خيم التوتر والانقسام السياسى على لبنان أمس، بعد أن سلمت المحكمة الدولية المكلفة بالتحقيق فى اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريرى قرار اتهام ومذكرات توقيف بحق 4 أشخاص بينهم أعضاء من حزب الله الذى يسيطر على الحكومة الحالية، وسط توقعات بإصرار الحزب على موقفه الرافض التعاون مع المحكمة لاتهامها بـ«التسييس» بينما أعلن الحزب أن أمينه العام، حسن نصرالله سيوضح موقفه من القرار اليوم «السبت» فى الوقت الذى تواجه فيه الحكومة ضغوطا دولية لتنفيذ القرار ومخاوف من تجدد العنف.
وأكد وزير الداخلية اللبنانى، مروان شربل، أن أسماء المتهمين الـ4 الذين وردت أسماؤهم فى مذكرات التوقيف هى نفسها التى تداولتها وسائل الإعلام وينتمى أعضاؤها إلى حزب الله، وهم مصطفى بدرالدين وسليم عياش وأسد صبرا وحسين عنيسى، وتساءل «كيف يكون القرار سريا وقد وصلت الأسماء إلى وسائل الإعلام قبل أن تصلنا؟» موضحا أن ذلك أفقد الحكومة عنصر المفاجأة فى البحث عن المتهمين وتوقيفهم.
بدوره، قال المدعى العام اللبنانى، سعيد ميرزا، إن الإجراءات القانونية لتنفيذ مذكرات التوقيف أخذت طريقها إلى التنفيذ منذ صدور المذكرة، والتقى ميرزا، قائد الشرطة القضائية، العميد صلاح عيد لتكليفه بتنفيذ المذكرات. والمسؤولون الـ4 هم مصطفى بدرالدين، عضو المجلس الجهادى وقائد العمليات الخارجية فى حزب الله، وصهر القائد العسكرى لحزب الله عماد مغنية الذى اغتيل فى سوريا، وبدرالدين بحسب المذكرة «هو من خطط وأشرف على تنفيذ العملية التى استهدفت الحريرى»، والمتهم الثانى هو سليم جميل عياش، أحد كوادر الحزب ومسؤول الخلية المنفذة للاغتيال والمشارك فيها، أما الثالث والرابع هما حسن عيسى، الملقب بحسن عنيسى وأسد صبرا، وهما متهمان بـ«التواصل» مع «أبوعدس» الذى تبنى العملية فى اتصال بقناة «الجزيرة» فى 14 فبراير 2005، كما يواجهان اتهامات بإخفاء أبوعدس، والذى لم يعثر عليه خلال التحقيق الذى أشار إلى أن رسالته الصوتية كانت للتضليل.
وأثار قرار الاتهام ومذكرات التوقيف توترا وانقساما شديدا فى لبنان بين مؤيد ومعارض، وسط مخاوف من اندلاع موجة جديدة من العنف، إذ يصر حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله على عدم التعاون مع المحكمة بينما ينتظر اللبنانيون كلمته مساء اليوم لتوضيح موقف الحزب من القرار.
وصرح وزير الدفاع اللبنانى السابق، إلياس المر، بأن لديه «شكوكا منذ وقت طويل بتورط مجموعة من حزب الله» فى محاولة اغتياله فى 2005، وهاجم المر رئيس الجمهورية ميشال سليمان، لأنه لم يقم بواجباته فى التحقيق الأمنى فى حينه، فيما نفى عضو كتلة المستقبل النائب أمين وهبى استهداف القرار أى جهة لبنانية. وخصصت صحيفة «المستقبل» التى تملكها عائلة الحريرى صفحات تحت عنوان واحد «القرار الاتهامى.. عصر العدالة ينهى عصر القتل». ورأت «النهار» القريبة من قوى 14 آذار أن أهمية القرار «تتمثل فى انتصار غير مسبوق لمنطق العدالة فى وضع حد للإفلات من العقاب فى مسلسل الاغتيالات». واعتبرت صحيفة «لوريان لوجور» القريبة من 14 آذار أن «ساعة الحقيقة دقت»، وركزت على التحديات التى يطرحها القرار على الحكومة التى تضم أغلبية من حزب الله وحلفائه، محذرة من أعمال عنف جديدة وإثارة توترات طائفية بين الفصائل التى لاتزال تحمل إرث الحرب الأهلية التى دارت بين عامى 1975 و1990، فيما شككت صحف أخرى فى قدرة الحكومة على تنفيذ التوقيفات.
وفى المقابل، حذر رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى النائب وليد جنبلاط من أن تحقيق العدالة لا يكون بجر البلاد إلى التوتر والانقسام. واستغرب صدور القرار إثر تشكيل الحكومة الجديدة، واعتبرت قيادات من أنصار الحزب أن صدور القرار فى الوقت الحالى يهدد بعرقلة عمل الحكومة وإسقاطها، ويساعد إسرائيل على مهاجمة المقاومة.