هناك كتاب مهم وشامل وغنى بعنوان (محمد بيومى.. الرائد الأول للسينما المصرية) تأليف محمد كامل القليوبى، والذى أكد من خلال فصوله على ريادة هذا المخرج من واقع ما تم العثور عليه من الأعمال السينمائية الأولى للسينما المصرية، ما بين عامى 1923 وحتى عام 1935. كما قدم القليوبى فيلما وثائقيا عن بيومى بعنوان «محمد بيومى.. وقائع الزمن الضائع» الذى عرض فيه كل ما توصل له من معلومات.
المخرج الرائد محمد بيومى اسمه كاملا هو محمد بيومى الفطاطرى واسمه الفنى محمد بيومى، وهو مولود فى طنطا وحصل منها على الابتدائية عام ١٩٠٧، وبعد حصوله على الثانوية التحق بالمدرسة الحربية فى ١٩١٢وتخرج فى ١٩١٥وبعد أربع سنوات من الخدمة العسكرية أحيل للتقاعد فى ١٩١٩واختلفت الروايات فى سبب التقاعد، منها أنه أراد التفرغ للفن ومنها أنه أحيل للتقاعد بسبب مشاركته فى ثورة ١٩١٩، فقد كان نشطا فى المشاركة فى هذه الثورة وكتب فيها الأشعار الحماسية التحريضية وأصدر جريدة (المقص) للتحريض على الثورة، وقد أصدرها على شكل كتاب حتى لا تقع تحت طائلة قانون المطبوعات.
ومع نهاية الثورة تفرغ محمد بيومى لممارسة العمل الفنى وكانت أولى خطواته فى هذا الاتجاه أنه أسس وصديقه الممثل بشارة واكيم فرقة مسرحية باسم فرقة (وادى النيل) وفى عام 1920 قرر بيومى السفر إلى أوروبا، وهناك اتخذ من برلين مقرا لإقامته، ويركز على دراسة السينما وكان مدخله إلى ذلك عمله كممثل للأدوار الثانوية فى شركة (جلوريا فيلم)، ثم اتجه للعمل وراء الكاميرا كمساعد مصور، وتعرف على المصور الألمانى الشهير بارنجر الذى ساعده على شراء المعدات الأساسية اللازمة لتأسيس استوديو سينمائى صغير فى مصر من ماكينات تصوير وتحميض ومونتاج وغيرها.
وتزوج محمد بيومى من ألمانية فى ١٩٢٠ ثم سافر إلى النمسا ومنها حصل على دبلوم صناعة السينما وعاد لمصر عام 1923 وأسس أول استوديو سينمائى بمصر باسم آمون فيلم، وبدأ فى إصدار جريدة آمون السينمائية، وخصص أول أعدادها لتصوير عودة الزعيم سعد زغلول من منفاه فى جزيرة سيشل واستقباله فى القاهرة فى سبتمبر عام 1923. ثم كان أول فيلم سينمائى روائى قصير له وهو (برسوم يبحث عن وظيفة) وقام بتصويره وإخراجه وكتابة السيناريو له، بالإضافة إلى عمليات الطبع والتحميض والمونتاج، ثم فيلم (الباشكاتب) عام 1924، وفى 1925 كان اللقاء التاريخى بين محمد بيومى وطلعت حرب، الذى ترتب عليه تقريبا مسار السينما فى مصر من ناحية هياكلها الاقتصادية والصناعية بل الفنية أيضا، ففى هذا اللقاء عرض فيه بيومى على طلعت حرب أن يقوم بتصوير فيلم لمراحل إنشاء المبنى الجديد لبنك مصر ورحب طلعت حرب بالفكرة. ثم كان إنشاء أكبر منشأة سينمائية فى تاريخ مصر وهى استوديو مصر، ولم يقنع بيومى طلعت حرب بتصوير مراحل إنشاء مبنى بنك مصر فحسب بل أقنعه أيضاً بتأسيس قسم للسينما يتبع شركة إعلانات مصر، وبالفعل يتأسس ذلك القسم باسم مصر فيلم.
وكان بعد عودته إلى مصر قد التقى محمد كريم وكانا قد تقابلا فى ألمانيا ورغم الجدل الدائر حول الريادة فى السينما بينه وبين محمد كريم فإن حقيقة الأمر أن بيومى كان الأسبق، وكان قد لعب دوراً فيها، وكان أول مدير لشركة مصر للتمثيل والسينما وكانت معدات بيومى هى النواة الأولى لهذه الشركة، وكانت زوجته الألمانية قد توفيت عام ١٩٨٩م، بعد ما أنجبت له ابنة عاشت معه فى الإسكندرية وقامت بجمع تراثه بعد وفاته فى ١٥يوليو 1963.