انتقد عدد من المعارضين السوريين، المبادرة العربية، واعتبروها «دخلت غرفة الإنعاش»، وأكدوا أنها في حاجة إلى دعم ودفع دولي بغطاء مجلس الأمن والهيئات القضائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان، بسبب ما آلت إليه الأحداث على أرض سوريا من قتل وتعذيب وتهجير واستمرار العنف، ورفض تنفيذ بنود الجامعة العربية التي وقع عليها النظام وتبناها المجتمع الدولى.
وقال جبر الشوفي، عضو المجلس الوطني السوري، المتواجد بالقاهرة، إن مبادرة الجامعة العربية «تحللت» بعد أن ضرب النظام السوري ببنودها عرض الحائط، ولم يستجب للمطالبات الدولية التي نادت على مدار العشرة أشهر الماضية، بوقف البطش بالمتظاهرين السلميين، ووقف القتل والدمار الذي يتعرضون له.
وأضاف «الشوفي» في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»: «كانت أمام النظام السوري فرصة وحيدة لم ينجح في استغلالها وها هي قد ولت من أمامه فكان في إمكانه أن يلحق نفسه في بداية الأمر منذ أن بادرت الجامعة العربية بمبادرتها لإنقاذ الوضع وإنقاذ الشعب من المجازر التي تقام في حقه».
وذكر عضو المجلس الوطني السوري، أنه التقى، الخميس، الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، وقال «عرضنا عليه حلين لسرعة وقف نزيف الدم السائل على الأراضي السورية، الأول تمثل في رفع الملف إلى مجلس الأمن للتصرف فيه فى الاجتماع المنعقد، الأربعاء المقبل، بشأن الأوضاع الجارية، ورد علينا (لعربي)، قائلا: لا تستعجلوا الأحداث فالعواقب وخيمة»، وتابع، «فقلنا له لن تكون أسوأ مما هي عليه الآن».
أما الحل الثاني فيتمثل في إرسال مراقبين فنيين يتم إرسالهم بشكل سريع للأراضي السورية، والعمل على المبادرة باعتبارها حزمة متكاملة من القرارات وليس أن يتم التعامل مع كل قرار على حدة.
أما المعارض السوري مؤمن كويفاتية، منسق الثورة السورية بالقاهرة، فوصف استمرار الجامعة العربية فى مبادرتها بأنها «مسخرة»، وأضاف «في ظل استمرار القمع والطغيان والقتل والتشريد الذي يتعرض له آلاف السوريين كل صباح، تصر الجامعة العربية على ضرورة إرسال مراقبين يتم إرسالهم إلى مناطق بعيدة عن الأحداث، إما لتخويفهم وإما لأنهم ليس لديهم علم بأماكن القذف والضرب التى يموت فيها السوريون، أثناء مظاهراتهم واعتصاماتهم المستمرة في قلب شوارع حمص وحلب وإدلب وغيرها من المحافظات».
وقال «كويفاتية»: تحميل الأمين العام للجامعة العربية رسالة لبشار الأسد عبر خالد مشعل دليل على فشل وموت المبادرة العربية وعدم قدرة الجامعة على التوسط لحل لإنقاذ الشعب من الدمار والخراب والقتل الذى يتعرض له.
وتساءل: «هل سيادته لا يستطيع حتى إرسال الرسالة من فوق منبره، ويُعلن خلالها للعالم أن النظام قاتل مُضلل، ويطلب على الفور نقل الملف الى مجلس الأمن لإجراء تدابير أكثر صرامة وجدّية، لإيقاف حمامات الدم، بدلاً من الظهور بمظهر المتواطئ أوالعاجز الضعيف»، على حد وصفه.
وقال منسق الثورة السورية بالقاهرة، إذا كان المراقبون العرب غير قادرين وغير مؤهلين لهذه المهمة، لماذا فتحنا لهم الباب أمام الشعب السوري حتى يتدربوا فيه وكأنه «معمل لفئران التجارب» على حرب الإبادة التى يقوم بها بشار الأسد ونظامه.
