x

«أفيفيم» بين حزب الله وإسرائيل.. لماذا الآن؟ (تحليل)

الإثنين 02-09-2019 22:26 | كتب: محمد البحيري |
قوات حزب الله  - صورة أرشيفية قوات حزب الله - صورة أرشيفية تصوير : آخرون

أثارت عملية حزب الله ضد الموقع العسكرى الإسرائيلى «أفيفيم»، بصواريخ مضادة للدبابات من طراز «كورنيت 9 إم 133»، تساؤلات حول طبيعتها وأهدافها: هل هى عملية فردية عابرة؟ أم بداية لحرب استنزاف متبادل بين حزب الله وإسرائيل؟ ولماذا الآن؟ وما طبيعة الأهداف المرجوة من ورائها؟

تأتى عملية «أفيفيم» بعد تصعيد يبدو متعمدا من الجانبين، استغرق أسبوعا تقريبا، وسبقته تحذيرات من أطراف دولية عدة من التصعيد الذى قد يصل إلى حد المواجهة العسكرية، وهو ما حدث فى نهاية الأمر، ولو كان على نطاق محدود.

وجاء هذا التوتر بعد سلسلة من التصريحات الإيجابية التى تتناول اقتراب الدولة اللبنانية «الرسمية» من التوصل لاتفاق مع إسرائيل بشأن ترسيم الحدود البرية والبحرية بين الجانبين، وبوساطة أمريكية، على أمل استغلال حقولهما النفطية البحرية فى منطقتيهما الاقتصادية بالبحر المتوسط، خاصة فى ظل تقارير مشجعة عن مخزون واعد. الأمر الذى قد يدفع إلى الاعتقاد بأن حزب الله أراد من هذه العملية إفساد تلك المفاوضات على أمل المساومة فى الداخل اللبنانى والحصول على مزيد من المكتسبات السياسية فى إدارة الدولة اللبنانية، وكأنه يقول إن اتفاقا كهذا لا ينبغى أن يمر دون موافقته، وربما الحصول على نصيبه أيضا. وهنا ينبغى الانتباه إلى أن استغلال الحقول النفطية يعنى قفزة وتحسنًا فى اقتصاد الدولة اللبنانية، التى ستكتسب بالضرورة قوة سياسية فى أعقاب ذلك، والقاعدة السياسية تقول إن ضعف الدولة يصب فى قوة التنظيمات «غير الرسمية»، وقوة الدولة تؤدى إلى ضعف التنظيمات.

وتأتى هذه العملية أيضا فى ظل تزايد الضغوط على إيران من جانب المجتمع الدولى، خاصة الولايات المتحدة، التى تطالب بتعديل الاتفاق النووى الإيرانى، والذى تتحلل إيران من التزاماتها فيه بدعوى التزام المجتمع الدولى. وهنا يجوز للبعض أن يتحدث عن أن الهدف من العملية، التى نفذها حزب الله، وكيل إيران، هو تشتيت الانتباه وتخفيف الضغط الإعلامى والسياسى الذى تعانيه إيران، عبر صرف أنظار الرأى العالمى عنها إلى الساحة الإسرائيلية.

كما تأتى هذه العملية أيضا فى ذروة استعداد إسرائيل لانتخاباتها العامة، التى باتت مسألة حياة أو موت بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى يرى فى منامه صورته هو وزوجته مكبلين بالقيود، فى حالة خسارته الانتخابات، بسبب قضايا الفساد المتورط فيها هو وزوجته، والتى تشمل التربح وغسل الأموال والحصول على رشاوى، واستغلال النفوذ.

ولذلك يمكن تفهم حرص نتنياهو على أن يكون الرد الإسرائيلى على هجوم حزب اللبنانى محدودا، دون مبالغة، ودون استهداف أهداف تمهد لاتساع المواجهة، بل إنها سابقة أن يخرج المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى ليعلن بعد ساعات قليلة انتهاء المواجهة مع حزب الله، سعيا لإعادة الحياة إلى طبيعتها فى إسرائيل، بل إن إسرائيل تراجعت عن اعترافها بوقوع مصابين من جانبها فى العملية، وكأن ثمة رسالة أراد نتنياهو توجيهها إلى جموع الناخبين قبل التوجه إلى الصناديق للتصويت يوم 17 سبتمبر الجارى، وهى: «لا تنسوا تهديدات حزب الله، لكن لا تخافوا طالما كنت موجودا فى السلطة، لأننى قادر على السيطرة على مجريات الأمور».

الغريب فى الأمر أن الجيش الإسرائيلى حرص على إعلان أن «حزب الله فشل فى تحقيق أهدافه من تلك العملية»، وهو ما دفع بعض المعلقين الإسرائيليين إلى التساؤل: «هل تدفع إسرائيل بهذا الإعلان حزب الله إلى إعادة المحاولة بعمليات أخرى لعله يفلح فى تحقيق أهدافه؟!».

ويتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن ينفذ حزب الله عمليات إضافية ضد إسرائيل لثلاثة أسباب: الأول أن حسن نصرالله ليس بوسعه أن يعرض عملية أفيفيم كعملية ناجحة، فى الوقت الذى يحتاج فيه بشدة لعملية ناجحة كهذه، بعد أن تعرض لضربتين فى سوريا وبيروت.

السبب الثانى أن عمليات حماس والجهاد فى الضفة الغربية وقطاع غزة، والمستمرة طوال 18 شهرا، من عمليات طعن ودهس ضد الإسرائيليين، تضع حزب الله، ومن خلفه إيران، فى وضعية محرجة بشأن الحديث عن كونهما يمثلان «محور المقاومة» ضد إسرائيل، بينما لا يفعل الاثنان أى شىء ضدها.

السبب الثالث أن حزب الله وإيران يسعيان لتحقيق هدف سياسى من وراء عملياتهما العسكرية، وهو إسقاط بنيامين نتنياهو فى الانتخابات المقررة فى 17 سبتمبر الجارى.

خلاصة القول، يبدو الأمر وكأن ثمة مصلحة مشتركة بين حزب الله وإسرائيل فى التصعيد الآن، ولكل منهما أهدافه التى يصبو إليها من وراء ذلك.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية