رحب خبراء اقتصاديون ببرنامج الدكتور محمد البرادعى للعبور بالاقتصاد المصرى من عثرته، مؤكدين أنها محاولة جيدة من «البرادعى» كمرشح محتمل للرئاسة، إلا أنهم أكدوا أن البرنامج تجاهل عدة قضايا تمثل مشاكل مزمنة للاقتصاد، وكانت أحد الأسباب الرئيسية لثورة 25 يناير وأبرزها مشكلة العشوائيات، حيث لم يطرح البرنامج رؤية لمعالجتها.
كما أكدوا أن البرنامج لم يتطرق لمشكلة الدين المحلى، الذى تجاوز حاجز التريليون جنيه، وأصبح تحديًا رئيسيًا أمام الرئيس القادم لمصر، مشيرين إلى أن الصندوق الاجتماعى للتنمية فشل فى تنمية قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذى يحتاج حسب رأيهم إلى بنك متخصص لتمويله.
أزمة الدين المحلي
وقالت د. بسنت فهمى، مستشارة بنك البركة مصر: «إن برنامج البرادعى تجاهل مشكلة مزمنة سيعانى منها الرئيس القادم لمصر، وهى تفاقم أزمة الدين المحلى، الذى تجاوز التريليون جنيه»، مشيرة إلى أن مشكلة العشوائيات فى تزايد مستمر، وتهدد بتفجير ثورات غضب جديدة مالم يتم التعامل معها وحلها.
وتابعت أن الوزارات المصرية مليئة بالسيارات الفارهة، والحد منها كفيل بحل مشكلة العشوائيات فى مصر، بحيث يمكن من خلال توفير نحو 4 مليارات جنيه، القضاء على العشوائيات تماما، من خلال دراسات عملية جاهزة للتطبيق.
وتابعت أن «البرادعى» تحدث عن حل مشكلة الزحام من خلال توفير 2500 أتوبيس جديد، مؤكدة أن الأفضل هو الاستعانة بخطوط القطارات، بحيث يمكن مد خط قطار لربط القاهرة بالمدن الجديدة، للتسهيل على العمال والقاطنين بهذه المدن.
وأشارت إلى أن تفعيل الصندوق الاجتماعى للتنمية ليس الأسلوب الأمثل لتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ويمكن عوضًا عن ذلك إنشاء بنك متخصص لتمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وهو القطاع الذى يشكل نحو 80% من الاقتصاد المصرى.
وحول إلغاء الديون على الفلاحين، قالت بسنت فهمى «إن هذا الإجراء ليس كافيًا لحل مشاكل الفلاحين، ولابد من التوسع فى إنشاء البنوك المتخصصة، فالبنك الخاص بقطاع الزراعة يركز فقط على تنمية هذا النشاط، وكذا البنك الخاص بقطاع العقارات يركز على توفير التمويل لهذا القطاع فقط».
دور القطاع الخاص
من جانبه، قال عادل العزبى، نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين إن «الاقتصاد المصرى بحاجة حاليا إلى تحالف بين منظمات الأعمال، للاتفاق على منهج عملى، وخطة زمنية قصيرة وطويلة الأجل لتوفير فرص العمل وحل مشكلة البطالة، من خلال مشاريع صغيرة يتم ربطها بالمشاريع الكبرى، بحيث تقوم بشراء منتجاتها من السلع الخام والوسيطة ولضمان نجاح واستمرارهذه المشاريع».
وقال «العزبى»: «إن القطاع الخاص هو الأقدر على توفير التدريب للشباب من الحكومة، ولابد من إسناد هذه المهمة إليه، ونوه بأنه يتفق مع الدكتور البرادعى فى مراجعة موارد مصر واستغلالها بالشكل الأمثل، حيث إن مصر على سبيل المثال لديها 3700 كيلو متر شواطئ بحرية، بخلاف نهر النيل، ورغم ذلك نقوم باستيراد الأسماك من الخارج».
وحول إنشاء صندوق لتمويل الصناعة، حسبما طرح الدكتور البرادعى فى برنامجه، رحب «العزبى» بهذا المقترح، إلا أنه أكد ضرورة تحديد الهدف من توفير التمويل، من خلال منهج وسياسة محددة فى التعامل مع قطاع الصناعة، لتشجيع الاستثمارات الصناعية وتوفير فرص العمل.
وحول إعادة تفعيل الصندوق الاجتماعى للتنمية، قال «العزبى» إن الصندوق أنفق نحو 13 مليار جنيه منذ إنشائه على قطاع المشاريع الصغيرة، لكنه لم يسهم فى تنمية هذا القطاع، مطالبا بضرورة إشراك القطاع الخاص فى إدارة الصندوق لتفعيل دوره والمساهمة فى تنمية هذا القطاع الحيوى بالنسبة للاقتصاد المصرى.
الضرائب و الأجور
وحول منح إعفاءات ضريبية للمشاريع الجديدة، قال «العزبى»، إن هذه الحوافز لابد من ربطها بعدة عوامل، أبرزها عدد العمالة المؤمن عليها ومكان إقامة المشروع، لتشجيع المستثمر على إقامة مشاريع فى المناطق، التى تحتاج إلى التنمية، كالصعيد وسيناء والأقاليم الأخرى.
وقال شريف سامي، خبير اقتصادي: «إن الحكومة تباطأت فى تنفيذ قانون الضريبة العقارية، رغم أنه كان سيساهم فى حل مشاكل ضريبة العوائد، التى لم تكن تطبق على العقارات الحديثة و المدن الساحلية»، داعيًا إلى سرعة المضي فى تطبيق الضريبة العقارية، كما جاء فى برنامج «البرادعي»، لكنه رفض إعفاء المسكن الخاص.
وأوضح «سامى» أنه من الأفضل وضع حد مناسب للإعفاء، يمكن أن يصل إلى مليون جنيه، وهو ما يضمن إعفاء نحو 95 % من المواطنين.
ورفض «سامي» تطبيق ضريبة على أرباح سوق المال، مشيرًا إلى أن حسابات تعاملات سوق المال معقدة و بها أطراف متعددة ولها أعباء إدارية، ولن تساهم في زيادة موارد الدولة.
وبالنسبة لتطبيق الحد الأقصى للأجور، دعا «سامى» إلى وضع حد مناسب لكل جهة، خاصة أن هناك فارقًا بين طبيعة النشاط والأعباء تبعا لكل جهة.
السياحة
وأكد سامي سليمان، رئيس جمعية مستثمرى طابا ونويبع، أن زيادة عدد السياح من المتطلبات الأساسية فى الفترة المقبلة، ولكن هذا يحتاج إلى وضع خطط مستقبلية من خلال التعاون مع اتحاد الغرف السياحية و المسؤلين عن قطاع السياحة، مشيرًا إلى ضرورة أن تكون الخطوة الأولى حل مشاكل القطاع، سواء مع البنوك أو الجهات الحكومية المختلفة.