أما المعارض السوري، رياض غنام، منسق حركة الكرامة السورية بالقاهرة، فقد حمل الجامعة العربية، المسؤولية الكاملة عن كل الأحداث التي وقعت منذ أن وقعت سوريا على المبادرة العربية، قائلا: «على الأمين العام للجامعة العربية أن يتحمل هو ووزراء الخارجية مسؤولية الدماء التي تراق في ظل وجود مراقبيهم على أرض سوريا، فهم الآن أصبحوا مسؤولين أمام الله والعالم على هذه الدماء»، وأضاف، «نحن مستمرون وصامدون رغم كل الوقت والمهل التى تمنحها الجامعة العربية لبشار الأسد كي يقتل ويسفك ويغتصب ويشرد، ولن نتنازل عن إسقاطه هو ونظامه ومحاكمته ومحاكمة من شاركه في ذلك».
من جانبه، قال محمد ياسين النجار، عضو مكتب العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني السوري، الذي التقته «المصري اليوم» في العاصمة القطرية «الدوحة»، إنه منذ بداية إعطاء المهل عبر الجامعة العربية، «كنا نرى أنها خطوات سلبية وغير جدية للضغط على النظام»، مشيراً إلى أنه «لم تكن هناك ممارسات ضاغطة على النظام بالشكل الكافي، ونحن نعلم أنه لا يمكن أن تكون هناك مدد متتالية، لأنك تصبح في هذه الحالة راعيا كذابا، يسمح للنظام باستغلال هذه المهل في المراوغة والاحتيال».
واعتبر «النجار»، أن وفد المراقبين العرب، «لم يؤد الغرض المطلوب منه، ولا يمكن لنا أن يكون وفد المراقبين العرب مجرد (شهود زور) على ما يفعله النظام الآن في سوريا، كيف يمكن أن نسمع ونفسر أن وفد المراقبين العرب يصل إلى سوريا يوم الجمعة ولا يصل حمص إلا الثلاثاء، ما هذه الآليات البطيئة والبيروقراطية، لا يوجد تعامل مع ما يحدث من سفك للدماء بالدرجة المطلوبة، هذه العملية تحتاج إلى جدية متناهية من أجل فضح النظام وإثبات الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري».
وأضاف «هناك بعض المراقبين والمحللين السياسيين يقول إن وفد المراقبين العرب الآن مجرد (شاهد زور)، ومتفرج أو كما تقولون في مصر (شاهد ما شافش حاجة)».
وعن القوى الفاعلة في الأزمة السورية، قال «هناك مثلث، ضلعه الأول الدول الأوروبية والأمريكية، وتترأسها فرنسا وتقوم بدور مهم، أما الضلع الثاني فيتمثل في تركيا، والثالث هي الجامعة العربية، هذا إذا ما استبعدنا الدور الروسي كإحدى الدول المعيقة لقرار مجلس الأمن، كل هذه الأطراف تقوم بدور فاعل في الملف السوري ويمكن أن نقول إن بيدها الكثير من الأوراق».
وأكد عضو مكتب العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني السوري، أن الدكتور برهان غليون، رئيس المجلس، التقى الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، لنقل استياء الشارع السوري مما يحصل الآن من خلال عدم تعامل وفد المراقبين العرب بالرصانة المطلوبة على الأراضي السورية.
وحول علاقة المجلس الوطني، بـ«الجيش السوري الحر»، قال «النجار»: «قررنا دعم الجيش السوري الحر بشكل كامل دون أي تحفظ على ذلك والعلاقة معه تتطور بشكل مستمر من أجل الوصول إلى علاقة مؤسسية واضحة، نحن ندعمه وهو نواة لمؤسسة عسكرية شريفة ويمكن أن يتحول إلى ذراع عسكرية للثورة فيما بعد، لا ضير في ذلك».