x

«صفقة القرن» تروّج للسلام الاقتصادي وتؤجل قضايا الصراع الكبرى (تقرير)

الأحد 23-06-2019 23:11 | كتب: عنتر فرحات |
فلسطينيون خلال احتجاجات سابقة تندد بـ«صفقة القرن» وبورشة المنامة فلسطينيون خلال احتجاجات سابقة تندد بـ«صفقة القرن» وبورشة المنامة تصوير : آخرون

واجهت الرؤية الاقتصادية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، والمعروفة إعلاميًا باسم «صفقة القرن»، رفضًا وسخطًا واسع النطاق فى العالم العربى على المستويين الشعبى والرسمى، بعد أن كشف جاريد كوشنر، صهر ترامب، مستشاره فى البيت الأبيض، بعض معالمها الاقتصادية، مساء أمس الأول، قبل الإعلان عن تفاصيلها رسميًا، فى ورشة المنامة، المقررة يومى 25 و26 من الشهر الجارى، بمشاركة واشنطن ومؤسسات دولية ودول عربية وقوى إقليمية أخرى، وتأجيل قضايا الصراع الأساسية حتى إجراء الانتخابات الإسرائيلية فى نوفمبر المقبل.

وجدد الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» تعهده برفض «صفقة القرن»، وأكد أن الفلسطينيين سيُفشلونها.

وقال، خلال اجتماع اللجنة المركزية لحركة «فتح» فى رام الله، إن الفلسطينيين لن يحضروا «ورشة المنامة» الاقتصادية بشكل فردى ولا على المستوى الرسمى، وجدد «أبومازن» التأكيد أن السلطة لن تتسلم أى أموال منقوصة أو مقطوعة من الاحتلال، بل ستتسلمها كاملة.

ورفضت منظمة التحرير الفلسطينية خطط «كوشنر»، باعتبار أن «كلها وعود نظرية»، وأصرت على أن الحل السياسى هو الحل الوحيد للصراع، وقالت إنها محاولة لرشوة الفلسطينيين لقبول الاحتلال الإسرائيلى.

وكان حزب الله قد وصف الخطة بأنها «جريمة تاريخية» يجب وقفها.

وأكدت المقاومة الفلسطينية رفضها «صفقة القرن»، وقال منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامى لحركة «فتح»: «إن الإدارة الأمريكية تقترح حلًا قائمًا على استخدام المال العربى لقتل الطموحات السياسية للشعب الفلسطينى».

ودعا «الجاغوب» العرب إلى ألا يسمحوا للولايات المتحدة بابتزازهم بهذا الشكل المُهين، وأن يقوموا بإعادة طرح المبادرة العربية للسلام وتوفير الغطاء المالى اللازم لتنفيذها.

وبدوره، أكد المتحدث باسم «حماس»، عبداللطيف القانوع، أن مقترحات «كوشنر» الاقتصادية تكشف أهداف ورشة المنامة لتحويل قضية الشعب الفلسطينى إلى قضية إنسانية واقتصادية، بهدف تمرير «صفقة القرن»، وهو ما يرفضه الفلسطينيون، وسيواصلون نضالهم لإفشاله.

وأوضح أن الإدارة الأمريكية تواصل وهمها بأن الشعب الفلسطينى يمكن أن يقايض حقوقه ومقدساته بأى مشروعات وأموال، وفى حين أُحيطت الخطوط العريضة للخطة السياسية بالسرية، لكنها تفتقر إلى الحل السياسى.

وقال «كوشنر» إن الشق السياسى الذى لم يكشف عنه لن يُطرح للمناقشة فى المنامة، ولكن فى نوفمبر المقبل، بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية. ويقول مسؤولون اطّلعوا عليها إن «كوشنر» تخلى عن حل الدولتين، وتشمل خطة «السلام من أجل الازدهار» إنشاء صندوق استثمار عالمى لدعم اقتصاد الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، مصر والأردن ولبنان، بقيمة 50 مليار دولار، واستحداث مليون وظيفة خلال 10 سنوات، وإنفاق نصف المبلغ فى الأراضى الفلسطينية، وتشمل 179 مشروعًا للبنية الأساسية وقطاع الأعمال، وستتم إقامة بعض المشروعات فى سيناء، وتقترح الخطة مليار دولار لبناء قطاع السياحة الفلسطينى.

