يعانى الكثير من الأطفال حول العالم من العديد من الأمراض والاضطرابات النفسية، التى تتطلب رعاية كبيرة من جانب الأسرة طيلة الوقت، مما يصعب عليهم ممارسة حياتهم، وتسمى تلك الأمراض «المتلازمات»، والمتلازمة هى مجموعة من العلامات والأعراض الطبية التى ترتبط ببعضها البعض.
وكلمة متلازمة (syndrome) مشتقة فى الأصل من كلمة يونانية (syndromes) ومعناها التزامن حيث المرض يظهر بشكل متزامن مع بداية ظهور الأعراض، وترتبط المتلازمة بأشكال تطور المرض، ويتم استخدام كلمات كـ«المتلازمة والمرض والاضطراب» لوصف الحالة، وينطبق ذلك على المتلازمات الموروثة كمتلازمة داون وأندرسن، لذا فإن المتلازمات هى أكثر من مجرد علامات وأعراض، وفى بعض الأحيان تكون المتلازمات غير مرتبطة بمرض واحد، كمتلازمة الصدمة السامة أو متلازمة بريموتر.. ونستعرض أنواع المتلازمات وكيفية علاجها والوقاية منها:
متلازمة داون أو المغولية
يقول الدكتور محمد عبدالهادى، إخصائى مخ وأعصاب الأطفال، إن متلازمة داون هى مجموعة من الصفات الجسدية الناتجة عن مشكلة فى الجينات تحدث فى مرحلة مبكرة ما قبل الولادة، وإن الأطفال الذين يعانون من تلك المتلازمة يكونون ذوى ملامح مميزة فى الوجه وذوى شكل جانبى مسطح ورقبة قصيرة، بجانب أن أغلبهم يعانى من التأخر العقلى بدرجة معينة، بالإضافة إلى أن حدة علامات المرض تتفاوت من مريض لآخر، وتتراوح بشكل عام ما بين الخفيفة والمتوسطة.
ويؤكد الدكتور عبدالهادى أن نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بمتلازمة داون يولدون وهم يعانون من مضاعفات ومشاكل طبية كمشاكل القلب والأمعاء ومشاكل بالأذن والتنفس.
أما فيما يخص التحصيل العلمى والمدرسى، فيقول «عبدالهادى» إن الأطفال العاديين يبدأون تعليمهم المدرسى فى سن السادسة تقريباً، لكن أطفال متلازمة داون يحتاجون إلى التعليم والتدريب فى سن مبكرة جدًا، لأن تطور الحركة والفكر لديهم يواجه معوقات تجعله بطيئا، بالإضافة إلى أن الأطفال المصابين بالمتلازمة يحتاجون إلى تعليم خاص وبرامج تربوية متخصصة على الصعيد العقلى والحسى والانفعالى والحركى واللغوى، لمساعدتهم على تنمية قدراتهم إلى أقصى حد ممكن، لتحقيق ذاتهم وإعانتهم على التكيف مع المجتمع وليصبحوا أعضاء فاعلين فيه.
متلازمة داندى ووكر
هى تشوُّه خلقى نادر يتضمن المخيخ والبطين الرابع، ويتميز بالضمور النسيجى ونقص فى تخلق منطقة المخيخ والتوسع الكيسى للبطين الرابع وتضخم النقرة الخلفية بالدماغ، وتعد هذه المشاكل أعراضًا رئيسية للمتلازمة، وتترافق بعدة مشاكل أخرى كتراكم السوائل بالدماغ.
وتظهر علامات المتلازمة بوضوح عند الولادة أو خلال العام الأول للطفل، ويمكن أن تتـأخر الأعراض لدى من 10 إلى 20% من الأفراد حتى مرحلة الطفولة المتأخرة والبلوغ المبكر، وتختلف الأعراض من شخص لآخر، وتكون مشاكل النمو فى مرحلة الطفولة وزيادة قطر الرأس نتيجة استسقاء الدماغ من الأعراض الأولى، وغالبا ما يعانى الأطفال المصابون بالمتلازمة من أعراض أخرى كتأخر المهارات الحركية وتضخم تدريجى بالجمجمة وتورم قاعدتها وزيادة الضغط داخل الجمجمة، بجانب الانفعال السريع وسوء المزاج وازدواجية الرؤية والتقيؤ وحركات مرتعشة وغير متناسقة وتصلب عضلى وتشنجات ونوبات.
وتحدث متلازمة داندى فى مراحل مبكرة من الحمل نتيجة أسباب وراثية شديدة التعقيد أو عوامل بيئية كالتعرض للمواد المسببة للتشوهات الخلقية.. ويعد أفراد العائلة المقربون أكثر عرضة للإصابة بالمتلازمة بشكل متزايد، لأن معدل تكرار الحالة يصل إلى 5% فقط، كما تؤكد الدراسات أن صحة الأم تسهم بشكل كبير فى تطوير المتلازمة، حيث إن النساء المصابات بمرض السكر يكُنّ أكثر عرضة لإنجاب طفل مصاب بذلك المرض.
