أكد اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، أهمية الوعي المجتمعي الكامل بخطورة قضية الزيادة السكانية وأبعادها المختلفة في الحاضر والمستقبل، مشيرا إلى أن النظريات والتجارب الدولية أثبتت أنه حتى يشعر المواطن برفاهة وانتعاش اقتصادي حقيقي فلابد من أن نصل بمعدلات النمو الاقتصادي إلى ما يزيد على ثلاثة أضعاف النمو السكاني.
وشدد الوزير، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر إطلاق مشروع «تسريع الاستجابة المحلية للقضية السكانية» بمحافظة أسيوط بمشاركة المحافظ اللواء جمال نور الدين وألكسندرساشا، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، وادريان هاورى، القائم بأعمال السفارة السويسرية، والدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي، و٤ محافظين، على ضرورة أن نتعامل بأقصى درجات الشفافية والحسم والتكاتف وتنسيق الأدوار بيننا بما يكفل تعاملًا جادًا وسريعًا مع المشكلة التي باتت تمثل إن جاز القول أحد أخطر التحديات أمام عملية التنمية الشاملة والمستدامة في مصر والتي لا تقل في خطورتها عن تحدي الإرهاب، كما أشار رئيس الجمهورية في أحد لقاءات الشباب.
وأضاف شعراوي أن معدل النمو السكاني في مصر بلغ، وفقًا لآخر تعداد للسكان في عام 2017، 2.6%، في حين يبلغ معدل النمو الاقتصادي وفقاً لآخر بيان لوزارة التخطيط 5.3%، وهذا الأمر لا يتوقف عند هذا الحد ولكن ما يضاعف الوضع سوءًا تداخل التحديات التي تواجه مصر عند التعامل مع تلك المشكلة ومن أبرزها تدني الخصائص السكانية وسوء التوزيع السكاني والفجوات التنموية بين المحافظات المختلفة وداخل نفس المحافظة.
وقال الوزير إن المؤتمر يعقد من أجل العمل على حل قضية قومية بالدرجة الأولى وهي ارتفاع معدلات النمو السكاني بما يفوق معدلات النمو الاقتصادي اللازم لتحسين مستويات المعيشة، لافتا إلى أنه بملاحظة فجوات التنمية بين المحافظات وداخل المحافظة الواحدة والذى انعكس على وضع المحافظة وزيادة معدلات الفقر بها يجعل من الأهمية أن يتم التدخل بصورة سريعة لحل القضية السكانية بصورة لا مركزية .
وتابع أنه سيتم التركيز على المحافظات ذات الأولوية وهي التي تعاني من ارتفاع معدلات النمو السكاني وتدنٍ في مستويات التشغيل والتعليم وارتفاع الإنجاب المبكر قبل السن القانونية للزواج، مما يجعل تلك المحافظات تعاني اقتصاديا وتزداد بها نسب الفقر، أن الدولة المصرية اتجهت في إطار برنامج عمل الحكومة لعام 2018/2019- 2021/2022 إلى تبني عدد من البرامج التي تسهم في التعامل مع القضية السكانية من عدة أوجه.
وعرض شعراوي لعدد من هذه البرامج ومنها برنامج بناء الإنسان المصري وذلك من خلال: تحقيق أقصى قدر ممكن من العدالة الثقافية له والوصول للمناطق الأكثر احتياجًا والتوعية الإعلامية بمنظومة القيم والموروث الحضاري وتفعيل دور الإعلام في نشر القيم الإيجابية في المجتمع وتطوير منظومة التعليم والتدريب التي تعتني ببناء الشخصية والربط بينها وبين مستجدات سوق العمل الحالي.
وتابع: وكذلك الاهتمام بتطوير منظومة الرعاية الصحية والتأمين الصحي وتحسين بيئة الأعمال وتنمية الوعي الاستثماري وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أنه من بين تلك البرامج أيضاً برنامج تحسين مستوى معيشة المواطن المصري والذي يستهدف بشكل كبير الحد من الزيادة السكانية والوصول إلى معدل إنجاب كلي نحو 29 طفلًا لكل 10 سيدات بنهاية 2022 مقارنة بـ 35 طفلًا حاليًا، لافتًا إلى أن ذلك سيكون من خلال تطبيق سياسات تحفيزية للحد من الزيادة السكانية وزيادة نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة وإتاحة خدمات تنظيم الأسرة وخاصة بالمناطق النائية والمحرومة، إلى جانب التوعية بخطورة الزيادة السكانية بكل محافظات الجمهورية.
وأشار الوزير إلى برنامج التنمية المحلية في صعيد مصر والذي تم إطلاقه في محافظتي سوهاج وقنا، وذلك لتحسين القدرة التنافسية، وتوفير البنية التحتية والخدمات عالية الجودة للمواطنين.
وشدد الوزير على أننا ليس لدينا مجال لإنكار حقيقة أن تحقيق التنمية المستدامة في دول العالم النامي والتي مازالت بلدنا مصر جزءًا منها، ليس بالأمر اليسير حتى اللحظة، وإذا ما رغبنا في تغيير رؤيتنا لأنفسنا ورؤية العالم لنا وتحسين موقعنا على خريطة المؤشرات العالمية علينا أن نتعامل بأقصى درجات الشفافية والحسم والتكاتف في الجهود للوقوف على أصل المشكلة وطبيعة الأدوار وتنسيقها وتكاملها.
وأكد أهمية دور المجلس القومي للسكان في دمج الأبعاد السكانية في خطط التنمية للدولة من خلال الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية 2015-2030، بما يضمن تقاسما عادلا للموارد والثروة الوطنية لتحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية لكل المواطنين دون تمييز، لافتاً إلى تحقيق نمو سكاني متوازن مع معدلات التنمية الاقتصادية كان مفهوم المشاركة والتعاون معه هو نقطة البداية لتكامل مختلف الجهود الحكومية في إطار نظام متكامل يسمح بالمتابعة والتقييم معتمدًا على بيانات ومعلومات كمية وكيفية تغطي كل المجالات لمتابعة ما يتم من أنشطة وتقييم ما يتم من إنجازات لتحقيق الأهداف المرجوة وضمان الجودة في الأداء على المستوى المحلي بما يساعد في تحقيق مستويات تحسن على المستوى القومي من حيث السيطرة على النمو السكاني.
وقال شعراوي إنه تم التخطيط لمشروع «تسريع الاستجابة المحلية للقضية السكانية» بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان لتحسين مستويات النمو السكاني والتنمية الاجتماعية والاقتصادية على مستوى كل قرية ونجع ومنطقة عشوائية وصياغة البرامج والتدخلات التي تتلاءم مع ظروف كل محافظة.
وأضاف أن هذا التعاون الذى يتم بشكل تشاركي مع المجلس القومي للسكان والجهات التنفيذية الشريكة يهدف إلى تحقيق عدد من النتائج منها مراجعة البناء المؤسسي لضمان التنسيق وتجنب الازدواجية، وتشكيل مجموعة من القيادات الشابة في كل محافظة من المحافظات الخمس بقيادة المحافظ لدعم المجالس الإقليمية للسكان ببيانات ومؤشرات الأداء الرئيسية للخطط السكانية على مستوى المحافظات المختارة في المرحلة الحالية مما يساعد في متابعة وتقييم أهداف وأنشطة الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية 2030، وتصميم لوحات المعلومات dashboards لتعكس التقدم في المعلومات واستخدام التكنولوجيا في عملية الرقابة على البيانات ومتابعتها، وتحليل البيانات وإعداد نشرات وملخصات سياسات تقدم معلومات عن تطور الوضع السكاني والمؤشرات التنموية ذات العلاقة اعتمادا على ما هو متاح من أدوات ومصادر على مستوى المحافظات، إضافة إلى دعم تنفيذ كل الأنشطة بالخطة والعمل على إزالة كل العقبات التي تحول دون تقديم تلك الأنشطة بفاعلية وبالجودة المطلوبة.
وأكد أن المشروع يهدف إلى تحقيق استجابة محلية سريعة للقضية السكانية من خلال نهج متكامل في الخمس محافظات، كما يهدف إلى تعزيز نهج لا مركزي متعدد القطاعات تحت قيادة المحافظ وبمشاركة الشباب في المتابعة وفي صنع القرار، وتتمثل الآلية الجديدة في التعاون الكامل مع المجالس السكانية الإقليمية الموجودة، مشيراً إلى أن الأنشطة الرئيسية لوزارة التنمية المحلية هي التنسيق وإنشاء آلية تنسيق على المستوى المركزي بين الوزارة والمجلس القومي للسكان ووزارة الشباب والمجلس القومي للمرأة والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري.
وأوضح أنه تم إنشاء وحده للسكان بوزارة التنمية المحلية، لافتا إلى أن المشروع يدعم آلية المتابعة وإعداد التقارير على مستوى المحافظة من خلال بناء إطار المراقبة العلمية لكل محافظة وآلية لإعداد تقارير ربع سنوية ترتبط بلوحة المعلومات بطريقة مميكنة، وأيضا تطوير منصة لمشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لتعكس الأنشطة والتدخلات المخطط لها وفي هذا الصدد تم إنشاء الوحدة المركزية للسكان بالمحافظات الخمس.
وتابع أنه تم إضفاء الطابع المؤسسي على التخطيط ونظام المتابعة والتقارير على مستوى المحافظات لتتبع تنفيذ الخطة الاستراتيجية للسكان والتنمية ومؤشرات التنمية المستدامة ذات الصلة وفقًا للأهداف المحلية المحددة، مما يضمن القدرة اللازمة للإدماج الفعال للأساليب السكانية في التخطيط الإنمائي بما في ذلك التنسيق الفعال لجميع القطاعات التنموية والتخطيطية ذات الصلة.
وأضاف الوزير أنه تم وضع إطار التنسيق المركزي مع تحديد أدوار واضحة يتم تطويرها بين وزارة التنمية المحلية والأطراف المشاركة في المشروع، كما تم تطوير لوحة للمحافظات لتعكس كل الإحصائيات والبيانات فور حدوثها وسيتم وضعها أيضا بمقر الوزارة.