كلف المستشار عبدالمجيد محمود, النائب العام، الثلاثاء، نيابة الأموال العامة بالطعن على الأحكام التي صدرت ببراءة المتهمين أنس الفقي، وزير الإعلام السابق، ويوسف بطرس غالي، وزير المالية السابق (هارب)، وأحمد المغربي، وزير الإسكان السابق، وعهدي فضلي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» السابق، ورجل الأعمال ياسين منصور(هارب)، ورجل الأعمال وحيد متولي (هارب)، من تهمة إهدار المال العام، في قضايا مختلفة.
وكانت محكمة جنايات القاهرة برأت الفقي وغالي من تهم استغلال النفوذ والإضرار العمدي بالمال العام بما بلغت قيمته 70 مليون جنيه، اشتركا فى إهدارها لدعم البرنامج الانتخابى للحزب الوطنى وأعضائه من رموز النظام السابق. كما قضت المحكمة برفض جميع الدعاوي المدنية المقامة ضدهما وألزمت رافعيها بالمصروفات.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد فتحى صادق وعضوية المستشارين مجدى البتيتى وجاد عبدالغفار بحضور محمد حسام، رئيس نيابة الأموال العامة.
وأعلنت المحكمة حكمها حضوريا علي الفقي الذي حضر الجلسة وأودع قفص المحكمة، وأثبتت المحكمة حضوره في محضر جلستها. وغيابيا للمتهم الثاني الذي هرب من البلاد قبل بدء التحقيقات في القضية وإحالته للمحاكمة.
وحضر عدد من أقارب أنس الفقي، الذين أبدوا سعادتهم بالحكم وانصرفوا من القاعة فور انتهاء المحكمة من إعلان أحكامها في القضية وقضايا أخري متهم فيها بعض رموز النظام السابق.
وكانت نيابة الأموال العامة أحالت المتهمين للمحاكمة في أوائل مارس الماضي بعدما أكدت في تحقيقاتها أن الوزيرين استغلا وظيفتيهما في إهدار أموال جهة عملهما التي هي مملوكة للدولة.
ونظرت المحكمة القضية على مدار 4 جلسات سابقة استمعت فيها لمرافعة النيابة والدفاع عن المتهم المحبوس. حيث قالت النيابة في مرافعتها إن الوزيرين السابقين سفكا كل القيم المتعلقة بشرف الوظيفة العامة، وألحقا بالمال العام أضراراً وإهداراً، على الرغم مما أنعم الله به عليهما بالعمل الشريف، فبدلاً من أن يخدما البلد الذى ائتمنهما على مصلحته العامة، سعيا للفتك بماله، الذى هو من حق أبنائه.
وأشار ممثل النيابة العامة إلى أنه ثبت من المخاطبات الرسمية بين الفقى وغالى، قيام الأول بطلب مبلغ ٣٦ مليون جنيه من الثانى لتعزيز موازنة وزارة الإعلام للقيام بأعمال دعاية انتخابية تتعلق بـ«الإنجازات التى تحققت منذ عام ١٩٨١، وحتى عام ٢٠١٠»، فى إشارة للفترة التى تولى خلالها الرئيس السابق حسنى مبارك حكم البلاد.
وذكر أيضًا أنه ثبت من الفحص الذى جرى بمعرفة النيابة واللجان الفنية المختصة، أن وزير الإعلام السابق أنس الفقى قام بصرف قرابة ١٠ ملايين جنيه على تجهيزات خاصة بمؤتمرات واجتماعات الحزب الوطنى والتغطية الإعلامية والدعائية للانتخابات البرلمانية.
وقال: إن شهادة الشهود - وفى مقدمتهم رئيس الإدارة المركزية باتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومدير عام الدواوين بوزارة المالية - قررت أنه تم تدعيم اتحاد الإذاعة والتليفزيون (من خلال مخاطبة وزير الإعلام لوزير المالية) بمبالغ قدرها ٨ ملايين جنيه، ثم ١٦ مليون جنيه على التوالى، وأن الفقى حدد أوجه صرف تلك المبالغ فى أعمال دعائية للحزب الحاكم والانتخابات البرلمانية.
