تظل مصر من أوائل دول العالم التي عرفت صناعة السينما ويتجاوز تاريخها السينمائى الـ123 عاما. عرضت وأنتجت خلال هذه الأعوام ما يزيد على 4 آلاف فيلم بكافة أشكالها من غنائى واستعراضى وحركة وإثارة واجتماعى وحربى وتاريخى فيما لم تتجاوز تجاربها في تقديم فيلم رسوم متحركة مصرى خالص مرحلة المحاولات والتى باءت جميعها بالفشل واتجهت شركات التوزيع إلى دبلجة أفلام والت ديزنى بأصوات نجوم مصريين كبار لتعويض غياب هذه النوعية من الأفلام، وحققت بعض هذه الأفلام شهرة ونجاحا كبيرا ساعد على استمرارها وسط تجاهل وخوف من صناع السينما من المغامرة وتكرار محاولة الإنتاج لأكثر من سبب بعضها خاص بالتوزيع والبعض الآخر خوفا من عدم تقبل الجمهور التجربة خاصة أن ميزانية إنتاج فيلم رسوم متحركة تتجاوز بكثير أفلاما أخرى مضمونة النجاح في التوزيع وفى الإيرادات.
ومنذ 20 عاما بالتمام والكمال انتهى الكاتب والمخرج الكبير بشير الديك من تحويل رواية «الفارس والأميرة» إلى فيلم رسوم متحركة وعرض التجربة على المنتج عباس بن العباس ورحب بها وبدأت التجربة خطواتها الأولى باختيار فنان الكاريكاتير الراحل مصطفى حسين لرسم الشخصيات، ومع كل خطوة كانت تواجه طاقم العمل أزمات إنتاجية فيتوقف الحلم لبعض الوقت وبعد فترة تزول العقبة ليعود الحلم مجددا حتى وصل المشروع هذا العام إلى عمره الـ20 ومعه ينتهى صناعة من مراحله النهائية ويتحدد أكتوبر المقبل موعدا لعرضه.
الفيلم تدور أحداثه في القرن السابع الميلادى، داخل المحيط الهندى مع ازدهار تجارة العرب وتعدد رحلاتهم إلى شبه الجزيرة الهندية وكان قراصنة المياه يجولون البحار لمهاجمة السفن التجارية ونهبها كما كان الملك داهر، الحاكم القاسى لشمال الهند، يتغاضى عن أفعال القراصنة بل يتقاسم الغنائم معهم.
ويعرف محمد بن القاسم باختطاف نساء وأطفال التجار العرب العائدين إلى بلادهم، وبمساعدة بحّار مخضرم، ومغامر، وودود يبحر محمد بن القاسم وأصدقاؤه مع السفن التجارية لإنقاذ المختطفين، وعندما ينقذ الأميرة لبنى من القراصنة، وقعا في الحب من النظرة الأولى. لكن الأحداث تتطور عندما يظهر غاندار، الساحر المتكبر، الذي يخبر الملك داهر بنبوءة رهيبة عن نهايته على يد شاب يدعى محمد بن القاسم ويؤكد له غاندار أنه سيمنع تحقيق النبوءة بواسطة اثنين من الجان هما شمهورش وبختوع.
البطولة الصوتية لشخصيات الفيلم لمدحت صالح ومحمد هنيدى ودنيا سمير غانم وماجد كدوانى وعبلة كامل وعبدالرحمن أبوزهرة وعدد من النجوم الكبار الراحلين منهم أمينة رزق ومحمد الدفراوى وسعيد صالح وإحسان القلعاوى وغسان مطر.
مؤلف الفيلم ومخرجه بشير الديك قال لـ«المصرى اليوم»: إن ما جذبه للتجربة فكرة المغامرة باعتبارها تجربة غير مسبوقة وفى نفس الوقت تتوفر لها جميع العوامل التي تصل بنا إلى تجربة نفتخر بها جميعا من قصة جذابة وشخصيات متعددة وأحداث شيقة ومناخ أسطورى.
وأوضح أن تصوير الفيلم لم يستغرق الـ20 عاما كاملة، وأضاف: «اشتغلنا عامين في بداية العمل مع الراحل محمد حسيب والمنتج عباس بن العباس، وتوقفنا لأسباب إنتاجية، وعدنا لتنفيذه وهو تجربة يمكن وصفها بأنها «هاند ميد»، لذلك استغرقت هذه السنوات من العمل والتنفيذ».
وشدد «الديك» على أن «التجربة مماثلة ولا تقل عن تجارب ديزنى التي قدمتها، فالفيلم تتوافر فيه كافة العناصر من تنفيذ على أعلى مستوى من رسوم شخصيات وتحريكها واستعراضات ومزيكا ومعارك ومناخ أسطورى».
وتابع أنه استوحى من المراجع التاريخية أسماء المعابد التي كانت تنتشر في بلاد السند قبل أن يغزوها محمد بن القاسم الشاب الذي لم يتجاوز عمره الـ17 عاما وقاد الجيش متخذا من أسامة بن زيد مثالًا وقدوة له.
وأعرب عن اعتزازه بالتجربة وبالمستوى الذي وصلت إليه وباقتراب عرضها جماهيريا. وواصل: إن الجمهور سيجد في الفيلم ما يحترم عقليته فنحن لم نهرج أثناء تنفيذ العمل الذي يخاطب جانب الخير داخل الطفل والرجل الكبير ويحتوى على كل شىء يريده الجمهور العربى أبطالهم وأشرارهم والدراما والكوميديا والمغامرة التي تنبع من مجتمعهم في نكهة رومانسية ومشاركة من نجوم مميزين.
منتج الفيلم عباس بن العباس قال: في الوهلة الأولى يبدو مشروع فيلم سينمائى رسوم متحركة غير واقعى ولكنه كان تحديا قبلناه ولا شك أن إنتاج فيلم رسوم متحركة سينمائى مبنى على قصة عربية، مصمّمة ومرسومة بطريقة الرسوم المتحركة مع 6 أغان استعراضية وموسيقى تصويرية بمواهب محلية- هي مهمة وتجربة فريدة.
وأضاف: حماسنا لم يفتر وتصميمنا وثقتنا لم يهتزا طيلة هذه السنوات من العمل لتحقيق هذا الهدف، وتمثل التحدى في أننا نسير في مسار سبقتنا إليه شركات إنتاج ضخمة مثل ديزنى ودريم ووركس، وبالتالى القياس عليها حملنا مسؤولية أكبر ورفع سقف التحدى نظرا لفارق التجربة والموارد المالية والبشرية.
وتابع: تجربتنا تمثل خطوة تأسيسية في إنشاء صناعة عربية في مجال الرسوم المتحركه قادرة على صياغة تاريخها وأفكارها للأجيال القادمة في شكل جذاب وجودة عالية.
وواصل: «الفارس والأميرة» هو أول فيلم سـينمائى طويل رسـوم متحركة أنتج في العالم العربى وبواسـطة فنانين عرب وبالتالى نتوقع أن يحظى الفيلم باهتمام فنحن لم نكن نصنع فيلماً فحسب، بل كنا ننشئ بالفعل صناعة الرسوم المتحركة في منطقتنا. ذلك ما جعلنا نستمر كل هذا الوقت، فبناء فريق ذى معايير دولية في صناعة الرسوم المتحركة ليس بالمهمة السهلة. وأعتقد أنه إذا لم ننه مشروعنا فسوف نحبط عزيمة أي شخص أو جهة يرغب في محاولة إنتاج فيلم رسوم متحركة والعكس صحيح، وشدد على أنهم جميعا كان لديهم العزم على النجاح في التجربة.
وقال: بدت التحديات وكأنه لا يمكن التغلب عليها في وقت أو آخر خلال 20 عامًا من الإنتاج، ولكن شغفنا كان أقوى وبالطبع لم نستمر كل هذه السنوات في إنتاج الفيلم واحتفظنا بفريق صغير للعمل في الفيلم حتى نحافظ على الروح المعنوية، ونؤكد للفريق التزامنا التام بإنهاء الفيلم.
وذكر أنه بصفته منتجًا، كان هناك عبء كبيرعليه خاصةً في التمويل، وقال: كلما قضينا وقتًا أطول في الإنتاج، زاد الأمر صعوبة في خسارة كل ذلك الجهد والوقت من أجل لا شىء، لذلك استمررنا.
وأوضح أن خطة توزيع الفيلم تواجه نفس تحديات الأفلام المستقلة. وقال «نهدف إلى توزيعه على مراحل الأولى ستكون في الشرق الأوسط ونتوقع أن يلقى الفيلم اهتمامًا كبيرًا كأول فيلم في المنطقة وقصة من تاريخنا يرتبط بها الكثيرون».
من جانبه أكد المخرج المشارك إبراهيم موسى أن صناعة الفيلم طوال هذه السنوات قد تبدو طويلة لكن في النهاية نحن نؤسس لصناعه حقيقية من الممكن أن تفتح أبوابا أخرى أمام تجارب مماثلة سواء داخل مصر أو خارجها.
وقال: الفيلم تم تنفيذه بأعلى الإمكانات وأحدثها ولم نبخل عليه مطلقا لأننا كنا مدركين أنه التجربة والنواة الأولى في هذا المجال التي تحمل صنع في مصر لأن المحاولات التي تم تقديمها في هذا الشأن لم تكن عربية أو مصرية خالصة بل كانت الفكرة عربية والتنفيذ كله أمريكى ومنها تجربة فيلم «بلال» على سبيل المثال.
وأضاف: إن عدد الفنيين المشاركين في العمل يصل إلى 230 فنان تحريك وهو عدد يكشف مدى اهتمامنا بتقديم عمل لا يقل جودة ولا مستوى عما يشاهده الجمهور العربى في أعمال أجنبية لأننا ندرك تماما أننا سنوضع في مقارنة مع هذه الأعمال.
وتابع: «الفارس والأميرة» فيلم مستوحى من قصة تاريخية في القرن السابع الميلادى، يتتبع سيرة بطلنا الشاب محمد بن القاسم مع لمسة خيالية تناسب أفلام الرسوم المتحركة ولم يستوعب محمد بن القاسم وهو في الخامسة عشرة من عمره مفهوم المستحيل عندما أخذ على عاتقه إنقاذ النساء والأطفال الذين اختطفهم القراصنة في البحر الهندى وصاغت تلك المغامرة شخصية القائد العظيم وفى السبعة عشر ربيعا كان محمد بن القاسم على استعداد ليترك مرة أخرى مدينته البصرة، لمواجهة الطاغية الملك داهر مع صديقه زيد ومعلمه أبى الأسود في مغامرة صعبة لتحرير الأسيرات وفتح بلاد السند.
من جانبه قال المؤلف الموسيقى هيثم الخميسى: «(الفارس والأميرة) فيلم مغامرات عائلى روائى كوميدى تم نسج السيناريو من قصه تاريخية في إطار خيالى إنسانى عاطفى كوميدى غنائى ويضم ست أغان واسـتعراضات كلها تدخل في نسيج العمل بما فيها أغنية النهاية التي تؤديها الفنانة لقاء الخميسى ونؤكد من خلالها أنه لا يوجد مستحيل طالما هناك قوة بداخلك».