استكملت محكمة جنايات القاهرة، الثلاثاء، ولليوم الثاني على التوالي سماع مرافعة المحامين المدعين بالحق المدنى فى القضية المعروفة إعلاميًا بمحاكمة القرن، والمتهم فيها الرئيس المخلوع حسني مبارك، ونجلاه جمال وعلاء، ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من قيادات وزارة الداخلية، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، بالتحريض على قتل المتظاهرين والفساد المالى وتصدير الغاز لإسرائيل.
ووصل «مبارك» إلى قاعة المحكمة بالطائرة الطبية، التي أقلته من محبسه في المركز الطبي العالمي في التاسعة والنصف صباحًا، فيما وصل باقي المتهمين إلى المحكمة قبله بنصف ساعة.
وعلى غير العادة، وصل العادلي إلى المحكمة مستقلاً سيارة ترحيلات بمفرده، بعد أن كان يصل مع قيادات الداخلية الأربعة المحبوسين الآخرين. ما فسره مصدر أمني بأنه «على سبيل التأمين». بينما نقل علاء وجمال في سيارة ثالثة.
وجلس كل من «جمال وعلاء» قرابة نصف ساعة مع والدهما عقب وصوله. وقال مصدر طبي: «إن مبارك طوال هذه المدة لم ينطق حرفًا، مضيفًا أن الرئيس المتهم يمر بحالة نفسية سيئة. وهو ما جعل جمال وعلاء يجلسان إلى جواره فى القفص، ويتحدثا معه حتى وقت مرافعة المدعين بالحق المدني، وذلك لإلهائه عن أحاديث المحامين، التي قد تزيد من حالته النفسية السيئة».
وكعادة كل الجلسات، تحرك جميع المتهمين خارج القاعة دون كلابشات، كما حرص كل الضباط وأفراد الأمن على عدم التحدث مع المتهمين أو الإشارة إليهم. كما علمت «المصرى اليوم» أنه تم تعين أفراد أمن لتعقب كاميرات التليفزيون التى تتابع الجلسة من الخارج.
أما داخل القاعة، فقد بدأت الجلسة رقم 17 من محاكمة الرئيس السابق وأعوانه قبل ثوانٍ من صعود هيئة المحكمة إلى المنصة، حيث شهدت القاعة مشادات بين المحامين المدعين بالحق المدنى، بسبب الأسبقية فى الترافع، والإمساك بالميكروفون المخصص لذلك.
وطلب المستشار أحمد فهمى رفعت، رئيس المحكمة، بعد صعوده وباقى هيئة المحكمة إلى المنصة، من سامح عاشور، نقيب المحامين، وأحد المترافعين عن المدعين بالحق المدني، التنسيق بين المحامين بشأن المرافعة. واقترح «عاشور» أن يترافع 30 محاميًا، لكن المحكمة اعترضت وحددت 10 محامين فقط، وغاب عن الجلسة اثنان من ممثلى النيابة على غير المعتاد، وحضر المستشاران، مصطفى خاطر ووائل حسين، المحاميان العامان لنيابة استئناف القاهرة.
وبدأ المحامي سيد فتحي مرافعته بالاعتذارعن طلب رد المحكمة وتعطيل الدعوى لمدة 100 يوم، وشكر النيابة العامة على «المجهود الجبار» الذى بذلته لجمع الأدلة والوقائع فى الدعوى، فى الوقت الذى لم تعاونها فيه باقى الأجهزة السيادية، وطالب المحكمة بأن تصدر حكمًا باسم شهداء ثورة 25 يناير.
وأوضح «فتحي» في مرافعته بندى الامتناع والخطة، وقال: «إن الأجهزة السيادية فى الدولة امتنعت عن الاستجابة إلى مطالب المتظاهرين المشروعة، ووضعت خطة محكمة لقتل الثوار، واستشهد بأقوال اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات العامة السابق، الذى أكد أن مبارك كان يعلم بوجود قتلى ومصابين فى أحداث الثورة».
كما قال المحامي سعيد مصطفى، المدعي بالحق المدنى، إن أركان الجريمة الخاصة بالاشتراك فى قتل المتظاهرين مكتملة، حيث أشار إلى أن الجريمة مؤكدة من خلال سماع شهادة عدد من ضباط الشرطة الذين أكدوا تسليح أفراد الأمن بالأسلحة الآلية، وذلك فضلا عن أقوال المصابين وشهود عيان، قالوا إنهم شاهدوا أفراد شرطة بملابس مدنية وملكية يطلقون النار على المتظاهرين.
وعزز مرافعته بأقوال الأطباء وتقارير الصفة التشريحية، التى أكدت أن الرصاص الذى تم استخراجه من جثث الشهداء والمصابين خرج من سلاح آلى وخرطوش خاص بأفراد الشرطة.
واتهم المحامون خلال مرافعتهم وزارة الداخلية بإتلاف أدلة الإدانة لتبرئة المتهمين، وقالوا: «إن ذلك يعد جريمة ولابد من التحقيق فها».
كما أكدوا أن رد المحكمة وتعطيلها لأكثر من 100 يوم «مؤامرة من أنصار المتهمين ومحاميهم لتعطيل القضية لأسباب يعلمونها».
وساد الصمت على قاعة المحكمة عندما أجهش مدحت المرسى، المدعى بالحق المدنى ووالد أحد المصابين، بالبكاء أمام المحكمة أثناء مرافعته، عندما تطرق إلى نجله محمد، طالب فى الثانوية الأزهرية، والذي تظاهر سلمياً فى أحد ميادين الإسكندرية، وفوجئ بأشخاص يرتدون زيًا مدنيًا، أطلقوا أعيرة خرطوش عليه، وتسببوا فى فقد عينه اليسرى.
وقال موجها كلامه إلى «مبارك» وبقية المتهمين القابعين في القفص «منكم لله».
وأضاف المحامى لـ«المصرى اليوم» عقب المرافعة: «عاوز أسالهم فقط. ماذا كانوا سيفعلون لو أن ابنًا من أبنائهم أصيب أو قتل فى تلك الأحداث».