وأشار إلى أن الشهود أكدوا أن تلك المبالغ استقطعت من الأموال الاحتياطية المخصصة للسلع الاستراتيجية (القمح - الزيوت - السكر - الأرز وغيرها) والحاجات الملحة ذات الضرورة القصوى، فى مخالفة صارخة لما هو مقرر قانوناً بشأن أوجه الصرف للمال العام وأولويات الإنفاق، فضلاً عن أن قانونى مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية يحظران بصورة مطلقة استخدام الأموال العامة ومنشآت الدولة العامة فى أعمال الدعاية الانتخابية لأى طرف من الأطراف وتحت أى بند من البنود.
فيما نفي الدفاع ارتكاب موكله التهم الموجهة إليه من النيابة, حيث إن هذه الأعمال صدرت بعد موافقة كتابية من مجلس الوزراء بتخصيص تلك الأموال, وأن الوزير الفقي لم يكن سوي رئيسا لجهاز الإعلام ومنفذا لقرارات مجلس الوزراء.
كما أصدرت المحكمة نفسها، حكمًا ببراءة أحمد المغربى, وزير الإسكان السابق وعهدى فضلى, رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» السابق ورجلى الأعمال الهاربين وحيد متولى وياسين منصور فى قضية التربح والإضرار العمدى بالمال العام داخل مؤسسة «أخبار اليوم»، واستقبل المتهمون الحكم بفرحة عارمة.
وأعلنت المحكمة حكمها فى مواجهة المغربى وفضلى اللذين حضرا الجلسة وأودعا قفص الاتهام بصحبة عدد من رموز النظام السابق والمتهمين فى قضايا أخرى محدد للحكم فيها ذات الجلسة.
ونطقت المحكمة بحكمها بعدما أثبتت حضور المتهمين المحبوسين وغيابيا للهاربين، بعد أن استمرت في نظرها نحو 4 أشهر استغرقتهم في سماع مرافعات النيابة والدفاع وكذا شهود الإثبات والنفي، والمدعين بالحق المدني.
وكان محمد النجار، رئيس نيابة الأموال العامة، قال فى مرافعته إن المتهمين استغلوا وظائفهم للثراء الفاحش، وأذكرهم بقوله تعالى: «وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء».
وأضاف: «هذه بشارتهم فى الآخرة، أما اليوم فهو حساب الدنيا.. لماذا خنتم أمانتكم التى حملناها لكم ولماذا جعلتمونا نتقاتل على كسرة الخبز، ولماذا أفقرتمونا ولماذا حرمتمونا من شربة مياه نظيفة، ولماذا أسكنتمونا القبور ونحن أحياء واحتفظتم لأنفسكم بالمنتجعات، أهذا من أموال آبائكم وأمهاتكم أم من أموالنا، ولماذا أثقلتم ظهورنا بالضرائب والرسوم لتعدوا الطرق والخدمات إلى منتجعاتكم، ولماذا أفقدتمونا الأمل فى المستقبل حتى أقدم البعض منا على الموت انتحارا أو غرقا أو حرقا ثم تظهرون فى وسائل الإعلام لتتحدثوا عن الإيمان والزهد والرضا».
ووصفت النيابة المتهمين بأنهم عصابة الشيطان وجنده وأعوانه الذين تولوا هذا الأمر بغير حق، وأدركوا ذلك فكانوا لغير الحق مطيعين وبالباطل متمسكين.
فيما قال محمد بيبرس, دفاع المغربى, فى مرافعته إن الجرائم المحال بها الوزير للمحاكمة «مخالفات مدنية» كان من الطبيعى إحالتها إلى القضاء المدنى وليس محكمة الجنايات فهى مجرد مخالفات فى قواعد وإجراءات التخصيص. وأضاف أن النيابة لم تتأكد من السعر الذى تمت به عملية البيع وما إذا كانت مخالفة من عدمه.