فى مذكرة صادرة عن البنك الدولى فى 11 ديسمبر من العام الماضى، قال خبراء البنك إن مصر استجابت لخطة الانسحاب من تمويل البنية الأساسية وإتاحتها للقطاع الخاص، مقابل توجيه استثمارات الدولة لما سماه البنك «الاستثمار فى الإنسان» لتوفير التعليم والخدمات الصحية.
ولكن انتظارًا لإتمام تلك المرحلة الانتقالية بين انسحاب الدولة ودخول القطاع الخاص فى تنفيذ وإدارة منظومة المواصلات، تبقى الحاجة قائمة فى المحافظات المختلفة، لتنفتح المساحة أمام التوك توك والميكروباص لملء الفراغ.
وبحسب خالد قاسم، المتحدث الإعلامى باسم وزارة التنمية المحلية، فى تصريحات صحفية منشورة بتاريخ 22 نوفمبر 2018، تحتل محافظة الدقهلية المركز الأول من حيث أعداد التوك توك بالمحافظات، حيث يوجد بها 96 ألف عربة تم ترخيص 22 ألفًا منها، تليها محافظة المنيا التى يوجد بها 60 ألف عربة تم ترخيص 11 ألفا منها، ثم محافظة سوهاج التى يوجد بها حوالى 17 ألف مركبة توك توك تم ترخيص حوالى 20 ألفًا منها، بينما جاءت محافظة شمال سيناء كأقل المحافظات المصرية استخداما للتوك توك، حيث بلغ عدد المركبات بها 1425 مركبة، تم ترخيص 880 منها.
فى أسوان، كما فى كثير من محافظات الصعيد؛ ظهر التوك توك كوسيلة مواصلات رخيصة وسط ترحيب من الأهالى، ولكن فى غضون سنوات قليلة تحولت تلك العربة الصغيرة ذات العجلات الثلاث إلى صداع فى رأس المدينة، وبات لجوء المواطنين إليها بحكم الاضطرار يحمل الضيق والرفض.
يقول محمد محفوظ، من أهالى أسوان، إن السير عكس الاتجاه هو السمة الغالبة لهذه المركبة، مما يعرض حياة السائقين والركاب للخطر ويتسبب فى اختناقات مرورية، إضافة إلى المواقف العشوائية التى أقامها السائقون داخل المناطق السكنية وبالقرب من المزلقانات، والسير برعونة فى الشوارع الرئيسية وعلى الطرق السريعة.
أما فى أسيوط، فيصف بعض المواطنين وجود التوك توك بالكارثة، ويتهمونه بالمسؤولية عن أغلب جرائم الخطف والسرقة والقتل التى تشهدها المحافظة، خاصة مع غياب التراخيص التى تسهل من الردع والقبض على مرتكبى الجرائم. وبحسب تقارير لإدارة المتابعة الميدانية فى محافظة أسيوط، تصل أعداد عربات التوك توك فى المحافظة إلى حوالى 150 ألف مركبة غير مرخصة. ويستحوذ مركزا ديروط وأبوتيج على العدد الأكبر من هذه المركبات، وذلك على الرغم من التصريحات المتكررة للمسؤولين التنفيذيين فى أسيوط بشأن إصدار التراخيص. وبحسب بيانات مديرية أمن أسيوط، تسبب التوك توك فى 18 حادثا مروريا خلال عام 2018 بسبب سيره على الطرق السريعة.
فى ديسمبر الماضى، انقضت المهلة الخامسة التى حددها محافظ أسيوط اللواء جمال نور الدين لتقنين أوضاع مركبات التوك توك بالمحافظة، وترخيصها طبقا للقرار رقم 1601 لسنة 2018 ووفقاً لأحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 وتعديلاته، ووضع تعريفة وتحديد خطوط للسير، إلا أنه لا توجد استجابة فعلية للقرار.
يقول محمود على زيدان، سائق توك توك: «مسؤولو المحافظة وعدوا السائقين بالترخيص، وقمت بالذهاب إلى مجلس المدينة وسلمت أوراق التوك توك لإنهاء الإجراءات، لكنى فوجئت بأنهم يريدون منى مبالغ مالية شهرية مقابل الرخصة. وأنا لا أمانع فى ذلك، لكنى وجدت أننى سأكون الوحيد الذى يقوم بهذا الإجراء بينما جميع من يعمل على توك توك لن يدفع ولن يرخص».
العميد أشرف مرسى، مدير إدارة المرور بأسيوط، أكد أن إجراءات الترخيص تتم فى يوم واحد فى حالة اكتمال أوراق التوك توك، من خلال مندوبين من إدارة المرور فى كل مركز، تسهيلاً لأصحاب تلك المركبات وتشجيعًا لهم على استكمال باقى الإجراءات، لافتا إلى أنه يتم شن حملات مرورية بجميع المراكز لضبط المخالفين.
أما الأقصر فنجحت فى تجربتها مع تقنين وضع مركبات التوك توك بها، حيث انتهت سلطات المحافظة من ترخيص كافة مركبات التوك توك البالغ عددها 2000 مركبة، وذلك بتحديد التعريفة وخطوط السير المقررة لهم، بالإضافة إلى منع سيرها فى الطرق الرئيسيّة ومدينة الأقصر، وفى المسار السياحى، مع التطبيق الصارم لقرار مصادرة التكاتك حال سيرها فى المناطق الأثرية.
وأصدرت محافظة الأقصر فى قت سابق عدة قرارات بحظر سير مركبات التوك توك بالشوارع الرئيسية بالمدينة، منذ أكثر من عام، نظرًا للطبيعة السياحية، بالإضافة إلى قرار حظر سير التكاتك على الطرق السريعة بين مدن ومراكز المحافظة، حفاظًا على الأرواح وتسييرًا للحركة المرورية.
وترجع الإجراءات الحاسمة للأقصر تجاه التوك توك إلى تعدد الحوادث التى نجمت عنه، خاصة فى مركز إسنا الذى شهد عددًا كبيرًا من حالات الوفاة والإصابة نتيجة سير التوك توك على الطرق السريعة به.
خلال 3 سنوات فقط، قفز سعر عربة التوك توك فى المنيا من 18 إلى 40 ألف جنيه، وانتشرت «الجمعيات» الادخارية كى تتمكن الأسر فى واحدة من أعلى محافظات مصر فقرًا من شراء عربة توك توك يمكنها أن تخرج بالأسرة من الفقر إلى بعض من بحبوحة العيش.
خلال السنوات الثلاث الماضية انتشرت عربات التوك توك بشكل عشوائى فى محافظات المنيا، لكن انتشارها أسهم فى انخفاض معدلات البطالة، مع انتشار المهن المعتمدة على وجود عربات التوك توك، بدءًا من مهنة قيادته مرورًا بورش الصيانة ومحال قطع الغيار، ما دفع مواطنين للمطالبة بفتح باب استيراد التوك توك والمطالبة بتقنين أوضاعه. فيما أكدت التقارير الأمنية مساهمته فى ارتفاع معدلات الجريمة وانتشار المخدرات والأعمال المنافية للآداب، وطالبت بالمزيد من القوانين والقرارات التى تحد من وجوده.
العميد حسام الشايب، مدير إدارة المرور ببنى سويف، يؤكد أن قرار الترخيص صدر لسير التوك توك داخل الطرق الترابية بعيدا عن شوارع المدينة، وأن إدارة المرور ببنى سويف وضعت مواصفات فنية خاصة فى التكاتك التى يسمح لها بالترخيص وحظر استخدام التوك توك إلا فى نقل الأشخاص بحد أقصى 6 ركاب بأجر، وفقًا للاشتراطات الفنية والتصنيعية التى يصدر بها قرار من وزارة التجارة والصناعة، بالإضافة إلى منع تسيير مركبات التوك توك فى عواصم المحافظات أو المدن أو إليها أو فى الطرق الرئيسية والسريعة، على أن يقتصر سيرها فى الطرق الفرعية الداخلية.
وأكد المستشار هانى عبدالجابر، محافظ بنى سويف، أنه تم التأكيد على ضرورة انطباق الاشتراطات الفنية والتنظيمية على التكاتك التى سيمنح لها التراخيص، والتى من أهمها منع تسيير مركبات التوك على الطرق الرئيسية والسريعة وأن يقتصر سيرها فى الطرق الفرعية الداخلية، فضلًا عن تكثيف الحملات المرورية بالتنسيق بين إدارة المرور والوحدات المحلية والجهات المعنية لإلزام سائقى التوك توك بالالتزام بخطوط السير المحددة، والحد من التكدس المرورى الذى قد يكون التوك توك سببًا أساسيا له أحيانًا، مشيرًا إلى أنه كلف المرور بإعداد تصور لتنظيم عمل التكاتك بالشوارع وخطوط السير بما يحقق السيولة المرورية.
ومن «أبوتشت» شمالًا حتى «قوص» جنوبًا، تنتشر الفوضى فى الشوارع مع انتشار عربات التوك توك وغياب التراخيص والتنظيم، فضلًا عمّا تشهده محافظة قنا من غياب للرقابة المرورية؛ ما تسبب فى غضب المواطنين رغم احتياجهم للتوك توك.