الأحزاب الذين تجمعوا في الميدان بـ«إطلاق يد الدكتور عصام شرف» لتطهير البلاد، مشددين على ضرورة «انتزاع صلاحياته، باعتباره الأقرب إلى التمثيل الشعبي»، وطالبوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بوقف إحالة المدنيين إلى محاكمات عسكرية، وعدم «التباطؤ في محاكمة قتلة الشهداء، ومن سرقوا الشعب تحت أي دعاوى أو مسميات»، منتقدين «التعامل العنيف مع المتظاهرين، وتصريحات التخوين ومحاولات إثارة فزع المواطنين»، وهي المحاولات التي وصفوها بأنها «تحاول إفراغ الثورة من مضمونها وإعادة عقارب الزمن إلى ما قبل 25 يناير».