ويعتمد علاج متلازمة داندى ووكر على الأعراض الظاهرة، إذ قد تكون هناك حاجة لإجراء جراحى يدعى «التحويلة»، لتصريف السوائل المتراكمة داخل الدماغ، مما يقلل من الضغط داخل الجمجمة ويساهم فى السيطرة على التورم، وفى مثل هذه الحالات يُنصَح الآباء بالاستشارة الطبية الوراثية قبل إنجاب المزيد من الأطفال.
متلازمة ريت
هى اضطراب وراثى عصبى وتكوينى نادر، يؤثر على تطور الدماغ، مما يؤدى إلى فقدان المهارات الحركية والكلام، ويؤثر على الفتيات فى المقام الأول، وتشكل خطرًا كبيرًا على الأولاد حيث إن معظمهم يموت قبل الولادة أو فى سن الرضاعة، ويعانى الأطفال المصابون من مشاكل متزايدة مثل بطء نمو الدماغ بعد الولادة وفقدان الحركة الطبيعية وتناسقها وفقدان قدرات التواصل وحركة اليد غير الطبيعية وحركة العين غير الطبيعية، ومشاكل التنفس والتهيج والبكاء كالصراخ فجأة أو الخوف والقلق، وسلوكيات غير طبيعية كتعبيرات وجه مفاجئة ونوبات طويلة من الضحك ولعق اليد والإمساك بالشعر أو الملابس، والإعاقة المعرفية والنوبات المرضية والانحناء غير الطبيعى للعمود الفقرى وضربات القلب غير المنتظمة المؤدية إلى الوفاة المفاجئة، واضطرابات النوم كعدم انتظام أوقات النوم وهشاشة العظام والأقدام والأيدى الصغيرة الباردة، ومشكلات المضغ والبلع، ومشكلات وظائف الأمعاء وصرير الأسنان.
وعلى الرغم من وجود علاج لتلك المتلازمة لكن تتجه العلاجات نحو الأعراض وتوفير الدعم للمرضى الذين تطول فترة حياتهم، وتشتمل العلاجات على الرعاية الطبية المنتظمة من فريق متعدد التخصصات لرصد التغيرات الجسدية والأدوية المساعدة فى السيطرة على بعض العلامات والأعراض كالنوبات وتيبس العضلات، ومشاكل التنفس والعلاج الطبيعى المساعد فى الحفاظ على الحركة، وإنشاء وضعية مناسبة للجلوس، وتحسين مهارات المشى والتوازن والمرونة، والعلاج الوظيفى المحسن للاستخدام الهادف لليدين، وعلاج أمراض النطق واللغة والدعم الغذائى، وتحسين القدرات العقلية والاجتماعية والتدخل السلوكى من خلال ممارسة عادات نوم جيدة، وخدمات الدعم كخدمات التدريب الأكاديمى والاجتماعى والمهنى.
متلازمة الدماغ الحاد أو متلازمات الدماغ العضوية
هى عبارة عن اضطرابات جسدية تسبب اختلالًا فى الوظيفة العقلية وليست اضطرابات نفسية، وينتج عن هذه الاضطرابات عاهات عقلية بسبب التسمم وجرعة زائدة من المخدرات والعدوى والألم، وعادة ما تأتى تلك الحالة فجأة وتتطور خلال ساعات أو أيام، ويمكن أن تصبح مزمنة على المدى الطويل بسبب إدمان المخدرات.. ومن الأسباب الشائعة الأخرى لتلك المتلازمة أنواع الخوف المختلفة التى تحدث نتيجة تلف دائم بالدماغ بسبب السكتات الدماغية، ومرض الألزهايمر وغيره من الأمراض.
ومن أهم أعراضها إدمان الكحول ومرض الألزهايمر واضطراب نقص الانتباه والتوحد وارتجاج المخ والتهاب الدماغ والصرع ومتلازمة الكحول الجنينية، ونقص الأكسجين ومرض باركنسون، ومتلازمة كورساكوف والتهاب السحايا والسكتة الدماغية والانسحاب من المخدرات والاكتئاب السريرى، والعصاب والذهان والأدوية المختلفة كالمسكنات، ووجود اضطراب فى توازن الإلكتروليت فى الجسم، أو عدم ثبات قيمة الآس الهيدروجينى فى الجسم، ومرض مفاجئ أو حاد أو مزمن، والكِبر فى السن والضغط العاطفى، كلها أسباب تؤدى إلى نقص كمية الأكسجين وبعض المواد الأخرى التى تصل للمخ وينتج عنها حدوث تلف بالدماغ.
