x

«واحد صحيح» نسخة مصرية من الفيلم الأمريكى «9»

الثلاثاء 10-01-2012 16:47 | كتب: رامي عبد الرازق |
تصوير : other

أزمة فيلم «واحد صحيح» أزمة فنية مركبة فمن الواضح تأثره لدرجة الاقتباس من فيلم المخرج روب مارشال «9» الذى يحكى قصة المخرج السينمائى الذى يعانى من تفتته النفسى والوجدانى بين 9 نساء فى حياته حيث لا يشعر أنه مكتمل أو «صحيح» إلا بوجود كل النساء حوله. إذن نحن أمام فكرة ليست ممصرة دون القالب الموسيقى بالطبع للفيلم الأصلى المأخوذ عن مسرحية من مسرحيات برودواى.

يأتى الفيلم فى إطار سينما التركيبة ولكنها تركيبة أنيقة تستدعى بعض العناصر من هنا وهناك لكنها فى النهاية تبقى بلا روح مميزة، فمصمم الديكور الشاب الوسيم الناجح عبد الله يونس- هانى سلامة- صاحب التجارب النسائية العديدة يذكرنا بنفس الشخصية التى قدمها هانى فى فيلم طارق العريان «السلم والثعبان» منذ 10 سنوات فى دور مخرج الإعلانات، حتى إن المستوى المادى والاجتماعى الذى يتحرك فيه هو تقريبا نفس المستوى الذى يمثل شريحة ضئيلة وهامشية جدا فى المجتمع التى تعيش فى بيئة السيارات الفخمة والملابس الأنيقة وجميلات الفراش والرحلات والبيرة التى تشرب بدلا من المياه والخمر التى توجد فى كل منزل تماما كأننا فى حلقة من «الجرىء والجميلات».

ثانى عناصر التركيبة نلمحه فى شخصية رانيا يوسف الدكتورة الشهوانية وزوجها زكى فطين عبد الوهاب الشاذ جنسيا ويذكرنا الثنائى بالذى قدماه فى مسلسل «أهل كايرو»- مع اختلاف الشخصيات-وإن كانت شخصية رانيا يوسف كشفت عن جانب مشابه عندما قدم السيناريو البعد الاجتماعى لشخصيتها المتمثل فى أمها وأختها القادمتين من بيئة «واطية» تماما مثل بيئة الممثلة الشهيرة فى المسلسل الرمضانى.

يبدو تامر متأثرا بسيناريو فيلم «9» من خلال إصراره على تقديم أنماط شخصية قريبة من أنماط الفيلم الأصلى، فلدينا الأم- زيزى البدراوى- التى تدرك تماما حاجات ابنها وتفتته ونزواته الغريبة الشيطانية ولكنها تتقبله على أمل أن ينصلح حاله يوما، مثلما قدمت صوفيا لورين الدور، ولدينا المذيعة الرقيقة مريم «ياسمين رئيس» وهى وجه جديد يستحق الكثير من الانتباه والرعاية خاصة أنها تملك وجها ذا قسمات مميزة وعينين معبرتين، وتذكرنا بالفيلم بالمذيعة التى ذهبت لتصنع حوارا مع المخرج السينمائى فى «9» ولكن كان الدور لـ«كيت هدسون».

حاول تامر أن يستخدم أسلوب الحوار الداخلى من خلال عملية كسر للزمن متمثلة فى مشاهد منفصلة للشخصيات كل منها فى عالمها الخاص تفكر وتبوح بمكنون أفكارها وهو أسلوب جيد لكن مشكلته أنه زاد كثيرا من كمية الحوار بالفيلم. مشكلة الأفلام الحوارية أنه مهما بلغت حرفية الكاتب فإنها تظل تليفزيونية الإيقاع أى لا تنتمى لعالم الصورة المعبر الذى تنمو علاقاته عبر النظرات والإيماءات وعلاقات اللقطات فى تتابعها ببعضها، باختصار تطغى المعلوماتية المنقولة بالحوار على الوجدانية المفترض استخلاصها من الصورة، ويكفى أن السيناريو لم يترك لنا كمتلقين فرصة التعرف من خلال الصمت على طبيعة علاقة فريدة بزوجها الشاذ ومعرفته بكونها تخونه مع آخرين. حيث أصر بحواره المباشر على أن يكون مشهد المواجهة بينهما ميلودراميا ثقيلا رغم أن تلك العلاقة الغريبة التى تحمل تواطؤاً متبادلا كان من الممكن أن تصنع حالة بصرية ونفسية عميقة.

الغريب أن يختار كاتب الفيلم شريحة الطبقة البرجوازية الضيقة التى لا تمثل الأغلبية الشبابية والجماهيرية لكى يقدم من خلالها فيلما عن الحب والعلاقات والاكتمال الوجدانى التى نبحث عنها جميعا فتلك المشاعر يمكن أن تمس شريحة أعرض بكثير من الجمهور لو أن الكاتب هبط قليلا بالطبقة الاجتماعية التى يتحدث عنها والتى تدور من خلالها العلاقات. فمن الصعب أن تبيع الحلم «الأمريكى» بالسيارات الفارهة والنساء الجميلات والنجاح المادى والشقق الفخمة والفيلات فى إطار عاطفى تريد أن تتحدث فيه عن الحيرة والفقدان والعلاقات المستحيلة، و«الله محبة» لأن الشكل البراق يطغى فى النهاية على المضمون الشعورى خاصة لدى جمهور يعانى من حالة كبت عاطفى وعنوسة وتأخر سن زواج وعلاقات فاشلة بسبب المادة.

لم يقدم هادى الباجورى أى رؤية مميزة خلال الفيلم ولم يتخلص من تأثير الفيديو كليب على أسلوبه باستثناء بعض المشاهد الجمالية لتكوينات طبيعية قامت بتهوية الفيلم بصريا خاصة أنه من أفلام الغرف المغلقة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية