قال مسؤول أمريكي رفيع، إن الولايات المتحدة قررت استئناف الاتصالات الرسمية مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وقال المسؤول الرفيع الذي طلب عدم نشر اسمه، «المشهد السياسي في مصر تغير ومستمر في التغير»، وأضاف «من مصلحتنا التعامل مع كل الأطراف التي تتنافس على البرلمان والرئاسة».
وحرص المسؤول على التأكيد أن هذا التحول هو تطور دقيق أكثر منه تغير مفاجئ في موقف واشنطن من الإخوان المسلمين التي تأسست في عام 1928 .وبموجب سياسة واشنطن السابقة كان يسمح للدبلوماسيين الأمريكيين بالتعامل مع أعضاء الإخوان المسلمين في البرلمان ممن فازوا بمقاعد كمستقلين.
وبينما كان الدبلوماسيون الأمريكيون في السابق، يتعاملون فقط مع مجموعة أعضاء لدورهم كبرلمانيين وهي سياسة قال المسؤول «إنها سارية منذ عام 2006 »، فإنهم سيتعاملون الآن مباشرة مع كوادر أقل مستوى في جماعة الإخوان المسلمين.
ولا يوجد حظر قانوني أمريكي يمنع التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين نفسها التي نبذت العنف منذ فترة طويلة كوسيلة لتحقيق تغيير سياسي في مصر والتي لا تعتبرها واشنطن منظمة إرهابية أجنبية.
لكن جماعات أخرى متعاطفة، مثل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس»، التي تصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها مرشدها الروحي لم تنبذ العنف ضد إسرائيل.
ويقول مسؤولون سابقون ومحللون، إنه ما من خيار أمام الولايات المتحدة، سوى التعامل بشكل مباشر مع الإخوان المسلمين، بسبب تنامي نفوذ الجماعة السياسي بعد سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك.
وعبر هوارد كور، المدير التنفيذي للجنة الشؤون العامة (الأمريكية - الإسرائيلية)، عن الشكوك العميقة للجنة المؤيدة لإسرائيل إزاء جماعة الإخوان في كلمة ألقاها الشهر الماضي. وقال كور «بينما نأمل جميعاً أن تخرج مصر من الانتقال السياسي الحالي بديمقراطية ناجحة على النمط الغربي، فإن الحقيقة هي أن أفضل قوة سياسية منظمة في مصر الآن هي الإخوان المسلمين، التي لا تعترف بإسرائيل».
ورأى دبلوماسيون أمريكيون سابقون، أن الولايات المتحدة تعين عليها التعامل مع الإخوان المسلمين لـ«نفوذها في مصر».
وقال إدوارد ووكر، وهو سفير أمريكي سابق في مصر وإسرائيل، «لا يمكن أن يكون لدينا انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية ما لم نكن مستعدين للتحدث مع كل الناس الذين هم جزء من تلك الديمقراطية»، وأضاف أن « ذلك سيفتح باباً للشيطان».
واستطرد «هناك كثير من الناس الذين لن يرضيهم ما أفرزته جذور الإخوان المسلمين، سيكون هناك أناس لن يقبلوا بأن الإخوان المسلمين أصبح لهم شخصية جديدة أو مختلفة اليوم».
وتطور تعامل الولايات المتحدة مع الإخوان المسلمين بمرور الوقت، ووجد المسؤولون سبلاً للمحافظة على الخطوط مفتوحة تحت ستار ورقة توت دبلوماسية أو أخرى.
وفي يونيو عام 2005 قالت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندوليزا رايس، في ردها على سؤال بالجامعة الأمريكية في القاهرة «لم نجر اتصالات مع الإخوان المسلمين»، وأضافت «لم نتعامل مع الإخوان المسلمين، ولن نفعل».
وتعامل دبلوماسيون أمريكيون علانية، في ثمانينيات القرن الماضي، مع الجماعة، وكانوا يزورون مقر الجماعة بالقاهرة للالتقاء بأعضاء بينهم مرشد جماعة الإخوان المسلمين، وفقاً لنص كلمة ألقاها في مايو 2008 فرانسيس ريتشاردوني، السفير الأمريكي الأسبق لدى مصر، والذي يتولى الآن منصب سفير الولايات المتحدة لدى تركيا.
وبحلول عام 1994 عندما أصبح ووكر سفيراً لأمريكا لدى القاهرة، قال إن السياسة هي تجنب الاتصالات المباشرة والتعامل مع النقابات أو الشخصيات البارزة الأخرى التي قد تكون منتمية لعضوية جماعة الاخوان المسلمين.
ووفر هذا الأسلوب لواشنطن وسيلة لمراقبة فكر الإخوان دون استعداء أولئك الذين يعارضون مثل هذه الاتصالات أو نظام مبارك الذي أبقى على وضعها كمنظمة سياسية محظورة وسجن العديد من أعضائها لكنه سمح لها أيضاً بعمل برامج للرعاية الاجتماعية.
وقال اليوت إبرامز، نائب مستشار الأمن القومي المختص بشؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، إنه كان يفضل إسقاط الحظر المفروض على الاتصالات الرسمية لكن مع الإقدام على أي تعاملات فعلية بحرص شديد.
وقال إبرامز، إن المواقف التي تبناها بعض أعضاء الإخوان مثل تأييد إجراء اختبارات دينية لمن يشغلون مناصب عامة، والتشكيك في حق النساء، وتقييد حرية العقيدة أو حرية التعبير، كانت «مكروهة» للولايات المتحدة.
وقال المسؤول الأمريكي الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، إن الدبلوماسيين الأمريكيين «سيواصلون التأكيد على أهمية دعم المبادئ الديمقراطية، والالتزام بعدم العنف، واحترام الأقليات، وحقوق المرأة، في الحوارات مع كل الجماعات بما فيها الإخوان المسلمين».