ويوجد بعض الأعراض الخاصة بالمتلازمة والمشابهة للأمراض النفسية، وبالتالى يصعب تشخيصها وتتمثل تلك الأعراض فى ارتباك وضعف بالذاكرة والحكم والوظيفة الفكرية والحركات التى بدأت بالتغييرات التى تحدث فى جهازك العصبى، وعدم القدرة على التفكير والنعاس والتغير فى مواعيد النوم ووجود صعوبة فى التركيز، بجانب تغيرات بمستوى الوعى والتحدث بطريقة لا معنى لها والتغييرات فى حالة الانتباه التى تنطوى على مزيد من التنبيه فى الصباح وأقل تنبيهًا فى الليل، وعدم القدرة على إيقاف أنماط الكلام أو السلوكيات، والشعور بغضب وتهيج وقلق ولا مبالاة ونشوة.
مُتلازمة فيرنيكيه كورساكوف
هى اعتلال دماغى نتيجة نقص الثيامين (فيتامين B1)، وتؤدى إلى اضطراب ونقص فى النشاط العقلى ونقص فى التناسق العضلى والاضطرابات البصرية والعجز فى حفظ الذكريات وأعراض سحب الكحول واختلاق القصص وهلاوس سمعية وبصرية.. كلها من أعراض المرض.
ويتطلب العلاج من ذلك المرض العناية والمراقبة الجيدة للمريض فى حالة حدوث غيبوبة أو الميل إلى النوم أو فقد الوعى والحصول على الثيامين والتوقف عن شرب الكحول.
متلازمة هنتر
هى اضطراب وراثى نادر جداً ناتج عن فقدان أو اختلال إنزيم، ونتيجة لعدم وجود ما يكفى من هذا الإنزيم داخل الجسم لتكسير بعض الجزيئات المعقدة تتراكم الجزيئات بكميات ضارة، وتُعتبر متلازمة هنتر واحدة من اضطرابات التمثيل الغذائى الوراثية التى تُعرف باسم «داء عديدات السكاريد المخاطية»، وتختلف أعراض تلك المتلازمة وتتراوح بين الشديدة والمنخفضة ولا تكون واضحة عند الولادة وتبدأ فى الغالب بين عمر عامين أوأربعة، وتتمثل فى ضخامة الرأس وسمك الشفاة وأنف واسع ومنخرين متسعين ولسان بارز وصوت عميق وأجش وحجم وشكل العظم غير طبيعى.. وغيرها من اختلافات الهيكل العظمى.
وتؤدى المتلازمة إلى ظهور بطن منتفخ نتيجة لتضخم الأعضاء الداخلية وإسهال ونتوءات جلدية بيضاء تُشبه الحصى وتصلب المفاصل والسلوك العدوانى وتأخر تطور النمو، مثل تأخر الكلام أو المشى، وينتج عن المرض الكثير من المضاعفات منها مضاعفات الجهاز التنفسى المؤدية إلى أمراض الأذن والتهاب الجيوب الأنفية المزمن والتهاب الجهاز التنفسى والالتهاب الرئوى وانقطاع التنفس النومى والمضاعفات القلبية ومضاعفات الهيكل العظمى والأنسجة الضامنة كالإصابة بالفتق الإربى والفتق السرى ومضاعفات المخ والجهاز العصبى وزيادة فترة الشفاء من الأمراض الأخرى.
متلازمة براون سيكوارد
هى اضطراب نخاعى نادر، وينتج عن إصابة أحد جانبى النخاع الشوكى ممّا يؤدى لتلف الخلايا فى هذه المنطقة دون أن ينقطع النخاع تماماً، وعادةً ما يكون سبب حدوث هذه المتلازمة وجود إصابة فى العمود الفقرى فى منطقة الرقبة أو الظهر.
ويعد الطعن بالسكين أو الطلق النارى والأمراض الالتهابية التى تصيب الحبل الشوكى والأورام وأمراض الحبل الشوكى والحلات الشديدة والمتقدمة من تشوهات العمود الفقرى الخلفية واستخدام المخدرات عن طريق حقن الوريد والمعالجة الشعاعية للأورام أحد الأسباب المؤدية للمرض، ويعد شلل العضلات وغياب الإحساس وغياب الحس العميق والشعور بالألم والحرارة والبرودة فى النصف المقابل للجسم والشلل من أعراض حدوث المرض.
ولا يوجد علاج للمرض ويتعين توعية المريض وتقديم الدعم النفسى للمريض واستخدام أجهزة الدعم المساعدة كالعكاز والكرسى المتحرك وإجراء العلاج الفيزيائى لمساعدة المريض على الحركة وإعادة تأهيل العضلات.