وأضاف «كوشنر»، لتليفزيون وكالة «رويترز»، مساء أمس الأول، أن إدارة ترامب تأمل أن تغطى دول أخرى، وبشكل أساسى دول الخليج الغنية، ومستثمرو القطاع الخاص، قدرًا كبيرًا من الميزانية. وأضاف: «الفكرة كلها أننا نريد أن يوافق الناس على الخطة، ثم نُجْرِى بعد ذلك مناقشات مع الناس كى نعرف مَن منهم مهتم بماذا». وتابع «كوشنر» أنه يرى أن خطته المفصلة ستغير قواعد اللعبة، موضحًا: «تلك ستكون فرصة القرن إذا كانت لديهم الشجاعة للالتزام بها».

واعترف «كوشنر» بأنه «من غير الممكن أن تدفع بخطة اقتصادية قدمًا دون حل القضايا السياسية، سنناقش ذلك فى وقت لاحق»، موضحًا أن نهجه يهدف لعرض الحوافز الاقتصادية ليُظهر للفلسطينيين إمكانية وجود مستقبل مزدهر لهم إذا عادوا إلى طاولة التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وأكد أنه لا يتوقع من الحكومات المشاركة تعهدات مالية فورية، وأضاف: «حضورهم جميعًا للمشاركة والاستماع انتصار صغير، فى الأيام الخوالى كان الزعماء الفلسطينيون يتحدثون ولا يعارضهم أحد».

ويقول مُحلِّلون ومسؤولون أمريكيون سابقون إن «كوشنر»، 38 عامًا، يتعامل مع إحلال السلام بطرق مشابهة لصفقات الأعمال، وأوضحوا أن محاولته تحديد الأولويات الاقتصادية أولًا وتهميش الجوانب السياسية تتجاهل حقائق الصراع والقضايا الأساسية، المتمثلة فى الحدود واللاجئين والمستوطنات والدولة الفلسطينية.

وقال آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق فى ملف الشرق الأوسط: «هذا خارج عن السياق لأن جوهر القضية الإسرائيلية الفلسطينية يكمن فى جروح تاريخية ومطالبات متناقضة بالسيادة على الأرض وعلى مواقع مقدسة».

وسيُدير صندوق الاستثمار الجديد، الذى اقترحه «كوشنر» للفلسطينيين والدول المجاورة، مصرفًا للتنمية متعدد الأطراف، وأحد المشروعات المقترحة إقامة ممر لتنقل الفلسطينيين بين الضفة وغزة عبر إسرائيل، ويشمل طريقًا سريعًا، وربما خطًا للسكك الحديدية، وتبلغ أقصر مسافة بين الضفة الغربية وقطاع غزة نحو 40 كيلومترًا.

ويرى «كوشنر» أن نهجه الاقتصادى فى التعامل مع الصراع يماثل خطة مارشال التى طرحتها واشنطن عام 1948 لإعادة إعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، ولا تطرح الخطة الاقتصادية أى مشروعات للتنمية فى القدس الشرقية، التى اعترفت بها واشنطن عاصمة لإسرائيل ونقلت سفارتها إليها.

وتدعو الخطة إلى استثمارات ضخمة لتحسين إنتاج الكهرباء وإمدادات مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحى فى الأراضى الفلسطينية، وتوفير هبات وقروض بفوائد متدنية بقيمة 590 مليون دولار لتحديث محطة إنتاج الكهرباء فى غزة، واستحداث عشرات آلاف الوظائف، مع العمل على دمج الاقتصاد الفلسطينى مع اقتصادات الدول العربية المجاورة، وتوفير 900 مليون دولار هبات لتحسين محطات شحن البضائع وشق طرقات خاصة للحد من الوقت الذى تستغرقه عمليات الشحن التجارى عبر الحدود وخفض تكلفتها، وتوفير 500 مليون دولار لإقامة جامعة جديدة فى الضفة أو غزة، وتخصيص 30 مليون دولار لإعداد النساء لرفع حصتهن ضمن القوى العاملة من 20 إلى 35%، وتخصيص 1.5 مليار دولار من القروض متدنية الفوائد و500 مليون دولار من الهبات لتطوير المواقع السياحية والترويج للسياحة فى الأراضى الفلسطينية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية