x

محمد العرابي: صفقة القرن طُبقت بالفعل.. وأتوقع حدوث شيء في الضفة قريبًا (حوار)

الأحد 21-07-2019 09:55 | كتب: عمر علاء |
«المصرى اليوم» تحاور السفير محمد العرابي «المصرى اليوم» تحاور السفير محمد العرابي تصوير : آخرون

قال السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، إن صفقة القرن تم تنفيذ جزء منها بالفعل في فلسطين لصالح إسرائيل، وسط رفض عربى واضح، وتوقع حدوث شىء غير عادى في الضفة قريبا.

وأضاف، في حوار لـ«المصرى اليوم»، أن عدم وجود رؤية عربية موحدة أدى إلى مزيد من الأزمات، وأن ثورات الربيع العربى لا يمكن اعتبارها وبالا على المنطقة، وستظل تشغل بال الكثير من المفكرين لمدة طويلة، مشددا على أن أزمة الخليج لن يحدث بها انفراجة كون قطر مازالت تدعم الإرهاب.

وتابع «العرابى» أن مصر تعمل في جبهات متعددة وبفكر منظم وواع فيما يخص تحديات المنطقة، كما أن لديها القدرة على تنفيذ أهدافها.. وإلى نص الحوار:

■ بداية ما أكبر تحدٍ يواجه المنطقة العربية في رأيك؟

- أعتقد أن غياب استراتيجية عربية موحدة لمواجهة الإرهاب، وشذوذ بعض الدول عن الخط العربى، وعدم وجود رؤية موحدة لما هو قادم، خاصة أن المنطقة تمر بظروف صعبة لم تشهدها من قبل، التحدى الأبرز الذي يواجه المنطقة، بالإضافة إلى نقص التنمية.

■ لماذا لا توجد استراتيجية عربية موحدة حتى الآن لمواجهة الإرهاب؟

- الأمر صعب، خاصة أن المنطقة العربية بها دول تعتبر أداة لدعم الإرهاب، مما يجعل الوصول لاستراتيجية موحدة لمواجهة الإرهاب في المنطقة أمرا بعيد المنال، لكن هذا لا يعنى أننا لا نسعى لإيجاد هذه الاستراتيجية، بل يجب أن ندعو الدول العربية للانضمام إليها، ونضع الدول العربية أمام مسؤوليتها، بحيث الدولة التي لا تلتزم بهذه الاستراتيجية تكون دولة مارقة، خاصة أن هناك دولا مثل قطر تدعم الإرهاب بأشكال متوارية وغير مباشرة، ويجب أن يكون هناك نظرة عميقة لكيفية الوصول لاستراتيجية موحدة في المنطقة وهو أمر صعب، لكنى أعتقد أن يكون هناك مسعى دولى مشترك، لتجفيف منابع الإرهاب ووقف كافة أشكال دعم الإرهاب سواء بالتمويل وسلاح وأفراد، وإيجاد آلية خاصة لمكافحة الإرهاب.

«المصرى اليوم» تحاور السفير محمد العرابي

■ وماذا عن دور الجامعة العربية لإيجاد استراتيجية موحدة لمواجهة الإرهاب؟

- الجامعة العربية ليست مؤسسة منفصلة عن الواقع العربى بل مؤسسة تجمع الإرادات العربية، وبوجه عام القضايا العربية الشائكة اختطفت من الإرادة العربية، مثل القضية السورية والليبية، وتم وضع تلك القضايا تحت طائلة القوى الإقليمية والدولية، وبالتالى أصبحت تلك القضايا مسرح لنفوذ قوى غير عربية، ونرى حين ترغب روسيا لعقد لقاءات لتسوية القضية السورية توجه دعوات لتركيا وإيران، ولا تستدعى أي دولة عربية، والجامعة العربية لا تلام في هذا الأمر لأنها لا تستطيع بمفردها أن تأخذ أدوارا محددة في هذا القضايا، إلا بإرادة عربية تساندها، والإرادة العربية غير متوفرة للأسف.

■ برأيك ما أسباب ازدياد دور الفاعلين من غير العرب في المنطقة في الـ10 سنوات الماضية؟

هناك شهية متزايدة من القوى الإقليمية التي ذكرتها، للدخول في القضايا العربية الشائكة، بالإضافة لوجود كيانات جديدة لديها رؤية استراتيجية مثل إثيوبيا، حتى إنها تلعب دور الوساطة في السودان علاوة على دورها في الصومال، ولا ننسى إسرائيل وهى دولة إقليمية وفى قلب العالم العربى، وهذه الظاهرة ترجع لعدة أسباب منها أن العالم العربى لم يستطع صياغة سياسة ندية بينه وبين القوى الإقليمية، وفى هذا الصدد يجب أن نلفت إلى رؤية عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق الذي تنبأ بمدى تطور دور الفاعلين الإقليميين، وكان ينصح بالدخول في حوار مع هذه الدول لتحقيق قدر من التفاهم الاستراتيجى معهم يبعد المنطقة عن الاحتكاك مع دول الجوار لكن بعد التطورات التي تلت ثورات الربيع العربى، الأمر أصبح أكثر حدة، مما أدى لتفاقم الظاهرة، وأصبح من الصعب الحد منها إلا إذا قام العالم العربى بتحقيق تفاهم مشترك بين الدول يحاول وضع نظام عربى جديد يلتزم به الجميع ويعاقب من يخرج عنه، لكن هذا الأمر غير وارد على المدى القريب، بالإضافة لتفاقم الأمر بعد فترة الضعف التي أصابت الدول العربية بعد ثورات الربيع العربى، مما زادت من شهية تلك الدول، علاوة على العامل الجغرافى حيث ضعف مناطق التخوم العربية، وتواجد مناطق اضطرابات في المناطق الحدودية بسوريا والعراق، مما مهد لتدخل بعض الدول عسكريا، خاصة مع لجوء بعض الدول لطلب المساعدة من الدول الإقليمية مثلما حدث مع نظام بشار الأسد وإيران، كما أنه من المؤكد أن قطر فتحت أبوابها للنفوذ التركى والإيرانى.

■ ماذا عن العراق؟

- العراق له وضع خاص، وينظر لنفسه بشكل مختلف عما كان عليه من سنوات مضت، فقديما كان ينظر للعراق على أنه البوابة الشرقية للعالم العربى، لكن الآن العراق يرى نفسه جسرا للحوار بين العالم العربى والدولة الفارسية، وذلك ليبعدوا أنفسهم عن الاحتكاك المباشر بإيران، وهذا أمر مقدر ولا يمكن أن يلاموا عليه، لأن كل دولة أدرى بأوضاعهم الداخلية، وبمحددات أمنها القومى، وبالتالى ترسم الدور الذي تراه مناسبا في علاقاتها مع دول الجوار، فالعراق له نظرة استراتيجية مختلفة.

■ كيف ترى تأثير ثورات الربيع العربى على المنطقة؟

- هذه النقطة ستظل تشغل بال المفكرين والمحللين السياسيين، خاصة أنه من الصعب وضع ميزان لتحديد ما إذا كانت تلك الظاهرة إيجابية أم سلبية، فوفقا لحركة التاريخ ليس بالضرورة أن يكون كل شىء إيجابى، وفى نفس الوقت مسار الدول ليس دائما يكون في خط تصاعدى وإيجابى، ولكن من الممكن أن يحدث كبوات في مسار تلك الدول، لكن لا يمكن أن نقول إن ثورات الربيع العربى كانت وبالا على الأمة، لأن كانت هناك حالة من الركود في العالم العربى وكان يجب حدوث شىء يرجه، لتستعيد بعض الأنظمة مصداقيتها وقوة الدفع فيها وفى تقديرى كانت تلك رجة قاسية، مما أدى لتراجع الدول العربية بالتزامن مع تربص بعض الدول وانقضاض بعض القوى على ثورات الربيع العربى، وأدى لتأخر العالم العربى، يمكن أن نلحظ هذا التأخر على مستوى تفشى الإرهاب فلا شك أن تلك الثورات أدت لحالة من الفراغ في بعض المناطق، مما مهد الطريق لقوى الشر، وبالتالى من الصعب الآن تقييم تلك الثورات في الوقت الحالى، لكن في تقديرى لا يمكن تجنب حركة التاريخ بالنسبة للدول، فالربيع العربى كان أمرا حتميا.

■ نرغب في معرفة انطباعكم عن صفقة القرن؟

- الواقع معقد فيما يخص القضية الفلسطينية، الصفقة تم تنفيذها بالفعل في بعض الأجزاء، سواء في القدس والجولان واللاجئين، ومن المتوقع حدوث شىء قريب بالنسبة للضفة الغربية، وبالتالى سياسة التنفيذ تسير وبسرعة شديدة لكن الشق الاقتصادى يسير ببطء، وهو الشق الذي تعتبره الولايات المتحدة جانب الترغيب في صفقة القرن، لكنه مرفوض من الجانب العربى، وبالتالى أنت أمام واقع معقد.

في المقابل الولايات المتحدة تتعامل بسياسة الأمر الواقع مع العالم العربى، فهى دائما تتعامل بمبدأ الاستماع الجيد، ولكن لا تأخذ به، ولا يلتزم بأى شىء، وللأسف الإدارة الأمريكية بعيدة تماما على الفكر العربى، والولايات المتحدة تتعامل على أن التأييد المطلق لإسرائيل هو البديل المناسب في المرحلة الحالية، خاصة أن ترامب مقدم على انتخابات رئاسية، وبالتالى الأمور لا تبشر بالخير على الإطلاق بالنسبة للقضية الفلسطينية.

■ هل تتوقع انفراجة قريبة في الأزمة الخليجية مع قطر؟

- لا أتوقع ذلك، قطر تسير في طريقها وفى أسلوبها وأعتقد ألا تحيد عن ذلك الأسلوب في المستقبل القريب، وهى تتحرك بحرية كبيرة، نتيجة أن العالم حتى الآن لم يقتنع أنها إحدى الدول الداعمة للإرهاب، يكفى أن نذكر أن قطر تتعامل مع تركيا وإيران والولايات المتحدة في نفس التوقيت.

■ ما تقييمك لتعاطى الدولة المصرية مع محيطها الإقليمى؟

- الدبلوماسية المصرية تعمل في عدة جبهات بشكل قد يكون مرهقا لها، فالمنطقة أصبحت ملغمة بطريقة لم تشهدها من قبل، فالحلقة المحيطة بمصر مضطربة للغاية، سواء من الشرق حماس ومن الغرب ليبيا ومن الجنوب السودان، حتى الحدود البحرية تشهد عدة اضطرابات، ففى الجنوب هناك مخاطر حول باب المندب وملف النيل مع إثيوبيا، ومن الشمال توجد تركيا والصراع حول حقول الغاز في البحر المتوسط، وبالتالى مصر في بؤرة من الضغط الاستراتيجى، والسهام الموجهة للأمن القومى متعددة، لكن حتى الآن أرى أننا ندير الموقف بشكل رصين رغم تعدد الجبهات، على سبيل المثال مصر تكافح الإرهاب لكن في نفس الوقت تقوم بعملية التنمية، وأنا أؤكد أن مصر لديها فكر استراتيجى راقٍ، تتعامل من خلاله مع عدة ملفات بنفس السرعة والكفاءة، وهذا شىء يحسب لمصر، خاصة أن تكاليف الأمن أصبحت عالية.

■ كيف يمكن التغلب على موجات الهجرة غير الشرعية واللاجئين من الدول العربية؟

- لدى رأى مختلف في تلك القضية، فقد تمت المبالغة في مسألة الهجرة غير الشرعية وتأثيرها على الأمن في أوروبا، بالفعل في أول الأحداث كان هناك تدفق لمهاجرين خاصة السوريين للدول الأوروبية، لكن لم تصل لمرحلة تهديد الأمن، رغم وجود مخاوف من تسلل بعض الإرهابيين لأوروبا، ظاهرة الهجرة لم تعد تأرق الجانب الأوروبى، كان ذلك في مرحلة ما، في بدايات أزمة تدفق اللاجئين العرب إلى أوروبا، أما الآن فأغلبهم أصبحوا نازحين داخل الدول العربية، وبالتالى لا يوجد مهاجرون إلى أوروبا الآن، إلا مجموعة المهاجرين الأفريقيين الذين يتسللون من ليبيا إلى شواطئ أوروبا فأنا لا أراهم يشكلون خطرا على الأمن القومى الأوروبى، فهم شباب في دول فقيرة، يبحث عن فرص لحياة أفضل وبالتالى يجب حل المشكلة من جذورها ويجب إيجاد تعاون أكبر في التنمية بين الدول الأوروبية والدول الفقيرة، وهذا أمر يجرى بالفعل حاليا لكنه لن ينهى الظاهرة، الهجرة غير الشرعية ظاهرة سلبية بالتأكيد لكن دائما سيكون هناك أناس تسعى للتطلع للعيش في أوروبا، ويجب أن نشير إلى أن هناك العديد من الدول استغلت هذا الأمر للضغط على أوروبا مثل تركيا التي كان لديها أعداد كبيرة من اللاجئين، وتهدد بفتح حدودها لتدفق اللاجئين إلى أوروبا، فتركيا تلعب دائما لاستغلال لمصلحتها في عدة جبهات، كما أن أوروبا لم تتعامل مع مراقبة الشواطئ بإنصاف، وللأسف كانت معنية بمراقبة ما يخرج من الشواطئ الليبية ولم تنتبه لما يدخل إلى الشواطئ الليبية من عناصر إرهابية.

■ هل ترى أن البرلمانات العربية تلعب دورا حيويا في القضايا الإقليمية؟

- البرلمانات العربية لا تصنع سياسة عكس البرلمانات الغربية، البرلمانات العربية وفق الدساتير ليس لديها الآلية لأن تضع سياسة أو أن تفرض اتجاها على الحكومة، وبالتالى تأثير البرلمانات العربية محدود إلى حد ما في تشكيل السياسة الخارجية للدول، لكنها تلعب دورا في إيجاد تفاهم بين دوائر صنع القرار في الدول المختلفة، ويقتصر دورها على التقارب بين الشعوب مثل البرلمان الليبى الذي قام بزيارة للبرلمان المصرى، وكانت زيارة جيدة حدث خلالها تبادل للآراء وتقديم النصائح، لكن لا يمكن القول بأن البرلمان المصرى وضع سياسة تجاه ليبيا.

■ كيف ترى مستقبل منطقة الشرق الأوسط؟

- على المدى المتوسط والقريب ستظل في حالة اضطراب وسخونة لفترة ما، لا أستطيع تقديرها، خاصة أن هناك قضايا شائكة على الساحة لا أدعى أن هناك حلا قريبا لها، بل هناك قضايا بها مؤشرات للتصاعد، وبالتالى لا أرى في المستقبل القريب أن يكون هناك نوع من الاستقرار في المنطقة ككل، لكن سيكون هناك دول تقدم قصص نجاح ونموذجا للدول التي استطاعت أن تحافظ على نفسها، لإعطاء بارقة أمل للدول الأخرى الهشة.

■ ما أبرز الدول المرشحة لهذا؟

- أنا أرى أنها مصر، وليس هذا لكونى مصريا، حقيقة مصر تمتلك مقومات الدولة العصرية، فهى تستطيع أن تحافظ على أمنها القومى، ولديها مؤشرات اقتصادية جيدة علاوة على التفاف الشعب حول قيادته، وهذا ليس متوفرًا في دول عدة، وكذلك دول مثل الإمارات والسعودية وسلطنة عمان والكويت، مرشحة لأن تحقق ذلك النموذج، فهى دول لديها رؤية للمستقبل واقتناع من الشعب لقياداته.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية