مع ارتفاع درجات الحرارة، ودخول فصل الصيف، تشهد منطقة الموسكى والعتبة حرائق متكررة كل عام، وتسفر عن تدمير عدد من المحال، وتصل في بعض الأحيان إلى خسارة في الأرواح البشرية وتفحم الجثث، وآخر هذه الحرائق حريق سوق الخضار، حيث أتت النيران على 70 محلًا، وما أعقبه من تشكيل لجان لفحص خسائر الحريق وتقدير قيمة الخسائر.
وفى معظم الحرائق يكون الماس الكهربائى وراء اندلاع النيران، فيما لا يزال البحث جاريا عن الأمن الصناعى الغائب. وأظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالى حوادث الحريق التي تم رصدها خلال عام 2016 بلغ عددها 45 ألفًا و697 حادثا، واحتلت القاهرة المركز الأول من حيث العدد بـ7289 حادثا، وهو ما شكل نسبة 16% من إجمالى عدد الحوادث.
ووفقاً لبيانات جهاز الإحصاء، جاءت محافظة البحيرة في المركز الثانى بعد القاهرة بـ3408 حوادث بنسبة 7.5%، تلتها حوادث الحريق التي نشبت بمحافظة سوهاج، والتى بلغ عددها 3323 بنسبة 7.3% من إجمالى حوادث الحريق خلال عام 2016. أما المحافظات الأقل في عدد الحرائق التي نشبت بها، فتمثلت في محافظتى شمال وجنوب سيناء، حيث لم تحدث أي حرائق في تلك المحافظتين سوى 69 مرة فقط بمحافظة شمال سيناء بنسبة 0.2%، و288 حادثا بجنوب سيناء بنسبة 0.6% من إجمالى عدد حوادث الحريق على مستوى الجمهورية. وأشار جهاز الإحصاء إلى ان المؤسسات والمنشآت الحكومية كان لها نصيب من الحرائق فقد شهدت 788 حادث حريق، تلتها المنشآت الصناعية التي تعرضت لـ696 حادث حريق خلال 2016.
يشهد موسم الشتاء كل عام بعض البلاغات عن حدوث حرائق، ولكنه يمر دون مشاكل.
أما موسم الصيف، فيشهد بلاغات كثيرة تتلقاها الإدارة العامة للحماية المدنية، تصل لـ100 بلاغ يوميا، حسب روايات مصادر من داخل الإدارة بإجمالى 3 آلاف حريق شهريًا.
تشهد منطقتا العتبة والموسكى غالبية تلك الحرائق بسبب عدم وجود تراخيص لمعظم المحال التجارية الموجودة بالمنطقتين، وبالتالى عدم وجود احترازات أمان ضد الحرائق، ويحتاج الانضمام للعمل بالإدارة لضباط بمهارات، خاصة نظرًا لصعوبة وطبيعة العمل في مجال الحماية المدنية.
وعن أسباب انتشار الحرائق في الصيف، قالت مصادر في الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة إنها ترجع إلى التوصيلات الكهربائية العشوائية، وكثرة استخدام المكيفات،وتشغيلها لفترات طويلة على مدار اليوم، ما يتسبب في حدوث ماس كهربائى يمتد إلى الغرف والبيوت والمحال التجارية، وهو ما حدث في منطقة سوق الخصار بالعتبة، منذ أيام عندما تسبب ماس كهربائى في حدوث حريق نال من عدد كبير من المحال التجارية. وأضافت المصادر أن ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في حرق بعض المنتجات التي لا تحتاج لدرجة حرارة عالية مثل «الحراير والورق والقماش»، لأن الحرارة المرتفعة مع المادة تسبب اشتعالا خاصة في أماكن التخزين السماوى أي الأماكن المفتوحة دون غطاء أو سقف والتى تظل داخل مخازن مكشوفة للشمس.
وعن أرقام المحاضر التي يتم تحريرها على مدار الشهر فيما يتعلق بالحرائق والتى تتعامل معها الإدارة العامة للحماية المدنية، قالت المصادر: «نستقبل 100 بلاغ يوميا وهذا رقم تقريبى أي أن عدد البلاغات يقترب من 3 آلاف بلاغ يتعلق بالحرائق بأنواعها شهريا، والإدارة تتعامل مع بلاغات أيضا في الشتاء بسبب الدفايات، والضباط والأفراد مستعدون للتعامل مع الحرائق بانواعها وعلى مدار الساعة ولا يغفلون بلاغا دون التحرى والتعامل معه أيا كانت المسافة ونوع البلاغ». وتابعت المصادر أن انتشار الحرائق بكثرة في منطقتى العتبة والموسكى لكثرة المخازن العشوائية ومخلفات القمامة وعدم توافر عناصر الحماية المدنية وعدم وجود وسيط إطفائى بتلك المناطق، وغياب التراخيص الذي يتسبب في قيام الإدارة بحملات توعية للمواطنين بأخطار الحرئق وكيفية تفاديها، وهذا يحدث في المدارس والكليات والمصانع وكذلك في معاهد تدريب للمدنيين.
وواصلت المصادر حديثها لـ«المصرى اليوم» قائلة: «ضابط الحماية المدنية يدخل الإدارة برغبته ودون إكراه من أحد وبعد اختياره يتم تأهيله ولكن يشترط في الضابط الذي يرغب في الانتماء للحماية المدنية أن يكون صغير السن ويتمتع ببنيان معين حتى يستطيع تحمل العمل الشاق لمواجهة جميع البلاغات التي تحتاج إلى جهد خطير في مواجهة الدخان والنيران فضلا عن الأماكن المرتفعة التي تحتاج لمجهود خاص في التعامل».
وعن تأمين المطارات والموانئ المصرية من الحرائق قالت المصادر: «لدينا سيارات مخصصة بمواصفات خاصة للتعامل داخل هذه المقار الحيوية لديها القدرة على المكافحة وتعمل وتسير بالريموت بدون تدخل البشرى ولها مدفع لضخ المياه لمسافات كبيرة جدا». وطالبت المصادر المواطنين بضرورة الحصول على تراخيص رسمية للمحال التي يعملون بها، وأن تكون البلاغات التي تصل للإدارة صحيحة حتى لا يضيع وقت رجال الحماية المدنية في التحرك لفحص بلاغات وهمية أو ضعيفة. وسبق أن تعرضت منطقة العتبة والموسكى لكوارث مماثلة في سنوات سابقة، ففى يوليو 2018، شب حريق هائل في مول تجارى بحارة اليهود بسبب ماس كهربائى، والتهمت النيران 6 طوابق كاملة، وأسفر الحادث عن إصابة أحد الباعة بحالة اختناق جراء تصاعد الأدخنة وألسنة اللهب، وتم العثور على جثة طفل متفحمة بعد الواقعة بأيام، وتبين أنه كان يعمل في منطقة الحريق.المزيد
شدد اللواء جمال حلاوة، مساعد الوزير الداخلية للحماية المدنية السابق، على ضرورة ايجاد قانون رادع لأصحاب المحال التجارية غير المرخصة خاصة بمنطقة العتبة والموسكى وباب الشعرية التي وصفها بالكارثية، حيث تفتقر هذه المناطق لاحتياطات الأمان، موضحا أن القانون الحالى يقضى بغرامة ألف جنيه مع إغلاق المنشأة الذي يعد صوريًا.
وطالب حلاوة بزيادة أعداد العاملين بقطاع الحماية المدنية؛ نظرا للتوسعات العمرانية بالمدن الجديدة، ما يعد عبئا إضافيا على العاملين بالقطاع، وطالب الأحياء بفحص تراخيص المحال التجارية والتأكد من عدم تغيير النشاط ووجود احتياطات الأمان خاصة، في ظل وجود فنادق من 9 طوابق تحولت إلى مخازن.
وأضاف أن هناك أسبابا كثيرة جدا لحدوث الحرائق في مصر منها على سبيل المثال لا الحصر ضعف الأسلاك الكهربائية الرديئة وغير المطابقة للمواصفات الموجودة بالشقق أو المنشآت، والتى يقوم أصحابها بتركيب تكييفات وتشغيل أدوات كهربائية كثيرة على أسلاك كهربائية ضئيلة لا تستوعب الضغط الكهربائى الذي تم تحميله عليها.
وأشار حلاوة إلى أن المصانع والمخابز والمحال التجارية والمخلفات الموجودة بالشوارع وبالقرب من المنشآت تتسبب في زيادة أعداد الحرائق فضلا عن عدم وجود عناصر أمان أو تامين للمبنى .المزيد